في الأضواء
القطاع الخاص والخبراء يدعون إلى حوار بين الأطراف المعنية وشركات الملاحة لتخفيف تداعيات أحداث البحر الأحمر على الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن
- دعا ممثلو القطاع الخاص والمنظمات الدولية الإنسانية في اليمن إلى حوار بين الأطراف المعنية وشركات الملاحة الدولية لتخفيف تداعيات الأحداث في البحر الأحمر على الوضع الاقتصادي والإنساني، وتحييد الملف الاقتصادي عن الصراع والحرب التي تعيشها البلاد، وألقت بآثارها الكارثية على الوضع المعيشي.
وطالب المشاركون في ندوة "تداعيات الأحداث في البحر الأحمر وخليج عدن على الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن"، التي نظمها نادي رجال الأعمال في العاصمة المؤقتة عدن وفريق الإصلاحات الاقتصادية، بالشراكة مع مركز المشروعات الدولية الخاصة (CIPE) بتفعيل دور القطاع الخاص كشريك أساسي في إيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية.
وفي افتتاح الندوة، تحدث رئيس فريق الإصلاحات الاقتصادية أحمد بازرعة حول أهمية النظر إلى تداعيات الأحداث في البحر الأحمر وخليج عدن من زاوية إنسانية واقتصادية مشيرًا إلى انعكاسات الحرب التي تشهدها اليمن على الوضع الاقتصادي والإنساني. واستعرض بازرعة جهود الفريق على مدى العقد الماضي في تقديم العديد من الرؤى والسياسات التي تهدف إلى تحسين السياسات الاقتصادية لاسيما ما يتعلق بالعملة الوطنية وتحديات النقل وغيرها.
رئيس مجلس إدارة نادي رجال الأعمال في عدن، علي الحبشي تحدث في الندوة حول تكاليف الشحن عبر البحر الأحمر والتأخير في وصول الحاويات وتأثير ذلك على التجار، باعتبارها أبرز المعضلات التي أفرزتها الأحداث في البحر الأحمر، ناهيك عن صعوبات في تصدير الأسماك إلى خارج البلاد.
وأكد الحبشي بأن القطاع الخاص في اليمن كتلة واحدة ومتماسك للغاية حتى الآن، كما أن رجال الأعمال في اليمن يفكرون بصوت واحد داعيًا إلى خلق حوار بين القطاع الخاص والدولة والمجتمع الدولي مع التأكيد أن تداعيات ما يجري في البحر الأحمر على اليمن، هي مسألة إنسانية لها بعد أخلاقي وإنساني، يجعل من مصالح الناس ومعيشتهم القضية الأهم التي يجب الاهتمام بها.
واقترح الحبشي أن يتم العمل بشكل مكثف على وقف الحرب لأنها مسألة ضرورية، وسبب كل المشكلات الاقتصادية التي أضرت بالبلاد وخلفت هذا الوضع المؤلم، كما اقترح إجراء الحوار مع الخطوط الملاحية، وفتح نقاش حول برامج الرحلات التجارية والمخاطر التي تواجهها وخلق حوارات مع الإقليم وعمل مناصرة للقضية الإنسانية في اليمن.
الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور يوسف سعيد تطرق إلى أهمية التحرك لمنع الممارسات المضرة بالاقتصاد ومصالح القطاع الخاص، مثل الإتاوات المالية التي تفرض من المناطق الداخلية، وضرورة الحاجة إلى الضغط من أجل مساءلة المنتهكين للقانون الإنساني الدولي، كما الحاجة إلى زيادة تدخلات الدولة في مجال البنية التحتية والكهرباء والمياه والصرف الصحي، وإصلاح الطرق وزيادة الاستثمارات.
بالإضافة إلى حماية المدنيين ومكافحة الفساد، ودور المنظمات الدولية والاستجابة الإنسانية عبر برامج مرنة، يكون لها قدرة للوصول إلى المناطق المحتاجة، بحسب الأكاديمي يوسف سعيد.
وحول التداعيات الإنسانية، تحدث نائب مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية في عدن الدكتور سعيد حرسي، الذي كشف عن تركيز قوي على رفع مستوى الدعم الإنساني بالشراكة مع المنظومة الدولية والشركاء المحليين، ورفع جودة الاستهداف وضمان ذهاب المساعدات لمستحقيها، والنظر للسياق الإنساني أو التنموي وبرمجة التدخلات التنموية والخدمية، وعدم الاقتصار على العمل الإنساني البحت.
