في الظل

من الريادة إلى الخلود وداعاً بازرعة.. التاجر الإنسان الذي شيّد جسوراً بين التجارة والخير

التنمية برس ■ كتب/ رئيس التحرير:

 

● أعماله لاتزال تنبض بالحياة.. ومؤسساته تُكمل رسالته المجتمعية

● أول وكيل عربي لسيارات تويوتا ولكزس اليابانية في الشرق الأوسط واليمن.. وسيرة حياة حافلة بالعطاء والريادة

● تاريخ ناصع في بناء الإنسان ودعم مؤسسات التعليم والصحة

● قصة رجل تجاري يمني صنع مجده بالاخلاص.. وأهدى وطنه تاريخاً من العطاء 

●  ربط اليمن باليابان تجارياً.. وخلد إسمه خيرياً في قلوب الناس 

● مثّل اليمن في المحافل الدولية ورفع اسمها في المعارض العالمية وأسس رؤية اقتصادية اجتماعية مبكرة في بيئة تجارية صعبة


■ رحل عن دنيانا الفانية الخميس الماضي 17 يوليو 2025 والموافق  22 محرم 1447هجرية، وفي عمر ناهز 95 عاماً، بعد مسيرة تجارية واستثمارية امتدت لأكثر من سبعة عقود، ساهم خلالها في ترسيخ اسم اليمن على خارطة الشراكات الاقتصادية الدولية، لا سيما في قطاع السيارات.

 

إنه رجل لم يكن مجرد تاجر ناجح أو اسم لامع في عالم المال والأعمال، بل كان مدرسة في الكرم، وعَلَمًا من أعلام العمل الخيري والاقتصادي في اليمن والمنطقة. إنه المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ الوالد أبوبكر عمر أحمد بازرعة، الشخصية التجارية والاقتصادية البارزة، وصاحب الأثر الطيب في نفوس كل من عرفه أو تعامل معه.


ولقد شكّل الشيخ أبوبكر بازرعة علامة فارقة في تاريخ التجارة اليمنية، فهو يُعد أول وكيل عربي رسمي لشركة تويوتا اليابانية في الشرق الأوسط واليمن، وأول من أدخل سيارات لكزس الفاخرة إلى الأسواق اليمنية، واضعًا اللبنة الأولى لتأسيس قطاع السيارات الحديثة وتوسيع دائرة الوكالات الدولية في البلاد.
 

وما بين شغفه بالتجارة ودقته في الإدارة، حمل بازرعة همّ الوطن والمواطن، فلم يكن نجاحه في قطاع السيارات مجرد إنجاز اقتصادي، بل وسيلة لخدمة مجتمعه وتوفير فرص العمل وتمكين الشباب من دخول سوق العمل وتعلّم مهارات الميكانيك والصيانة والإدارة.

 

الاقتصاد في خدمة الإنسان

برزت فلسفة الشيخ بازرعة في دمج العمل الاقتصادي بالبعد الإنساني، فكانت شركاته ومؤسساته لا تُدار بعقلية الربح فقط، بل بروح المسؤولية المجتمعية، حيث ساهم في بناء المدارس والمراكز الصحية والمساجد، وموّل مشاريع البنية التحتية في عدد من المدن اليمنية، لا سيما في عدن وحضرموت.


كما عُرف عنه دعمه السخي للطلاب المتفوقين، ورعايته لبرامج الابتعاث والتعليم الجامعي في الداخل والخارج، إيمانًا منه بأن الاستثمار الحقيقي هو في الإنسان.

 

ريادة مبكرة وعلاقات دولية

وفي وقت لم يكن فيه العالم العربي قد بدأ بعد بالانفتاح التجاري مع اليابان، كان بازرعة من أوائل من نسجوا علاقات شراكة استراتيجية مباشرة مع شركات صناعة السيارات اليابانية، ونجح في كسب ثقة عمالقة الصناعة هناك، ليصبح واجهة عربية مشرفة في المحافل الاقتصادية.


كما كان حريصًا على تمثيل اليمن في المعارض الدولية والملتقيات الاقتصادية، ناقلًا صورة مشرّفة عن بلاده، ومُسهمًا في تعزيز مكانة التاجر اليمني عالميًا.

 

صوت التجارة الحكيمة.. ورمزاً للوفاء

ولم يكتفي بالثروة.. بل وهبها لخدمة اليمن وأبنائها، وحمل هم الوطن على أكتافه ولم ينسى المحتاج في خضم نجاحه، حيث أصبح بفضل الله وتوفيقه صوت التجارة الحكيمة ويد الخير السخية ورمزاً للوفاء للوطن والإنسان، وسفيراً اقتصادياً في زمن لا صوت فيه إلا للرواد التجاريين وبهذه الجهود والإنجازات المشهودة أصبح رجل بحجم وطن وعاش للتجارة ومات للناس، وبدأت انطلاقته من عدن إلى طوكيو عاصمة اليابان وتحولت حياته قصة نجاح باهرة خلّد إسمه في قلوب اليمنيين وترك وراءه مدرسة في المسؤولية المجتمعية والقيادة التجارية المتميزة. 

