مال وأعمال
النفط يصعد لأعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار
عزز الخام الأمريكي مكاسبه في تعاملات ضعيفة خلال نهاية الأسبوع المنصرم مع تراجع الدولار إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات في الوقت الذي أغلقت فيه أسواق آسيوية كثيرة أبوابها بمناسبة عطلة السنة القمرية الجديدة.
بحسب "رويترز"، فقد ارتفع الخام الأمريكي في العقود الآجلة للتسليم في آذار (مارس) 29 سنتا، أو ما يعادل 0.5 في المائة، إلى 61.52 دولار للبرميل بعدما كان قد لامس في وقت سابق أعلى مستوى في أسبوع عند 61.82 دولار للبرميل.
وعلى أساس أسبوعي ارتفع العقد 4 في المائة بعد أن خسر نحو 10 في المائة الأسبوع الماضي.
وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت 30 سنتا، أو 0.5 في المائة، إلى 64.63 دولار للبرميل بعدما نزل ثلاثة سنتات في التسوية السابقة، وخام برنت مرتفع بنحو 3 في المائة منذ بداية الأسبوع بعد أن هبط أكثر من 8 في المائة الأسبوع الماضي.
وهبط الدولار إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات مقابل سلة عملات، وغالبا ما يعزز تراجع الدولار أسعار النفط والسلع الأولية الأخرى المقومة بالعملة الأمريكية.
وقال صامويل تسين الرئيس التنفيذي لمصرف "أو سي بي سي" أقدم مصارف سنغافورة، إن "المصارف تمكنت حتى الآن من مواجهة المخاطر في قطاع النفط والغاز، ولكن الرؤية المستقبلية للقطاع ما زالت بعيدة عن التأكيد لذا ستظل المصارف حذرة خلال المستقبل المنظور".
وأضاف تسين أن زيادة أسعار النفط والغاز في الوقت الحالي تشير إلى صورة أكثر تفاؤلا للسوق، إلا أن المصارف ستراقب الوضع من بعيد وستعمل بمبدأ الانتظار والحذر لحين التأكد من الرؤية المستقبلية للقطاع.
وتجاوزت صناعة النفط والغاز مستوى رئيسا في أواخر العام الماضي عند تداولات أعلى 60 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ منتصف عام 2015.
وكانت صناعة النفط والغاز قد تأثرت في العالم كله خلال الفترة الماضية، بسبب ثورة النفط الصخري التي فجرتها الولايات المتحدة، وتسببت في تراجع أسعار النفط، كما دفع بمنظمة "أوبك" والمستقلين إلى عقد اتفاق خفض الإنتاج الذي ينص على التزام جميع الدول المشاركة بنحو 1.8 مليون برميل يوميا، بداية من عام 2017 وتم تمديده مرة أخرى حتي نهاية العام الحالي.
وبعد عام واحد من الاتفاق، بدأت تخمة المعروض النفطي في الأسواق الآسيوية تقل بشكل ملحوظ، حيث تم سحب كميات كبيرة من الخام الفائض من الناقلات المستخدمة للتخزين وتسليمها إلى عملاء في أنحاء مختلفة من المنطقة.
هذا إضافة إلى كثير من التغيرات التي طرأت على السوق العالمية وتسبب في حدوث تقلبات واضطرابات كثيرة في سوق النفط، إلا أنه سرعان ما تحسنت الأوضاع، وبدأ الاقتصاد يتعافى مرة أخرى من جديد.
وفي الأسبوع الماضي، أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ارتفاع مخزونات الخام في البلاد بمقدار 1.8 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 9 شباط (فبراير)، في ثالث زيادة أسبوعية على التوالي، لكن بأقل من توقعات الخبراء ارتفاعا بنحو 2.8 مليون برميل.
وبالنسبة إلى الإنتاج، فقد أعلنت الإدارة الأمريكية ارتفاعا قدره 20 ألف برميل، في خامس زيادة أسبوعية على التوالي، ليصل إجمالي الإنتاج 10.27 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى للإنتاج الأمريكي على الإطلاق، وقفز الإنتاج الأمريكي بأكثر من 20 في المائة منذ منتصف عام 2016.
على الجانب الآخر، كشفت تصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية التي أكد فيها تمسك السعودية بالالتزام باتفاق خفض الإنتاج، على توافق المنتجين من داخل وخارج المنظمة على كبح الإنتاج على مدار العام الجاري.
وتسعى منظمة أوبك إلى التوصل إلى شراكة طويلة الأمد مع الدول المنتجة غير المنضوية في المنظمة بحلول نهاية العام، وفق ما أعلنه سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي.
وقال المزروعي الذي يتولى حاليا الرئاسة الدورية لمنظمة أوبك لصحيفة "ذا ناشونال" أمس الأول، إن حكومته تريد وضع "مسودة ميثاق" مع نهاية عام 2018، بهدف "أن تبقى هذه المجموعة متماسكة لوقت أطول".
