مال وأعمال
تحليل : لماذا تحرك سعر الصرف ؟!
التنمية برس : خاص
تمهيد:
في النصف الثاني من شهر ابريل ٢٠١٩ شهد سوق الصرف الاجنبي تغيرا ربما متسارعا بعد فترة شهد فيه السوق استقرارا نسبيا .
هذه التغير وان لم يكن كبيرا في سعر مبادلة الدولار مع العملة الوطنية ويستتبع ذالك مع الريال السعودي لناحية تغير قيمتة مع الريال اليمني؛
اثار قدرا من المخاوف ،لدى قطاع واسع من الناس، وهذا شيء طبيعي جدا، بالنظر الى اهمية سعر الصرف ،في عملية الاستقرار الاقتصادي والمعيشي، هذه المخاوف، وجدت طريقها ،في تداولات وسائل التواصل ، وفي الصحافة السياسية، والاقتصادية.
كل يفسر ماحدث على طريقتة ؛اما اعتمادا على موقفة، او تضمينة رؤى شخصية غير موضوعية ،لكن هذا التعدد؛ في الرؤى الشخصية، والمواقف، عندما يتعلق الامر بالتضخم وسعر الصرف لايعد عيبا بل شيئا طبيعيا ويحدث في كل الانظمة والازمنة .
لكن قبل ان اجيب
على السؤال الذي عنونت به هذا المقال التحليلي ؛ علي ان اذكر ان اليمن في ظل الحرب التي دخلت عامها الخامس تضررت اقصادها الهش بطبيعتة بشكل غير مسبوق ؛ بحيث اصبحت الاختلالات عميقة في كل المؤشرات الاقتصادية الاساسية الكلية .
وفي ميزان المعاملات الخارجية؛ من قراءاتي لم اجد ارقام تاريخية وصل لها العجز في تعاملات اليمن الخارجية هذا المستوى ربما منذ نصف قرن بالمقارنة مستويات التي تولدت نتيجة للحرب الخالية.
لم تعد تمثل الصادرات اليمنية سوى ٦% من قيمة ماتستوردة البلاد من سلع وخدمات نهاية ٢٠١٨ .
وبحسب الارقام الصادرة عن البنك الدولي فانه يمكن القول ان مايحافظ على البقاء في اليمن ؛ تحويلات المغتربين اليمنيين في الخارج ، و حصليت المساعدات الانسانية الدولية والتي بلغت في عام 2018 على التوالي 2.9 مليارات دولار تحويلات المغتربين ، 2.700 مليارات دولار المساعدات الدولية (تقرير البنك الدولي ابريل 2019) لذلك وبالنظر الى ان الناتج المحلي اصبح يعتمد الى هذا الحد على عوامل خارجية وليس على مايولدة داخليا .
هذا الاختلال الخطير في ميزان معاملات اليمن مع العالم الخارجي هو مستوى لم يسبق ان وصل اليه الاقتصاد اليمني في كل حروبة وربما منذ نصف قرن. لذلك هذا المعطى المرتبط بحالة ميزان المعاملات الخارجية والاختلالات الحالية في مجمل المؤشرات الاقتصادية في اليمن في ظل الحرب عند قراءت المؤشرات الحاكمة في سعر الصرف .
لماذا تحرك سعر الصرف ؟
اعلن البنك المركزي قبل ايام عن وصول الموافقة على الدفعة رقم "٢٢" بقيمة 39 مليون دولار حسب الالية المعتمدة لاستيراد السلع الغذائية الا ساسية والتي تمنح من قبل البنك المركزي للتجار المستوردين عبر البنوك اليمنية كاعتمادات مستندية تغذي حسابات المستوردين في الخارج عند سعر ثابت 440 ريال لكل دولار وهو مايعني ان السحب من الوديعة السعودية لدعم السلع الغذائية البالغة 2مليارات دولار قد وصل مع نهاية ابريل 2019 اكثر من
"800" مليون دولار. ويوم امس اعلن البنك المركزي ان قيمة المصارفة التي اعتمدها بموجب آلية استيراد النفط بلغت 20 مليارات ريال .
