ملفات خاصة
رئيس مركز عدن للبحوث الاستراتيجية : التعليم مدخل لمجتمع قوي اقتصاديا واجتماعياً
قدم رئيس مركز عدن للبحوث الاستراتيجية والإحصاء حسين حنشي ورقة بحثية في الندوة التي نظمها جهاز الحزام الأمني الثلاثاء في كلية التربية.
وقال حنشي في مستهل ورقته " أشكر الداعين الى هذه الفعالية الرائعة والتي اعتقد انها تأتي في زمنها الحقيقي وسط خيبات أمل متعددة وتطلع الى نهوض جديد بعد حرب شعواء مرت على عدن وغيرها لاتزال مستمرة في اجزاء من الوطن .
سأتحدث عن الشباب ودوره في نهضة اي امة وشروط توفير حد من الفرص والظروف كرافعة له للأبداع وصنع نهضة اقتصادية واجتماعية مع الاخذ بتجارب لبعض البلدان .
سأبتدئ بما اظهرت دراسة نشرت قبل عامين فقط عن الشباب اليمني وكانت بمعايير تلبي على الاقل الحد الادنى من شروط الدراسات المسحية .
حيث اظهر نتائج كشفها المرصد اليمني للشباب في تقريره الثاني الذي نشر في ديسمبر 2014م أن ( 52.5 %) من الشباب ليس لديهم أعمال أو مصادر الدخل , مما يعني بأن نسبة كبيرة من أفراد العينة مثل : الطلاب، وربات البيوت، والعاطلين، يعتمدون على أشخاص آخرين لإعالتهم، أي أن كثيراً من الشباب الذين هم في سن العمل، لا يستطيعون إعالة أنفسهم ، بل يعتمدون على دخل أفراد الأسرة العاملين، وهذا ما تؤكده البيانات الرسمية، حيث تشير إلى أن نسبة الإعالة الاقتصادية الكلية في اليمن قدرت بـ (539%) عام 2010م، بحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء.
كما اوضحت الدراسة بان العاملين في المجال الخاص بهم يشكلون نسبة (28.37%)، يليهم شريحة العاملين في القطاع الخاص بنسبة (25.84%)، ثم الموظفين في القطاع الحكومي بنسبة (16.31%)
وأرجعت الدراسة أسباب عدم حصول الشباب على عمل تتمثل في غياب فرص العمل بنسبة 45,51 % ويرى 17,47 % بان السبب هو غياب العدالة في توزيع الوظائف بينما يرى 10,46% بأن تخصصهم غير مطلوب في سوق العمل واخرين يرون بأن الاسباب تتمحور في عدم الخبرة وعدم الحصول على فرص للتدريب وتعقيد شروط اصحاب العمل في التوظيف الى ان اهناك نسبة 4 % يفكرون في الهجرة نتيجة عدم حصولهم على عمل وأن نسبة كبيرة من الشباب في بلادنا يعولون أسر كبيرة صرفت كل ما في حوزتها على تعليمهم وفي النهاية لا يوجد من يستوعبهم كما أن عدم اتباع المعايير العادلة في التوظيف والاعتماد على الوساطة والبيع والشراء للوظيفة او المعيار الحزبي هو المتبع في التوظيف
وأشارت الدراسة الى أن غالبية الشباب يرون بأن الفقر هو السبب الرئيس لقيام بعض الشباب بأعمال غير قانونية حيث بلغت نسبتهم (73.38%) من إجمالي العينة ، يلي ذلك البطالة من وجهة نظر (63.80%) من العينة ؛ فالفقر والبطالة متلازمان لأن البطالة تعد من أهم الأسباب التي تنقل الفرد إلى حالة الفقر ؛ فاذا توفرت فرص عمل للشباب سيتم التخفيف من حالات الفقر والانفلات الأمني بحسب ما جاء في الدراسة ..