ودعت السعودية أكبر منتج في "أوبك" في كانون الثاني (يناير) إلى تمديد التعاون بين دول أوبك وخارجها بعد نجاح اتفاق قادته مع روسيا لخفض الإنتاج في وقف تدهور الأسعار.
وتأتي هذه الدعوة من أجل تعاون طويل الأمد بين "أوبك" ومنتجين من خارج المنظمة مع وصول سعر برميل النفط إلى قرب الـ 70 دولارا بفضل هذا الاتفاق، وذلك بعد أن هبط سعره إلى أقل من 30 دولارا عام 2016.
وأشادت الدول النفطية بخفض الإنتاج 1.8 مليون برميل في اليوم كعامل رئيس لتعزيز أسواق الخام، وذكر المزروعي أنه في كانون الثاني (يناير) ارتفع عدد المنتجين المستقلين الذين انضموا إلى الاتفاق من 10 الى 16 بلدا.
وقال الكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي في الشهر الماضي، إن التعاون كان حتى الآن "تجربة ناجحة"، لكنه أضاف أن "العمل المشترك بين "أوبك" والدول خارجها" يمكن أن يستمر على شكل "مشاورات".
وأضاف نوفاك أن سعر النفط الحالي مقبول لبلاده، مشيرا إلى أن الأسعار زادت بفضل اتفاق خفض إنتاج النفط العالمي، واعتبر نوفاك في مقابلة مع قناة روسيا-24 التلفزيونية في منتجع سوتشي على البحر الأسود أن أسعار النفط قد تتقلب بين 50 و70 دولارا للبرميل هذا العام.
وبعد مضي ما يزيد قليلا على عام من تخفيضات الإنتاج التي تقودها "أوبك" وروسيا، بدأت تخمة المعروض النفطي في الأسواق الآسيوية تنحسر بشكل محلوظ، حيث جرى سحب كميات كبيرة من الخام الفائض من الناقلات المستخدمة للتخزين وتسليمها إلى عملاء في أنحاء المنطقة.
وتظهر بيانات الشحن أن هناك نحو 15 ناقلة عملاقة ممتلئة بالنفط ترسو حاليا قبالة سواحل سنغافورة وحول ماليزيا حيث مركز التجارة والتخزين الرئيس للخام القادم من الشرق الأوسط إلى آسيا.
وهذا أقل قليلا من تشرين الثاني (نوفمبر)، ويعادل نصف عدد الناقلات المستخدمة في التخزين منتصف 2017، ويقول تجار إن صهاريج تخزين النفط البرية في المنطقة، ومن بينها تلك الموجودة في موقع فوباك بوالية جوهر في ماليزيا، لم تعد محجوزة بالكامل، في تحول عن 2016 و2017 عندما كانت هناك مخاوف من الوصول إلى حالة امتلاء كامل لصهاريج التخزين في سوق النفط.
وهبوط المخزون علامة على أن خفض الإنتاج، الذي بدأته منظمة أوبك والمستقلين بدأ يحدث تأثيره المستهدف في تقليص تخمة المعروض العالمي من الخام.
وكان التأثير الرئيس لخفض إنتاج "أوبك" هو إحداث تغيير في هيكل منحنى سعر النفط، ففي خضم تخمة المعروض، اتجهت أسعار الخام للتسليم الفوري نحو الانخفاض عن أسعار العقود الآجلة، وهو هيكل في سوق النفط يمنح التجار حافزا لتخزين النفط وبيعه في وقت لاحق.
ومع تقلص تخمة المعروض في السوق حاليا أصبحت الأسعار الفورية أعلى من الآجلة وهو ما يلغي تلك الميزة، وأوضح أويستين بيرنتسين مدير تجارة الخام لدى "سترونج بتروليوم" في سنغافورة: "بيعت معظم مخزونات المراهنة على ارتفاع السعر الآجل العائمة".
ويظهر منحنى سعر النفط أن الأسعار الفورية أعلى بنحو أربعة دولارات للبرميل فوق أسعار التسليم للفترة المقابلة بعد عام، وأضاف بيرنتسين أنه "لم يعد المخزون العائم اقتصاديا".
وعلاوة على ذلك، تظهر بيانات الشحن أن الأغلبية العظمى من الناقلات المستخدمة في تخزين النفط حول سنغافورة ليست ممتلئة بالكامل، وذلك على النقيض ما كان عليه الوضع في 2016 و2017.
ومع ذلك، فإن العوامل الرئيسة التي قد تؤدي إلى عودة تخمة المعروض مجددا في أسواق النفط تتمثل في إنهاء خفض الإنتاج الذي تقوده "أوبك" وروسيا، إضافة إلى الارتفاع الكبير في إنتاج النفط الأمريكي.
ويرتفع إنتاج أمريكا بوتيرة سريعة، وصادراتها النفطية تظهر بشكل متزايد في آسيا، فقد سجلت الولايات المتحدة مستوى قياسيا مرتفعا جديدا في إنتاج الخام عند 10.27 مليون برميل يوميا هذا الشهر، وحذرت وكالة الطاقة الدولية من أن الإمدادات ربما تتجاوز نمو الطلب مجددا في وقت لاحق هذا العام.