مسؤول في اللجنة المنظمة لمونديال قطر 2022 يتحدث لـ"سبوتنيك" عن بطولة استثنائية

تحدث جاسم تلفت، المدير التنفيذي للمنشآت الرياضية في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، المسؤولة عن تنظيم فعاليات بطولة كأس العالم "قطر 2022"، لـ"سبوتنيك"، عن جاهزية الملاعب والبنية التحتية وملف اليد العاملة.

كما وتحدث تلفت، عن الاستفادة من التجربة الروسية في التنظيم والتعاون المتبادل مع عدد من الدول في هذا المجال، وعن تصميم الملاعب التي تعكس تاريخ وهوية المنطقة، مرحبا بالجماهير من مختلف أنحاء العالم لزيارة قطر، حيث سيكونون على موعد مع بطولة استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. 

- كيف تسير خطط الإعمار وبناء المنشآت ومدى تطابقها مع البرنامج الزمني الموضوع وتأثير جائحة كورونا عليها؟

- تسير الاستعدادات للبطولة وفق الجداول الزمنية المحددة، فقد اكتمل ما يزيد عن 95% من مشاريع البنية التحتية في الوقت الذي يفصلنا فيه أقل من عامين على انطلاق البطولة.

وقد شهدنا حتى الآن الإعلان عن جاهزية أربعة استادات من أصل ثمانية مخصصة للبطولة كان آخرها استاد أحمد بن علي، رابع استادات المونديال جهوزية بعد استاد خليفة الدولي، والجنوب، والمدينة التعليمية، لتحقق اللجنة العليا للمشاريع والإرث بذلك نجاحا استثنائيا في مشوارها نحو المونديال المرتقب، النسخة الأولى من نوعها في الشرق الأوسط والعالم العربي.

 

وتسير أعمال تشييد البنية التحتية التي تنفذها الدولة لخدمة البطولة في المسار المرسوم لها، حيث يعمل مترو الدوحة بكامل طاقته، وتوشِك الطرق المحلية والطرق السريعة على الانتهاء، وتمضي أعمال توسعة مطار حمد الدولي وفق الخطة المرسومة، ونشهد في كل شهر افتتاح العديد من الفنادق والوجهات السياحية.

وفيما يخص الجائحة، فبفضل الاستجابة القوية لفريقنا المعني برعاية العمال، تواصلت الاستعدادات للبطولة واتخذنا جميع الإجراءات اللازمة لضمان الصحة والسلامة بما يتماشى مع الضوابط الحكومية.منذ بداية جائحة "كورونا"، تباطأت معدلات العمل قليلا، حرصا منا على صحة وسلامة كل فرد من عمالنا، غير أن هذا لم يؤثر بأي شكل على الجدول الزمني والاستعدادات لبطولة كأس العالم بوجه عام. وقد اتخذت اللجنة العليا للمشاريع والإرث كافة الإجراءات الضرورية لحماية العمال وفق التدابير الوقائية التي أقرتها وزارة الصحة العامة للحماية من خطر الإصابة بفيروس "كورونا".

ومن بين تلك الإجراءات التي اتخذناها عقد جلسات للتوعية في مواقع العمل وأماكن الإقامة، وقياس درجة الحرارة لكل عامل مرتين يوميا، وتوزيع الكمامات والمواد المعقمة على العمال في جميع 
مشاريع اللجنة العليا، ومنع الزيارات غير الضرورية إلى مواقع المشاريع، وتخصيص غرف للحجر الصحي في موقع خاص لكافة عمال اللجنة المصابين بالتنسيق مع وزارة الصحة.

هذا علاوة على تنفيذ إجراءات التعقيم في المرافق الصحية، والتزام جميع أطقم الرعاية الصحية بالإجراءات الوقائية الصادرة عن وزارة الصحة العامة، والإعفاء المؤقت للعمال الذين يعانون من أمراض مزمنة ومن هم فوق سن 55 عاما من التوجه إلى مواقع العمل كونهم أكثر عرضة لمخاطر الإصابة بالفيروس".

كما استفدنا من عياداتنا الطبية المنتشرة في جميع مواقع البناء وأماكن إقامة العمال في التنفيذ الفوري لهذه الإجراءات، وأعدنا النظر في خططنا الخاصة بالطوارئ، وحرصنا على تعديلها لنضمن جاهزيتنا واستعدادنا في حال طالت فترة الوباء.

