تنمية بشرية
مؤسس دافوس ينتقد الشعبوية ويريد إصلاح الرأسمالية
قبل أيام من افتتاح المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي في منتجع دافوس السويسري، قدَّم مؤسس المنتدى توصيفا للمواضيع الرئيسة لهذا الحدث، مشددا على دور المسؤولية الاجتماعية لرجال الأعمال، ومنتقدا الشعبوية.
وأكد كلاوس شواب، أهمية إصلاح الرأسمالية، لكنه حذَّر من أن النمو الاقتصادي العالمي في حدود 3 في المائة "غير كاف" لحل التحديات الكبرى في العالم.
وقال شواب، "في عام 2017 أرى أربعة أهداف أساسية للاستجابة للشواغل الاجتماعية الرئيسية: أولاً، تعزيز النمو الاقتصادي؛ والثاني، جعل الأنظمة الاقتصادية المستندة إلى السوق أكثر شمولاً؛ وثالثاً، السيطرة على "الثورة الصناعية الرابعة"؛ وأخيراً، إعادة بناء أسس التعاون الدولي".
وركز، شواب، في مؤتمره الصحفي السنوي على الحاجة إلى المشاركة العالمية لإيلاء مزيد من الاهتمام بتنسيق الضرورات الاقتصادية والاجتماعية، مضيفا أنه "من دون تنمية اقتصادية، لن يتحقق التقدم الاجتماعي، ودون التقدم الاجتماعي، لا تكون التنمية الاقتصادية مستدامة"، مؤكداً أن الأنشطة الاقتصادية تقترن على الدوام بالمسؤولية الاجتماعية.
وتطرق شواب، إلى الطفرة العالمية للشعبوية والسعي نحو الانطواء على الداخل في البحث عن ردود لمشكلات العالم الاقتصادية والاجتماعية، وحذر الرئيس التنفيذي الذي شارك في تأسيس المنتدى الاقتصادي عام 1971، من أن الحلول الشعبوية وحدها لا تكفي، وأكد أن الانطواء وكل النُهج المبسَّطة للتعامل مع جدول أعمال معقَّد مآلها الفشل.
وقال مؤسس المنتدى - الذي يصفه خصومه بأنه نادٍ يبلغ فيه أصحاب المليارات، وأصحاب الملايين عن حالة الطبقة المتوسطة - "إن المشكلات التي نواجهها تقنيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وسياسيا هائلة جدا، وإن الحلول المستدامة لها تتطلب نهجا منظما وكليا، ولا سيما التعاون بين جميع أصحاب المصلحة العالمية، والتوحد في بعثة واحدة لتحسين حالة العالم".
وأوضح شواب، أن كل اقتصاد من اقتصادات السوق سيُنتج رابحين وخاسرين لكن النظام وحده سيكون مستداماً إذا كان هناك ما يكفي من التضامن بين الرابحين والخاسرين، محذَّرا مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي، في الوقت الذي كان يُشدد فيه على الحاجة إلى جعل السوق الرأسمالية أكثر شمولا.
وأعلن شواب، التبرع بمبلغ 500 ألف فرنك سويسري "490 ألف دولار"، وكان قد فاز بها شخصيا من خلال سلسلة من الجوائز، نحو صندوق جديد يهدف إلى دعم جيل الشباب في بحثهم عن "عمل ينحى باتجاه حلول للغد".
ووصف شواب لقاء دافوس السنوي - الذي غالباً ما ينظر الرافضون إليه على أنه ملعب مُكرَّس للنخبة المُتخادنة في العالم من رجال الأعمال، والسياسة، وقادة وسائل الإعلام - بأنه قمة عالمية تضم أطيافاً متعددة من أصحاب المصلحة في الشؤون المالية والاقتصادية والتجارية والتقنية، وهي تبحث أموراً متعددة بما في ذلك الأزمة الإنسانية في سورية، ومدى التقدم المحرز في جدول أعمال قمة المناخ.
وقال شواب "نحن نمرّ في وضع أشبه ما يكون نقطة تحول في التاريخ. نحن بحاجة إلى مفاهيم جديدة، ونحن لا نملك الحلول أو المفاهيم الفكرية لمواجهة كل شيء يواجهنا. وعلينا أن نكون متواضعين، وأن نزوِّد الجيل الجديد بكثير من الإمكانيات لتقديم مساهمتهم".
ودعا، شواب، إلى قيادة مسؤولة ومستجيبة، مشيرا إلى أنه ينبغي للقادة أن يكونوا سريعي الاستجابة وبمسؤولية؛ يجب أن يفهموا أننا نعيش في عالم يتسم بعدم اليقين، وتقلبات، وتغيرات تفضي إلى تحولات عميقة، مضيفا أن "كثيرا من الناس يعيشون في أوضاع غير مستقرة، ويبحثون عن هوية وعن معنى لوجودهم في عالم سريع التغير، حيث يريدون أن يستعيدوا إحساسهم بالوجود والهدف من وجودهم".
وذكر شواب، أن على القيادة أن تعني اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بتحمل المسؤولية، والأمر يتطلب شجاعة، والتزاما بالاستماع، وشرحا للأمور المتعلقة باتساع وتعقيد المشكلات بصراحة تامة، ليتم، على نحو استباقي، تأسيس الحلول واتخاذ الإجراءات استناداً إلى القيم الأساسية.
واعتبر شواب، أن هذه مهمة شاقة أمام قادة اليوم لاتخاذ القرارات الصحيحة في عالم معقد يعاني عديدا من القضايا القديمة والاضطراب، فلا يمكن أن يكون هناك مجرد عودة إلى الأساسيات، بل يجب أن يكون هناك اعتراف بأننا نعيش في إقليم غير مُعيَّن الحدود ولا المعالم، يفرض علينا الأمر الراهن.
وقال شواب، "إنه لكي نضطلع بهذه المهمة، فإن الأمر يحتاج من القادة إلى الإحساس والتعاطف لتقديم خدماتهم، كما يحتاجون إلى نظام الرادار، والقيم، والرؤية كبوصلة لهم، لأنه بدون نظام رادار، لا يمكن للقادة أن يستجيبوا؛ ومن دون بوصلة، لا يمكن لهم أن يمارسوا مسؤولية القيادة".
ويرى شواب، أنه ينبغي للقادة أن يُنشِّطوا على وجه السرعة النمو الاقتصادي العالمي، وتحقيق معدلات نمو أعلى وأكثر استدامة، معتبرا التنمية الاقتصادية القوية، المصحوبة بتحسن في الدخول وتوزيع الثروة، ضرورية للحد من المستويات غير المقبولة اليوم من الاستبعاد الاجتماعي والبطالة، ولا سيما بين الشباب.
وأشار شواب، إلى أنه مع تزايد كبير لسكان العالم، وإنتاج أصبح أكثر آلياً، فإن تنمية اقتصادية أقوى وأوسع هي المفتاح لتجنب الانهيارات الاجتماعية مع كل عواقبها، مضيفا أن "سياسات نقدية متدرجة ومدروسة بعناية، ومثلها في سياسات الضرائب والضمان الاجتماعي التي تدمج بين الأجيال، والاستثمار أكثر كثيرا في البنية التحتية المادية والرقمية والاجتماعية، لا بد أن توفر إطارا جيدا ومتينا للنمو والتنمية المستدامة".
وسيقدم المنتدى في اجتماعه السنوي عدة مبادرات جديدة تم تطويرها من خلال التعاون بين القطاعين العام والخاص للتصدي للتحديات الاقتصادية والاجتماعية.