حوارات واستطلاعات
بعد سنوات من العطش.. الكويت جبريلُ أخر في عدن يعمل سقاءً (تقرير)
لم يكن فوضى عمل المحركات مزعجاً بالنسبة للأهالي إذاً ؛ بل بلسماً لمعاناة دام لسنين ماضية ؛ هكذا يصف الأهالي بغرب عدن اليمنية بالتزامن مع وصول المياه إلى المنازل لأكثر من "50" ألف نسمة بمشروع تكفلت دولة الكويت بإنشائه وتجهيزه بعد سنين من العطش.
ضمن مشاريعها الإغاثية في اليمن تستميت الكويت بالإمضاء على مشاريع استراتيجية تعود بالنفع لمن تقطعت بهم السُبل وأنكتهم الحاجة ؛ فسارعت إلى الخوض في مجال المياه وبادرت إلى إنشاء مشاريع مياه بمناطق مختلفة من البلاد على مدى الثلاث السنوات الماضية _بل_ وعملت على زيادة تدفق المياه وتحسين الضخ وإصلاح الشبكة وصيانة الآبار ورفدها بالمضخات ومد الأنابيب لقرابة "4" كيلو.
وكان لهذه المشاريع الجبارة إيقاعاً يشبه الموسيقى أو يكاد ؛ فلبس الرضى وجوه الأهالي بمناطق "فقم وعمران وصلاح الدين" والتي تقع إلى الغرب من العاصمة المؤقتة للبلاد ؛ ومع أول يوم من سريان الماء في أنابيب ووصولها إلى المنازل تحقق بذلك حلم الكثيرين بعد عناء دام طويلاً بالنسبة لـ"معتز فاروق" وهو رب أسرة والذي قال أنه كان واسرته يقطعون المسافات الطويلة لجلب الماء على متن الحمير تارة وعلى ضهورهم تارة أخرى.
الكويت تسقي عطش الأهالي
ويضيف معتز وهو أحد سكان قرى فقم ؛ بأن إيصال الماء إلى منزله وتشغيل المشروع لعمل عظيم يعكس مدى إنسانية الكويت ودورها الطيب في كل مكان على أكثر من صعيد حيث أن الأهالي يتكبدون معاناة الطريق وأفيون الأسعار حيث شكلت هذه العراقيل هاجساً أمام الناس والفقراء منهم.
ويغلب على هذه المناطق الفقر وينتابهم العوز حيث وصلت سعر "دبه" الماء حسب المواطن "معتز" ؛ "20" لتر وصل سعرها إلى "300" ريال يمني _اي_ ما يعادل دولاراً واحداً أي أن مجمل ما يستهلكه الشخص بالمتوسط العام حسب مختصين في اليوم الواحد "60" لتر من الماء أي أنه بحاجة إلى "900" ريال يمني يقابله "3" دولار باليوم و "100" دولار بالشهر بمقابل "30" ألف ريال يمني وهذا المبلغ يزداد بزيادة عدد أفرد الأسرة واستثناء الاستخدام بفصل الصيف.
ويتابع بقوله ؛ أن تكاليف شراء الماء كان في السابق ونقله على متن الحمير وقطع المسافات الطويلة أجدى من شراء "بوزة" الماء _أي_ شراء صهريج ماء على متن سيارة يتعدى سعره "7000" ريال يمني أي ما يقارب "25" دولار إلا أن هذا النوع من الماء لم يتعدى استخدامه ليوم واحد وهذا الرقم مفجع بالنسبة للأهالي الذين يعمل أغلبهم صيادين ولا حولة ولا قوة عليهم".
وينكر الأهالي حتى مجرد المقارنة بين الأمس واليوم ؛ فاليوم بات الماء يصل إلى المنازل وطوت معه الذكرى الأليمة لجلب الماء بالنسبة للمواطنين فثمة جبريل يبسط كلتا يديه للعطشى في أبين ولحج والضالع والجوف ومأرب وحضرموت ومحافظات يمنية أخرى وبموازاة ذلك تعمل دولة الكويت في خمسة قطاعات إغاثية وهي المياه والغذاء والتعليم والصحة والإيواء بأكثر من "15" محافظة يمنية.
مشروع فقم وميلاد الخير
كانت الايام القليلة الماضية هي ميلاد افتتاح مشروع مياه فقم عمران والذي يغذي أكثر من "50" ألف نسمة وسط بسمة الأهالي وإشادة السلطات المحلية ومنظمة "الأوتشا" التابعة للأمم المتحدة والمؤسسة العامة للمياه بعدن وحشود من الأهالي المشاركين في هذا العرس فأخذ مهندس المشروع "عبدالله مبهش" بسرد ألية التدخل الكويتي.