وأسهمت استضافتنا للبطولات الكبرى في الفترة السابقة في صقل معرفتنا وخبرتنا العملية بكيفية تنظيم الأحداث الرياضية الضخمة بشكل ناجح وآمن خلال تفشي الأوبئة، وبفضل هذه البطولات، تمكنت قطر من اختبار جاهزية مرافق بطولة كأس العالم والمهام اللوجستية المتعلقة بالفرق في الاستادات والفنادق ومواقع التدريب.

ما هي الضمانات التي يوفرها الجانب القطري للأيدي العاملة بخصوص ساعات العمل والأجور والأنشطة الترفيهية المقدمة والسكن المخصص لهم؟

- تحتل رعاية العمال أهمية قصوى لدى اللجنة العليا للمشاريع والإرث مع وجود فرق متخصصة لديها في هذا المجال منذ عام 2013.

لم يكن الفوز بملف استضافة البطولة متعلقا بفرصة استضافة أكبر حدث رياضي من نوعه وحسب، بل جاء بمثابة خطوة للأمام لترك إرث اجتماعي وإنساني من خلال برامج كرعاية العمال، حيث تعمل اللجنة العليا على تسخير قدرة كرة القدم في التحفيز على إحداث تطور على الصعيد الإنساني، والاجتماعي، والبيئي في المجتمعات في قطر والمنطقة وقارة آسيا.

عقب الفوز بشرف استضافة المونديال بوقت قصير، نفذت اللجنة العليا للمشاريع والإرث برنامجا أساسيا للتعرف على وجه السرعة على مواطن التحسن في ممارسات رعاية العمال، ونتج عن ذلك تأسيس ميثاق العمال في عام 2013 والذي كان بمثابة حجر الزاوية لمعايير رعاية العمال التي أعلنت عنها اللجنة في عام 2014، وما تلتها من نسخ محدثة في عامي 2016، و2018.

وتهدف هذه المعايير لضمان صحة وأمن وسلامة ورفاه كافة عمال مشاريعنا وتغطي كامل رحلة العامل بدءا من توظيفه مرورا بفترة عمله وحتى انتهاءها، وتعد أحد البنود الملزمة تعاقديا في المناقصات الخاصة باللجنة العليا للمشاريع والإرث ويلتزم مقاولونا بتطبيقها بشكل صارم".

ونسعى من خلال التعاون والتواصل المستمر مع شركائنا إلى تسليط الضوء على الجانب الإيجابي الوارد إلينا منهم والاستفادة من أية خروقات أو تجاوزات أو حالات عدم امتثال لتكون دروسا لنا تسهم في تحسين أدائنا وصحة عمالنا وسلامتهم.

وتحقيقا لذلك، نلتزم التزاما تاما بمراقبة ورصد ومراجعة كافة المشروعات التي نقدمها لضمان تطبيق أعلى معايير الصحة والسلامة في مواقع البناء. ونسعى لأن نبرز، من خلال هذا التعاون الوثيق مع شركائنا، أهمية تنسيق الجهود لتحقيق الإنجازات التي تخص معايير الأمن والسلامة.

 

كما قامت اللجنة العليا بتطوير العديد من المبادرات التي من شأنها تحسين أوضاع العمال، كتكوين منتديات لرعاية العمال والتي تتيح لهم انتخاب ممثلين عنهم للحديث باسمهم ومناقشة أية مخاوف لديهم دون مخافة التعرض لأية عواقب، وتعيين مسؤولين عن رعاية العمال في كافة برامجها، وتطوير آلية لتقديم الشكاوى، وغيرها.

وقد ساهمت اللجنة العليا في تخفيف الأعباء عن كاهل العمال من خلال إنشاء نظام سداد رسوم التوظيف غير القانونية المدفوعة ببلادهم قبل السفر إلى قطر من قبل المقاولين وأرباب العمل، وهو ما يصب في تحسين قدرة أولئك العمال على تقديم الدعم لعائلاتهم بشكل أفضل وبناء مستقبلهم.

وقد حاز النموذج الذي قدمته اللجنة العليا للمشاريع والإرث في الاهتمام بملف رعاية العمال على اهتمام منظمة العمل الدولية ووزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، وشهدوا كذلك حضور العديد من منتديات رعاية العمال وعمليات الانتخاب.

وقد أسهمت الجهود التي بذلتها اللجنة العليا للمشاريع والإرث في تعزيز جهود الدولة في هذا الاتجاه فيما يخص الإصلاحات الخاصة بالعمالة الوافدة، وتعمل دولة قطر عن كثب مع عدد من الشركاء الدوليين في هذا الشأن، وتعد من الدول الرائدة في منطقة الخليج في الرقي بمعايير العمال.