وفيما يخص التمكين الاقتصادي فقد اكدت الدراسات المسحية في هذا الجانب بأن غالبية الشباب (71.91%) يرون أن دعم الشباب في إنشاء المشاريع الصغيرة سيعزز من مشاركتهم في شتى مجالات التنمية المجتمعية و تكوين المشاريع الخاصة حاز على أولوية في اهتمامات (17.26%) من العينة فقط؛ وهذا يعني أن الرغبة في تكوين المشاريع الخاصة موجودة لدى غالبية الشباب ولكن عدم توافر الإمكانات تجعلهم يفكرون في الهجرة للحصول على فرص للعمل.،
وبينت نتائج المسح الوطني الأول للشباب والذي نفذه المرصد اليمني للشباب بأن الموضوع الذي حاز على أولوية في اهتمامات أعلى نسبة من الشباب هو الرغبة في مواصلة التعليم بنسبة بلغت ( 40.22%) من أجمالي العينة وهذه النتيجة تعكس إدراك الشباب لأهمية التعليم والتأهيل في حياتهم ورغبتهم في التدرج فيه إلى مستويات أعلى إذا تهيأت لهم الظروف
الهند
بدأت الهند البحث عن التقدم التقني في الخمسينيات من القرن الماضي في أعقاب نيلها استقلالها، حينما قرر رئيس وزراء الهند جواهار لال نهرو، أن تكون لبلده معاهد تقنية من الطراز العالمي، وكانت البداية بمعاهد (IIT) أو (Indian Institute of Technology) والتي تخرج منها أجيال فذة من الموهوبين الذين تعتمد عليهم كبريات الشركات العالمية في صناعة البرمجيات مثل مايكروسوفت، آي بي إم، إنتل، أوراكل، وأدوبي وغيرها، كما تقلدت كوكبة من خريجي هذه المعاهد وغيرها من المؤسسات التعليمية التي سارت على منوالها مناصب عليا في قيادة الشركات العالمية العملاقة.
مبرمجو العالم
تعتبر الهند ثاني أكبر مصدر للبرمجيات بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ويتم فيها تطوير حوالي 40% من البرمجيات المستخدمة في الهواتف الخلوية، كما تعتبر صناعة تقنية المعلومات إحدى القطاعات النشيطة في الاقتصاد الهندي، وتتخطى عائدات هذا القطاع 100 مليار دولار، حيث بلغت قيمة الصادرات 69 مليار دولار في عام 2012، وتوفر هذه الصناعة فرص عمل مباشرة إلى 2.8 مليون شخص، وفرص عمل غير مباشرة إلى 8.9 مليون شخص في الهند، وقد بزغت الهند كدولة رائدة في مجال تعهيد الأعمال، وساهمت بما يصل إلى 58% من عمليات التعهيد في العالم في عام 2012.
وتدعم حكومة الهند الخبرة في مجال تقنية المعلومات من خلال إنشاء مشروعات مبتكرة تهدف إلى حل الكثير من المسائل التنموية الكثيرة التي تواجهها.
ومن الأمثلة على ذلك: مشروع فريد بدأت الهند فيه هو مشروع "ادهار"، وهو مشروع قومي لعمل بطاقات قومية لسكانها الذين يبلغ عددهم 1.2 مليار نسمة، وهناك أيضا مشروع الكمبيوتر اللوحي منخفض التكلفة "أكاش"، والذي تم إنتاجه وتوزيعه على تلاميذ المدارس في أنحاء الهند المختلفة، وتبلغ تكلفة الكمبيوتر 80 دولارًا أمريكيًا.
وتسهم صناعة تقنية المعلومات الهندية بحوالي 7.5% من إجمالي الناتج القومي، وفي سبيله ليلعب دورًا في توفير فرص عمل جديدة وعائدات أكبر، كما سيسهم في عملية التنمية في الهند.
مزاحمة العالم الأول
استطاعت الهند اليوم أن تكون منافسًا قويًا بعدد من شركات التقنية العالمية مثل شركة تي - سي - إس (TCS)، آي - فلكس (I - Flex)، ويبرو (Wipro) وإنفوسيس (Infosys).، كما توجد على أراضيها بعض أهم مراكز البحث العلمي والتطوير في العالم خارج الولايات المتحدة مثل مدينة بنجالور، والتي يطلق عليها وادي السيليكون، ومدينة حيدر آباد.
أسباب النجاح
ثمة أسباب كثيرة جعلت الهند مركزًا لصناعة تقنية المعلومات العالمية منها: أنها تمتلك قوى عاملة متعلمة تعليمًا عاليًا، مع وجود أكثر من مليوني خريج جامعي في السنة يتحدث جميعهم اللغة الإنجليزية، إذ تعتبر لغة تقنية المعلومات هي اللغة الإنجليزية، وهي اللغة الرسمية الثانية في الهند.