وأوضح قائلاً ؛ "هذا المشروع يستفيد منه أكثر من "50" ألف نسمة لثلاث مناطق وتمت عملية تنفيذ المشروع على مرحلتين ؛ المرحلة الأولى كانت عبارة عن تركيب أنابيب مختلفة الأطوال الأحجام ؛ وإنشاء غرفة الضخ وأيضاً كان عباره عن تركيب مضخات وتشييد أسوار ؛ اما المرحلة الثانية كان عبارة عن تركيب أنابيب لمنطقة صلاح الدين بطول 4 ألف متر طولي".
من جانبه ؛ اشاد وكيل محافظة عدن "رشاد شائع" في كلمة السلطة المحلية بدور الكويت الرامي إلى إعادة ترميم الحياة من خلال مشاريع كويتية عدة في مختلف المجالات وما هذا المشروع الذي سيخدم الأهالي في مناطق عمران وفقم وصلاح الدين لخير دليل إلى جانب بعض الإصلاحات التي نفذتها حملة الكويت من خلال إحياء مشروع المياه ورفده بكل المقومات: من مضخات وأنابيب ومقومات فنية أخرى.
مدير مؤسسة مياه عدن هو الأخر ؛ بشر الأهالي بأن هذا المشروع من شأنه تلبية احتياجات مناطق فقم وعمران وصلاح الدين ؛ تلك المناطق التي حرمت طويلاً من الماء علماً بأن هذا المشروع سيغطي احتياجات الأهالي من خلال التدفق المستمر للمياه إلى المنازل.
وتابع المهندس علوي المحضار ؛ "أننا نستطيع اليوم أن نقول بأن هناك اكتفاء ذاتي من الماء في هذه المناطق السالفة الذكر في مشروع مولته الكويت إلى جانب المؤسسة العامة للمياه بعدن في حين يقابل هذا الدعم الكويتي شكر وعرفان بتلك الجهود التي من شأنها عملت على إنشاء هذا المشروع الاستراتيجي ورفده بكل ما يلزم من أنابيب ومضخات ومعدات وصيانة الشبكة والمولدات الكهربائية وإعادة صيانة الآبار".
الكويت ودور السقاء في اليمن
وفي حفل التسليم للمشروع ؛ عبر الرئيس الدوري للهيئة اليمنية الكويتية للإغاثة " رائد إبراهيم" أنه وبالشراكة مع المؤسسة العامة للمياه وبرعاية وزير المياه والبيئة ومحافظ محافظة عدن بافتتاح وتسليم مشروع مياه فقم عمران الذي قامت الهيئة اليمنية الكويتية للإغاثة بتدشين العمل فيه قبل عام تقريباً من الأن وهذا المشروع الذي استهدفنا من خلاله توفير وضخ وتعزيز مصادر المياه لأهالي هذه المناطق".
وأردف بقوله ؛ شمل الدعم على مجموعة من التدخلات المميزة تتمثل في تمديد شبكة المياه في هذه المناطق الثلاث وتعزيز المياه لها بعد انقطاع طويل ومعاناتها خلال السنوات القليلة الماضية ؛ شاكراً لدولة الكويت هذا الدعم السخي الذي من شأنه بث الروح وإعادة الحياة من خلال هذه المشاريع".
وسبق لحملة الكويت أن دشنت مشاريعها في مجال المياه بحقل "بير أحمد" بعدن و"مغرس ناجي" بلحج وحقل "الروى" بمحافظة أبين ؛ كما عملت حملة الكويت إلى جانبكم في إعادة تدفق المياه إلى محافظة الضالع والتدخل في تحسين مشاريع المياه بمحافظات شبوة وحضرموت ومأرب والجوف على أمل أن تباشر المرحلة الثالثة _الحالية_ من التدخلات الكويتية بالعمل في مشاريع مياه بمحافظات تعز والحديدة وإب وحجة بالإضافة إلى التدخل من جديد بمحافظات عدن ولحج وأبين والضالع وشبوة وحضرموت ومارب.
في حين يجري التحضير لمعالجة مشكلة نقص الماء بعدن والعمل على حل هذه المشكلة حلاً جذرياً من خلال ضخ ونقل المياه من حقل "الروى" الغني بالماء والكائن بمحافظة أبين وإيصاله إلى عدن عبر خطوط نقل المياه _انابيب_ وبذلك تكون عدن قد تخلصت من عقدة شحة المياه ؛ وسبق أن ابرمت وزارة المياه والبيئة وحملة الكويت اتفاقاً يفضي بتخيول للأخيرة البدء بهذا المشروع الاستراتيجي.