ولعل الشاهد على ذلك الإصلاحات الأخيرة التي أجرتها الدولة بإنهاء العمل بنظام الكفالة، والحد الأدنى للأجور دون تمييز، وهو ما جاء بمثابة تأكيد إضافي على التزام الدولة بإيجاد نظام عمل ديناميكي وحديث يعود بالنفع المباشر على العمال والموظفين والدولة بأكملها.

وفيما يخص سكن العمال، تدرك اللجنة العليا للمشاريع والإرث الاستقلالية الكاملة للعاملين في مشاريعها، إلا أننا لا نستطيع أن نغفل مسؤوليتنا تجاه ضمان حصولهم على مسكن ملائم خلال فترة عملهم في مشاريع اللجنة العليا.

ولابد أن تلبي أماكن السكن هذه كافة احتياجاتهم من راحة وخصوصية، وتوفير مرافق ترفيهية ورياضية، إضافة إلى خدمات تغذية مناسبة وغيرها.

وبالرغم من أن اللجنة العليا للمشاريع والإرث ليست التي تمتلك أو توفر أيا من أماكن السكن للعمال، إلا أن من مسؤولية مقاولينا توفير السكن الملائم للعمال مزود بكافة التجهيزات خلال مدة العمل في مشاريع اللجنة العليا. ونحرص على إجراء عمليات تفتيش دورية لضمان تلبية كافة أماكن السكن المتطلبات المقررة في معايير رعاية العمال التي وضعتها اللجنة العليا وتتيح للعمال مجال اتباع أنماط حياة صحية والتي بدورها تساهم في خلق بيئة عمل آمنة ومنتجة.

- هل استفاد الجانب القطري من التجربة الروسية في بناء الملاعب والمنشآت الرياضية المرافقة للحدث، كمناطق المشجعين؟

- شارك أكثر من 180 موظفا من اللجنة العليا وشركائها خلال مونديال روسيا 2018 في برامج الرصد والمراقبة والإعارة للتعرف عن كثب على مختلف جوانب تنظيم البطولة، واكتساب الخبرة اللازمة وتوظيفها في بطولة قطر2022

وقد شكلت تلك البرامج فرصة قيمة لتحديد مواطن قوة البطولة والاستفادة منها في استضافة بطولة كروية استثنائية في قطر 2022، وكذلك أفضل الممارسات التي تم تطبيقها خلال بطولة روسيا، والدروس المستفادة خاصة في مجالات البنية التحتية، وإدارة الاستادات، والتطوع، وإدارة النفايات، والأمن والسلامة، واللوجستية، والاتصالات، وغيرها".

 

كما يعمل ما يزيد عن 40 خبيرا روسيا في اللجنة العليا في العديد من الإدارات كالأمن والعمليات التشغيلية للبطولة والبلد المضيف والتسويق والاتصال وغيرهم. وقد نجحت روسيا في تنظيم بطولة وفق أعلى المعايير، وهو ما نراه مصدر إلهام لنا في جوانب عدة. وسنحرص بدورنا على أن نحذو حذو التجربة الروسية والاستفادة منها في طريقنا نحو تنظيم البطولة لأول مرة في الوطن العربي".

- مدى التعاون مع دول عربية او أجنبية صاحبة الخبرة في مجال البناء وفي تنظيم الأحداث الكبرى على الأصعدة الرياضية والتقنية والترفيهية؟

- منذ بداية مشوارنا في التحضير لمونديال 2022، حرصنا على أن تعكس كافة خططنا للبطولة هويتها كونها النسخة الأولى من نوعها في العالم العربي والشرق الأوسط، وأحد أهم الأحداث الدولية التي تمثل عشاق كرة القدم في كافة أنحاء العالم.

فعلى سبيل المثال، تعكس تصاميم استادات البطولة تاريخ وهوية المنطقة، ويقوم بتنفيذ غالبيتها تحالفات بين مقاولين محليين ودوليين. ولعل أبرز بعض الأمثلة على ذلك استاد الجنوب، الذي قامت بتصميمه المعمارية العراقية-البريطانية الراحلة زها حديد، وقام بتنفيذه تحالف قطري-بلجيكي، واستاد الثمامة، الذي قام بتصميمه المعماري القطري إبراهيم جيدة، ويقوم بتنفديه تحالف قطري-تركي، واستاد البيت، الذي قام دار الهندسة في قطر بتصميمه وينفذه تحالف قطري-إيطالي، وغيرهم".