كما أشار إلى أهمية التركيز على التوجه إلى تعزيز الصمود للأسر والمجتمعات المحلية، لافتًا إلى أن هناك بعض الشراكات المشجعة، واستغلال الموارد المتاحة، وتفعيل المساءلة، ووجه الدكتور مرسي رسالةً للجميع من أجل العمل على توحيد الجهود من داخل اليمن، وجهود الدول المانحة وشركاء اليمن والمجتمع الدولي حتى تكون في نفس السياق.
وقلل من تداعيات تصنيف جماعة الحوثي كجماعة إرهابية على العمليات الإنسانية في اليمن، مؤكدًا أن الأمم المتحدة ستستمر في برامجها الإنسانية.
من جانبه، دعا المستشار الأول في مجموعة هائل سعيد أنعم وشركائه، وعضو فريق الإصلاحات الاقتصادية، مازن أمان إلى ضرورة التركيز على قضية تدهور العملة، كونها أم المشاكل، وأساس للكثير من التحديات المذكورة التي يواجهها القطاع الخاص، وقال أمان: إن أي إصلاحات سواء على مستوى الدولة أو القطاع الخاص لن تحقق شيئًا طالما هناك تدهور في قيمة العملة المحلية، حيث أن تأثيرها يكون كبيرًا على المواطن والقطاع الخاص.
أمان، اعتبر أن الموانئ اليمنية من أكثر موانئ العالم تكلفة حتى قبل الأزمة الراهنة بسبب التوتر المستمر الحاصل في المنطقة منذ سنوات، كما أنه لا توجد خطوط ملاحية مباشرة إلى الموانئ اليمنية، فالأزمة الراهنة لم تأتِ على وضع طبيعي، ولكن هناك ارتفاع في التكفلة ضاعف الأزمة، ورغم القوة الشرائية الضعيفة لليمنيين إلا أن القطاع الخاص واجه مشكلة مضاعفة تكاليف التأمين التي غالبا ما تكون على عاتق المواطن.
وأضاف أمان: في السنوات الأخيرة أثبت القطاع الخاص اليمني أنه خاض تحديًا كبيرًا وأثبت مرونته في امتصاص الضغوط والحفاظ على توفير الغذاء الأساسي للمواطنين، مقارنة بدول أخرى واجهت مشكلات أكبر، مشيرًا إلى أن استمرار هذه الضغوط دون توفير تمويلات دولية سيضاعف الأزمة والتداعيات، وربما لن يستطيع القطاع الخاص تحمل المزيد.
وشهدت الندوة مداخلات من رجال الأعمال والخبراء الاقتصاديين المشاركين فيها، حيث طالب رئيس الغرفة التجارية والصناعية بعدن، أبوبكر باعبيد استمرار الرواتب للموظفين وزيادتها، باعتبار أنها ستخفف من التداعيات، خاصة إذا لم تنجح الدولة والمجتمع الدولي من الحد من هذه الأزمة، حتى يستطيع المواطن أن يتحمل ما يجري.
فيما اقترح رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، إيجاد صندوق لتوفير مبالغ التأمين بالعملة الصعبة؛ لتخفيف حدة ارتفاع التأمين على الشحن البحري والسلع الواصلة إلى اليمن.
المشاركون في الندوة أوصوا بفتح حوار عاجل بين الأطراف اليمنية المعنية بالشأن الاقتصادي والإنساني مع شركات واتحادات الملاحة الدولية لوضع حلول وإجراءات تخفف من تكاليف الشحن إلى الموانئ اليمنية وتنظيم جداول الشحن وتسهيل إجراءاته بالتعاون مع السلطات المختلفة.
وطالبوا في ختام الندوة بضرورة معالجة التصاعد المستمر في ارتفاع كلفة التأمين البحري على البضائع المتجهة إلى اليمن، حيث تم اقتراح إنشاء صندوق ممول من أطراف إقليمية ودولية لمواجهة مخاطر النقل البحري والمساهمة في تخفيف كلفة التأمين على النقل البحري.
واقترح المشاركون عددًا من البدائل المهمة لتحسين عملية النقل والشحن البحري ومنها خلق بديل محلي للقيام بعملية الشحن البحري بين الموانئ اليمنية الرئيسية بحيث يتم استئجار أو إيجاد أسطول نقل بحري للقيام بالمهمة، كما أوصوا بضرورة إعادة طرح العديد من الرؤى والتوصيات التي كان قد تقدم بها فريق الإصلاحات الاقتصادية بشأن توحيد العملة والحد من تدهور سعر الريال اليمني تحت ما يسمى "مبادرة توحيد السياسة النقدية في اليمن"، وكذلك مبادرة معالجة مشكلات النقل.