 

أعماله باقية.. وسيرته خالدة

ورغم رحيله، إلا أن بصمات الشيخ أبوبكر بازرعة لا تزال حاضرة، في شركاته، ومؤسساته، وفي الأيادي التي امتدت لتغيث المحتاج وتدعم الطامحين.


ويؤكد المقربون من الراحل أن إرثه مستمر من خلال أبنائه ومؤسسات أسرته، التي تواصل المسيرة بروح الوفاء للقيم والمبادئ التي أرساها.

صبر ومثابرة.. ونجاح أوسع

وبعد عدة محاولات مع شركات مختلفة لصناعة السيارات، أسس فقيد اليمن التجاري أبوبكر عمر بازرعة (مواليد عدن 1930) العلاقة مع شركة سيارات تويوتا أو ما كان يعرف (Toyota Motor Sales).  في ذلك الوقت، كان سوق السيارات في عدن شديد التنافس حيث يوجد عدد من العلامات الأوروبية والأمريكية، لكن بالصبر والمثابرة والكثير من الخبرة الفنية وخدمة العملاء تمكن أبوبكر عمر بازرعة من وضع بصمة قوية في سوق السيارات في عدن ولم يمر وقت طويل حتى كان إسم سيارات تويوتا هو الأقوى بين جميع السيارات.
 

إن الرؤية ومهارة الريادة التي يتمتع بها المرحوم أبوبكر بازرعة مكنته من وضع الأسس لمؤسسة قوية وحيوية ولمدة 70 عاماً يستمر المركز التجاري للسيارات والمحركات في النمو والتميّز، إضافة إلى الإنتقال السلس للجيل الثاني عزز ووسع أعمال وأنشطة الشركة إلى مجالات جديدة.  قاد الجيل الثاني (عبد الناصر، أحمد وعيدروس) الشركة وبنفس قيم ومبادئ المؤسس إلى الأمام وتمددت أعمالها إلى آفاق اوسع وأرحب.


ثقافة راسخة.. واسم تجاري ملهم

وأدرك المؤسس أهمية علاقات العملاء واستطاع غرسها في كوادر الشركة في وقت مبكر الأمر الذي نتج عنه ثقافة راسخة في خدمة العملاء وزرع قيم الصدق والأمانة والنزاهة في التعامل والتي أصبحت رديف لاسم الشركة والعائلة.


بإدراك المؤسس إمكانيات هذه التجارة، وبعدد محدود من السيارات التي تم استيرادها عام 1956 أصبحت اليوم حقيقة وقصة نجاح ملهمة لواحد من أعرق الأسماء التجارية في المنطقة.

 

شهادات من عرفوه.. وذكريات لا تُنسى

وفي حديث خاص لـ"التنمية برس"، تحدثث شخصيات تجارية من رجال المال والأعمال اليمنية حيث أفادت في سياق تصريحها قائلة: "الشيخ أبوبكر بازرعة لم يكن مجرد وكيل سيارات، بل كان سفيرًا اقتصاديًا لليمن في الخارج. تعلّمت منه كيف تكون التزكية المهنية متجذرة بالقيم، وكيف يُمكن للنجاح أن يتحول إلى رسالة خير وعطاء."

وأضافوا في نفس السياق قائلين: "تجربة بازرعة الاقتصادية تُعد نموذجًا فريدًا في إدارة المال بخدمة القيم والمساهمة المجتمعية، فهو من القلائل من الذين نجحوا في بناء إمبراطورية تجارية دون أن يتخلوا عن مسؤوليتهم تجاه الوطن والمحتاجين."
 

بازرعة أنموذج التواضع ورمز المسئولية الاجتماعية

وفي هذا الجانب فإن الحاج أبوبكر عمر بازرعة رحمة الله عليه لم يكن مجرد رجل أعمال، بل كان مدرسة في التواضع، القدوة، والمسؤولية الاجتماعية. وقد خسرته اليمن كقامة وطنية وتجارية كبيرة، ولكن بقي إرثه شاهداً على أن النجاح الحقيقي هو ما يبقى بعد الرحيل؛ وختاماً نرسل عزاؤنا ومواساتنا القلبية إلى أبنائه الكرام ( عبدالناصر وعيدروس وأحمد) وجميع الأقرباء وأفراد الأسرة الكريمة، ونسأل الله العلي القدير أن يتغمد فقيد الوطن والمواطن والاقتصاد بواسع رحمته ويغفر له ويجعل مثواه جنة الفردوس الأعلى من الجنة وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون .  
 

"ذا فيو".. تحفة معمارية تطل على بحر العرب.. ووجهة ترفيهية تعكس روح حضرموت السياحية


الإمارات تعزز ريادتها في الاقتصاد الرقمي.. تجارة خدمات الاتصالات تتجاوز 10 مليارات درهم في 2024


221 مليون دولار أرباح موبايلي السعودية في 3 أشهر.. نمو بـ26%


كيف تؤثر التقلبات الاقتصادية على أرباح الشركات العالمية؟