كما يعمل في اللجنة العليا خبراء وكوادر محلية ومن شتى أنحاء المنطقة العربية وحول العالم، ويمثل موظفينا أكثر من 50 جنسية مختلفة، كما استعنا كذلك بخبرات العديد من الخبراء ممن سبق لهم المشاركة في نسخة روسيا ومونديالات سابقة، ويشمل ذلك كافة المجالات التنظيمية والتقنية والترفيهية في تنوع متناغم، ونتشارك معا الهدف بتنظيم بطولة كأس عالم استثنائية نفتخر بها جميعا.

 
 

وفي تعاون هو الأول من نوعه، أطلقنا فريقا للعمل المشترك مع الفيفا تحت اسم بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022، لتشكيل كيان مشترك لتسهيل آلية تشغيل واستضافة البطولة.

وتربطنا كذلك العديد من الشراكات الدولية على مختلف الأصعدة، فعلى سبيل المثال يجمعنا تعاون مشترك مع الإنتربول وغيرها من الجهات الدولية لتوفير الخدمات الأمنية خلال البطولة، وعلى صعيد ملف رعاية العمال نعمل عن كثب مع عدد من المنظمات كمنظمة العمل الدولية والاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب وجهات عديدة للارتقاء بمعايير رعاية العمال في مشاريعنا، كما يجمعنا تعاون مع مختلف السفارات بالدولة، وخارجها والاتحادات لتوعية الجماهير بمدى التقدم المحرز على الطريق لتنظيم المونديال.

ولا يفوتني في هذا المقام أن أشيد بجهود شركائنا المحليين في النجاح في تحقيق ما وصلنا إليه الآن بتكاتف كافة جهود المؤسسات والشركاء المعنيين بتنفيذ مشاريع البطولة في الدولة على كافة الأصعدة كالبنية التحتية، وقطاع النقل والمواصلات، والضيافة، والسياحة، والطيران، والصحة وغيرها من القطاعات.

- كلمة أخيرة للجماهير الراغبة بحضور البطولة.

- مع كل ثانية تمر علينا تزداد ثقتنا في أننا سنقدم تجربة مميزة للجماهير، وينصب اهتمامنا حاليا على تقديم نموذج مثالي في إدارة العمليات والمهام التشغيلية للبطولة. كما نركز على وضع الخطط اللازمة لتوفير تجربة رائعة للجماهير الذين نتوقع أن تفوقَ أعدادهم مليون مشجع.

ستكون بطولة كأس العالم نافذة لمليارات البشر يتعرفون من خلالها للمرة الأولى على العالم العربي. ونرغب في أن يصف التاريخ بطولة قطر 2022 بأنها كانت بطولة مبتكرة ومستدامة وشكلت نقطة تحول في بطولات كأس العالم، وبأنها البطولة التي وفد إليها الناس من جميع أنحاء العالم لزيارة الشرق الأوسط للمرة الأولى وعاشوا خلالها تجربة غيّرت حياتهم.

  ونحقق ذلك عن طريق استضافة العديد من البطولات المحلية والقارية، كان آخرها مباريات دوري أبطال آسيا لمنطقتي غرب القارة وشرقها التي أقيمت بنظام التجمع على ثلاثة استادات مونديالية، استاد خليفة الدولي، واستاد المدينة التعليمية، واستاد الجنوب، أضف إلى ذلك بطولة كأس العالم للأندية FIFA قطر 2020 في فبراير الماضي في ضيافة استادي أحمد بن علي والمدينة التعليمية، وتسهم كافة هذه البطولات والأحداث بضمان جاهزية الاستادات والترتيبات اللوجستية المتعلقة بالفرق في الاستادات والفنادق ومواقع التدريب.

كما ستمثل بطولة كأس العرب 2021 التي ستقام أواخر العام الجاري أكبر حدث تجريبي لنا كلجنة محلية منظمة لتعزيز خبراتنا وتخطيطاتنا للعمليات التشغيلية الخاصة بالمشجعين والمنشآت والمرافق قبل 2022.

ونتطلع للترحيب بكافة الجماهير من مختلف أنحاء العالم في قطر خلال مونديال 2022، حيث سيكونون على موعد مع بطولة استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

 

الوكيل الحصري في اليمن: شركة مسلم التجارية