حوارات واستطلاعات
غليان شعبي في اليمن جراء تأخر صرف المرتبات الحكومية
" من سيدفع لنا الراتب هذا الشهر " تكاد تكون هذه الجملة هي الأكثر تداولاً بين الموظفين اليمنيين في مختلف المحافظات
والتساؤل“المثير للقلق الذي يسود الشارع اليمني
ينتظر رياض قاطة وهو موظف حكومي استلام راتب شهر سبتمبر بقلق بالغ وبكثير من الحيرة ، بسبب أن هناك حكومتين تتجاذب المهام ولم توعد أي منهما بتسليم راتب الموظف وتحمل المسئولية على حد قول رياض.
تكسو علامات الحيرة ملامح الموظفين وأنت تصادفهم في مؤسساتهم أو في الطرقات والمقاهي ، ليس هناك همّ لموظف لديه راتب حكومي بالكاد يكفي لدفع إيجار السكن وتكاليف الاحتياجات الأساسية للعيش غير هاجس استلام الراتب المؤرق للجميع.
صنعاء على وجه الخصوص تبدوا حالة الغليان والاحتقان ظاهرة في أوساط المواطنين على السواء، يستوي في ذلك الموظف الذي يساوره القلق في استلام راتبه مع المواطن العادي وصاحب البقالة الذي لن يجد من يدفع له ديونه من الموظفين حين تتوقف الرواتب.
موظف آخر فضل عدم الكشف عن اسمه يقول لـ ( المشاهد) أن الراتب الحكومي في اليمن تحول من مصدر أمان معيشي إلى عبء على الموظف يجلب النكد والقلق، وعزا ذلك إلى عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده البلاد والتي تسببت به جماعات مسلحة لها ارتباطات بدول أجنبية، على حد قوله.
ويضيف " أن الراتب الحكومي للشهر الجاري يأتي في ظل وضع اقتصادي شهد العديد من المتغيرات ، مثل قرار الرئيس هادي نقل البنك المركزي إلى عدن بعد أن اتهمت الحكومة جماعة الحوثي وصالح بإفراغ الاحتياطي النقدي ونهبه من البنك المركزي السابق في صنعاء.
ويرى مراقبون أن الوضع الاقتصادي مرشح للتدهور بشكل أكثر سوءًا في ظل عدم وجود أي بوادر أمل تلوح في أفق المشهد اليمني ، ومما يفاقم المعاناة هو عدم اكتراث سلطة الأمر الواقع في صنعاء في دخول البلاد مرحلة التشظي والانهيار الاقتصادي الشامل، حيث عمد تحالف الحوثي وصالح في الايام الأخيرة على تكليف عبدالعزيز بن حبتور بتشكيل حكومة في عدم توفر أي مقومات الحكومة لدى تحالف الحوثي وصالح وفي المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
من جانبه قال الكاتب محمد سعيد الشرعبي أن وضع موظفو الدولة لا يسر في الجمهورية، وهذه نهاية متوقعة لنكبة الإنقلاب ونهبهم الخزينة العامة، وليس أمام الموظف غير انتظار الحكومة الشرعية التي وعدت بصرف الرواتب.
واعتبر الشرعبي أن الحكومة الشرعية بطئية في الوفاء بالتزاماتها بسبب عدم امتلاكها قاعدة بيانات، والعمل على صرف الرواتب يقتضي إدارة الجانب المالي للدولة إبتداءًا بقرار نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن.
مؤكداً أن تأخر صرف الرواتب يضاعف سخط أكثر من مليون موظف ضد مليشيات الحوثي وصالح الذين اوصلوا البلاد إلى الجحيم، ويدفع غياب مصادر دخل أخرى لملايين المواطنين إلى ثورة جياع.
وتتحدث تقارير الأمم المتحدة عن دخول البلد مرحلة المجاعة، وهذا واقع مؤلم يعيشه الشعب في مختلف أنحاء البلاد.
في غضون ذلك قال مسؤول رفيع في البنك المركزي اليمني أنه من المتوقع انفراج أزمة الرواتب قبل نهاية العام الجاري، مؤكداً أن هناك محاولات لتدبير رواتب لموظفي دواوين الوزارات في العاصمة صنعاء والعاصمة المؤقتة عدن (جنوب) لشهر سبتمبر/أيلول الجاري من الإيرادات المحلية.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، في تصريح نقله ” العربي الجديد ” أن الحكومة الشرعية تحتاج إلى ثلاثة أشهر على الأقل لترتيب الوضع الجديد بعد نقل البنك المركزي إلى عدن وضبط صرف الرواتب ونقل المقرات الرئيسية لبنوك حكومية وتجارية إلى عدن على مراحل.
وأوضح ” أن عقبات تواجه الحكومة، أبرزها نقص السيولة ونقص في الكادر المؤهل وعدم وجود البنية التحتية من عتاد وأجهزة ضرورية.
واتهم المسئول المصرفي الحوثيين بالعمل على إعاقة ترتيبات نقل البنك المركزي من خلال إعاقة نقل 5 قطاعات رئيسية من صنعاء إلى مقر البنك المركزي الجديد بعدن، وهي العلاقات الخارجية، والعمليات المصرفية الخارجية، والخزينة، والرقابة على المصارف، وشؤون الموظفين، واحتفاظهم بقاعدة البيانات للموظفين والرواتب.
وأشار إلى أن اليمن يعاني من أزمة رواتب منذ شهرين، على خلفية نقص السيولة النقدية والتراجع الحاد للإيرادات العامة، أدّت إلى إضراب شامل، شل معظم الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين والعاصمة المؤقتة عدن (جنوب البلاد) مقر الحكومة.
ويتزامن ذلك مع انتشار مخيف للمجاعة في بعض المحافظات اليمنية ومنها الحديدة الساحلية حيث تم تداول صور لأطفال يمنيين وكبار في السن ويبدوا الهزال واضحا عليهم بسبب افتقارهم للمواد البسيطة للتغذية.
وقال المستشار في جمعية "أوكسفام" ريتشارد ستافورث: "تسييس البنك المركزي والمحاولات التي يقوم أطراف الصراع لاستخدامه كأداة لايذاء بعضهم البعض، ستؤدي إلى زيادة معدلات الفقر".