وساعد انتشار الجامعات والمعاهد التقنية المتخصصة على تخريج أعداد هائلة من إخصائيي تقنية المعلومات، وبدأ هذا القطاع في التطور عندما فتحت الحكومة البلاد أمام قوى العولمة، وقضت على القيود في الداخل، وقللت الحواجز أمام الاستثمارات الأجنبية في بداية التسعينيات.
كما توفر الهند حزمة من الإعفاءات الضريبية، فمزودات خدمة الإنترنت تحظى بإعفاءات تبلغ خمس سنوات، والشركات العاملة في البحث العلمي 10 سنوات، في حين أن المجمعات التقنية تحظى بإعفاءات تصل إلى 15 سنة؛ مما ساعد على تدفق الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات إلى الهند، حتى أصبحت أحد أكبر الأسواق في العالم.
والدليل على ذلك أن شركة مثل ميكروسوفت أقامت أحد مراكز البحوث الأساسية العالمية الثلاثة لها في بنجالور، والمركزان الآخران في الصين وفي المقر الرئيسي للشركة في الولايات المتحدة، كما تنجز المئات من كبريات الشركات العالمية عملياتها من بنجالور وحدها، معظم الشركات الهندية العاملة في خدمات تقنية المعلومات على شهادات الجودة الآيزو.
وتتمتع الهند ببنية اتصالات قوية، خاصة في مراكز الإنترنت، فمزودو الاتصالات اللاسلكية منتشرون في كل أنحاء الهند، علاوة على شبكة فاعلة من الأقمار الصناعية والكابلات البحرية التي تؤمن اتصالًاً جيدًا مع جميع أنحاء العالم، وهذه البنية التحتية العملاقة تقوم بدور مهم في تنمية خدمات التطوير للخارج، فتجعل الشركات الأجنبية على اتصال مستمر ودائم مع مزودي هذه الخدمات.
كما يعود النجاح الهندي في ميدان تقنية المعلومات إلى تطوير حلول برمجية متقدمة، فهناك الكثير من التجارب الهندية الناجحة التي مرت عليها سنوات من التطوير، وتشمل هذه التجارب حلول التجارة الإلكترونية، وحلول قواعد البيانات بكل أنواعها، وحلولًاً محاسبية، وحلول النشر الإلكتروني، مما يسهل على الشركات الأجنبية الاعتماد الكامل على الشركات الهندية لاستعمال مثل هذه الحلول.
وقدمت الهند كل ذلك بعيدًا عن التعقيدات البيروقراطية مع فهم عامل الوقت على أنه قيمة تنافسية مع تنظيم بيع أنشطتها ومعارفها وخبراتها على شبكة الإنترنت.
ولذا إن شك أحد بمدى مصداقية هذه الأرقام الفائقة الروعة عن الهند، فإن التاريخ على وشك أن يؤكد هذه الشكوك، كما تشير أغلب الإحصاءات العالمية عنها، وعن جارتها اللدود "الصين".
سنغافورة
سنغافورة قصة نجاح استثنائية ، إذ إنها في أقل من 50 عاما تحولت من جزيرة فقيرة يقطنها غالبية أمية من السكان إلى تضاهي مستويات معيشتهم نظيراتها في الدول الصناعية الأكثر تطورا ، تحتل سنغافورة المرتبة الثانية بعد سويسرا من حيث القدرة التنافسية الاقتصادية على الصعيد العالمي .
ومع حلول التسعينيات أدركت الحكومة أن وجود عدد قليل من المدارس البارزة لم يكن كافيا ، وقد عرفت المرحلة الثالثة لإصلاح نظام التعليم في سنغافورة باسم ” النموذج المركز على القدرة ” التي أطلقت فيها مبادرات إصلاحية عدة : كان أولها في عام 1997م وهي مبادرة ” مدارس التفكير ، تعلم الأمة ” قائمة على أربع مبادئ : – إعادة النظر في أجور المعلمين. – إعطاء قادة المدارس مزيدا من الاستقلالية. – إلغاء التفتيش واستحداث التميز المدرسي. – تقسيم المدارس لمجموعات يشرف عليها موجهون مختصون مكنهم من التطوير واستحداث برامج جديدة حيث اتاح هذا النظام للمعلمين الالتقاء والتحدث عن جهودهم المهنية مما أدى ألى وضع نظام المصادر المشتركة I SHARE يحتوي 70 ألف درس وأصبحت ثقافة المشاركة جزء لا يتجزأ من طبيعة المدارس.