اشير الى هذا كي ابين حجم الجهود التي يقوم بها البنك المركزي لدعم الغذاء للسيطرة على التضخم واستقرار سعر الصرف هذه الجهود يفترض ان تؤدي وظيفة استقرار سعر الصرف ومنع تدهوره .
في رمضان يرتفع طلب المستهلكين وهذا سينعكس على سعر السلع الاستهلاكية وهذا شيء طبيعي هذا الانفاق الكثيف في بداية رمضان وخلال الشهر ينعكس على ارتفاع المستوى العام ويستتبع هذا التغير في معدل التضخم
تتغير ايضا اسعار الصرف بحكم العلاقة التبادلية بين التضخم واسعار الصرف .
لكن في اليمن من جهة اخرى في موسم رمضان تزداد تحويلات المغتربين الى الداخل في بداية الشهر الكريم وقرب نهايتة لاهاليهم هذه التحويلات يفترض ان تؤدي الى نوع من البلانص( التعادل) في سوق الصرف بين العرض والطلب وبالتالي يعمل على حفظ الاستقرار النسبي في سعر الصرف في الاجل القصير .
لكن عادتا ما يؤدي تكثف التحويلات الخارجية وخلال فترة قصيرة جدا للتاثير سلبا على الاسعار لان هذه الاموال الاجنبية الداخلة الى الاقتصاد من وجهة النظر الاقتصادية تحتاج الى مايقابلها من السيولة المحلية وهذا الاثر سينعكس سلبا على الاسعار.
لكن في حالتنا النسبة الاكبر من المعروض النقدي موجوده في التداول لدى الافراد وخارج القطاع الرسمي ويعمل الحوثيين بقوة لبقاء السيولة خارج البنوك .
في حين يعمل البنك المركزي وبشكل حثيث على إعادة الثقل للبنوك وتدعيم سيولتها
لكن الاجراءات التي يتبعها الحوثيين في منع البنوك من تداول العملة المصدرة من الطبعات الجديدة رغم النقص الشديد في السيولة ومنع التحويلات المالية إلى المناطق خارج ارضة إلا بمبالغ محدودة جداهذه الاجراءات وغيرها عدا عن استمرار لحوثيين في المضاربة على اسعار الصرف بعد رفضهم الانظمام الى الالية المعتمدة على استيراد النفط التي اعلنها البنك المركزي بعد محاولة خلق ازمة في المشتقات هي ماتؤدي الى الضغط على اسعار الصرف ودفعها للتحرك .
مرة اخرى منع البنوك و التجار والمستوردين في صنعاء من تداول الطبعات الجديدة وفرض وانزال الاموال التالفة غير الصالحة للتداول والحد من زيادة تعاملهم وفق الاليات المعتمدة وغيرها من العوامل تتقاطع مع هدف البنك المركزي في تحقيق الاستقرار وتتقاطع مع رغبات المستثمرين ومصالحهم ومع حاجات الناس للاستقرار المعيشي وبالتالي مع المصالح العليا للسكان في اليمن .
وبالتالي هذه العوامل من بين العوامل الرئيسية التي ادت الى تحرك سعر الصرف.
عدا ان تصاعد المعارك والتطورات العسكرية الجارية من بين هذه العوامل والاسباب والاسباب التي تفسر تحرك سعر الصرف حيث يرتفع منسوب القلق في اوساط المتعاملين ورجال الاعمال و يسيطر على السوق قدر اكبر من عدم التيقن.
ومع ذلك شخصيا ومن خلال قراءاتي اتوقع ان يشهد سوق الصرف الاجنبي استقرار مع بدية الاسبوع والاسابيع القادمة .
د.يوسف سعيد احمد