وفي عام 2005م جرى إطلاق مبادرة جديدة وهي مبادرة ” تعليم أقل ، تعلم أكثر ” ركزت على طرائق التدريس وتقليل حجم المحتوى لإفساح مجال التفكير.
عوامل أدت إلى نجاح تجربة التعليم : – عدد الطلاب 522 ألف ، على 360 مدرسة. – الاستقرار السياسي والإجماع الشعبي. – كامل في المؤسسات حيث يشترك القادة في الوزارة والمعهد الوطني في تحمل أعباء المسئولية والمسائلة. – لا يتم إعلان أي سياسة تربوية من دون خطة واضحة.
من أهم أهداف التعليم الاهتمام بالفرد وأن يكون: 1. شخص واثق يميز الخطأ من الصواب ، مرن قادر على التكييف ، صاحب تفكير مستقل ونقدي ويتواصل مع الآخرين بصورة فاعلة. 2. متعلم موجه ذاتيا ويسعى ويثابر للتعلم. 3. مسهم نشيط قادر على العمل بفعالية ضمن الفريق ويأخذ زمام المبادرة ويتحلى بروح الابتكار. 4. مواطن يهتم بمصلحة وطنه ومتجذر بأرضه يملك وعيا مدنيا قويا وعلى إطلاع بما يجري من حوله .
نظام التعليم : تتبع سنغافورة نظام تعليم تنافسي ” بهدف توفير فرص متساوية في التعليم للجميع بغض النظر عن مجموعاتهم العرقية أو مكانتهم الاقتصادية والاجتماعية ”
وتتبع مسار 6-2-2 ست سنوات المرحلة الابتدائية وسنتان متوسطة وسنتان ثانوية وجرى تطبيق التعليم الابتدائي المجاني منذ عام 1974م وهي مرحلة إلزامية للأطفال فوق 6 ودون 15 عاما وتترتب عقوبة مالية قدرها 5000 دولار على أولياء الامور الذين يمتنعون من إرسال أطفالهم للمدرسة أو السجن أو بكلا العقوبتين معا لكن يحرص الآباء على تعليم أطفاله مدة 10 سنوات لأنهم يدركون أهمية التعليم.
ومع مراعاة التوجهات الاقتصادية اهتمت الحكومة بتأسيس معهد التعليم التقني ما بعد الثانوي العمر 16-18 والذي يخرج طلاب بمهارات عالية مرتبطة بالصناعة وجنبا إلى جنب مع الاقتصاد.
مشاركة الآباء مجالس المجتمع المحلي وهناك برامج للتعرف على العائلات المحتاجة وتقديم المساعدة.
الاهتمام بالمعلمين وإعطائهم علاوات سنوية سخية تعتمد على تقويم معقد إلى حد ما ل 16 مجال ، منها الاسهامات التي يقدمونها للمدرسة والمجتمع. ويدخل المعلمين معهد التعليم الوطني ويراقبوا لثلاث سنوات لتحديد أي المسار يناسبهم ويجري التعرف على موهبة القيادة مبكرا وعندئذ يحضر هؤلاء المعلمين لأدوار قيادية مستقبلية لأنهم يعتبروا القيادة الضعيفة هي سبب رئيسي للفشل.
وهناك صندوق لتشجيع الطلاب بميزانية 4 مليار دولار.
وتراعى المدارس ذات الأداء المنخفض مثل القرى وتحظى بنفس الموارد.
أولت سنغافورة عناية فائقة في تعليم الرياضيات حيث اعتمدوا على الحس الرياضي الذي يجعل الطلاب يعرفون حل المسائل غير المألوفة بعدة طرق ويعتمد المعلم على الوسائل البصرية
وبعد الاطلاع على تجارب بلدان مثل سنغافورة والهند والذي تعمدت ان اختارهما لتشارك وضعنا معهما من جوانب كثيرة يمكن القول انه بالامكان صنع نهضة شبابية تطون مرتكزا لنهضة شاملة فيما اذا كان هناك تخطيط سليم من قبل القائمين على امور البلد
المصدر:عدن الغد