اقتصاد واستثمار

مورد وطني واعد: من «الذهب الأسود» إلى «الذهب الأبيض».. السعودية تدخل سباق الليثيوم العالمي

التنمية برس ■ عن/ صحيفة الوطن السعودية:

 

▪︎ في خطوة تعكس ملامح التحول الاقتصادي العميق الذي تقوده المملكة ضمن رؤية 2030، لم تعد السعودية مجرد «عاصمة النفط» أو حاضنة «الذهب الأسود»، بل باتت اليوم على أعتاب ثورة صناعية جديدة بطلها «الذهب الأبيض»؛ أي الليثيوم، حيث مثل الإعلان عن اكتشاف كميات واعدة من هذا المعدن الحيوي على أراضيها أكثر من مجرد إضافة لرصيد الثروات الطبيعية، إذ يشكل حجر الزاوية في بناء اقتصاد المستقبل وصناعة الطاقات النظيفة.



48.8 ألف طن ليثيوم

كشف التقرير السنوي لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية عن اكتشاف 48.8 ألف طن من الليثيوم موزعة في 17 موقعاً واعداً.


هذه الكمية، وإن كانت مبدئية، تضع المملكة على خريطة اللاعبين المحتملين في سوق الليثيوم العالمي، وهو سوق مرشح للنمو المتسارع مع الطلب الهائل على البطاريات وتقنيات تخزين الطاقة.

التقديرات تشير إلى أن الطلب العالمي على الليثيوم سيرتفع بمعدل 3.5 مرات بحلول 2030، ليصل إلى أكثر من 6.5 مرات بحلول 2034.

وفي ظل هذا المسار التصاعدي، يصبح امتلاك المملكة لمورد محلي من الليثيوم أداة إستراتيجية لتأمين سلاسل الإمداد وتقليل التعرض لمخاطر تقلبات الأسعار أو نقص المعروض.

توطين صناعة البطاريات

يمثل الليثيوم العمود الفقري لصناعة بطاريات الليثيوم-أيون، التي تدخل في كل شيء من الهواتف الذكية إلى السيارات الكهربائية. وعادة ما تكتفي الدول المصدّرة بتسويق المواد الخام، لكن السعودية تسعى إلى كسر هذه الحلقة عبر بناء منظومة صناعية متكاملة تبدأ من التعدين ولا تنتهي إلا عند تصنيع البطاريات وتصديرها إلى الأسواق العالمية.

هذا التوجه لا يضيف قيمة اقتصادية فقط، بل يفتح الباب أمام جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ونقل التقنية، وتأهيل الكفاءات الوطنية للعمل في صناعات متقدمة.

 

500 ألف سيارة

تستهدف المملكة إنتاج 500 ألف سيارة كهربائية سنوياً بحلول عام 2030، وهو هدف طموح يضعها في قلب التحولات العالمية نحو النقل المستدام. ويعد توفر الليثيوم محلياً عاملاً حاسماً لتحقيق هذا الطموح، إذ يمكّن من ربط قطاع التعدين بقطاع الصناعة التحويلية.

 

وقد بدأت المملكة بالفعل بخطوات عملية عبر إطلاق علامة «سير» للسيارات الكهربائية، إلى جانب افتتاح مصنع شركة «لوسيد» في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية. هذه المشاريع، إذا ما ترافقت مع استغلال احتياطات الليثيوم المكتشفة، فقد تجعل المملكة مركزاً إقليمياً لصناعة السيارات الكهربائية بما يخدم الأسواق المحلية والعالمية.

 

تقنيات سعودية مبتكرة

التحرك السعودي لا يقتصر على استخراج الليثيوم من الصخور الصلبة، بل يمتد إلى تطوير تقنيات مبتكرة لزيادة الجدوى الاقتصادية وتقليل الأثر البيئي. حيث تعمل شركة أرامكو، بالتعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست»، وشركة معادن، على مشروع تجريبي لاستخلاص الليثيوم من المياه المالحة المصاحبة لإنتاج النفط.

 

هذه التقنية، المعروفة باسم الاستخلاص المباشر لليثيوم (DLE)، تعد أسرع وأكثر استدامة مقارنة بالطرق التقليدية. ورغم ارتفاع تكلفتها حالياً، فإن توقعات أسعار الليثيوم عالمياً تمنحها بعداً اقتصادياً واعداً يمكن أن يضع المملكة في موقع الريادة التقنية، لا مجرد الريادة في الموارد.

 

أثر اقتصادي وإستراتيجي

لا يقتصر استغلال الليثيوم على كونه مشروعاً تعدينياً جديداً، بل يتجاوز ذلك ليكون ركيزة أساسية في مسار تنويع الاقتصاد السعودي. فمن خلال دمج قطاع التعدين مع التصنيع والطاقة المتجددة والنقل المستدام، تتحقق مجموعة من المكاسب المتوازية، مثل تعزيز الأمن الصناعي عبر تقليل الاعتماد على الواردات، وخلق فرص عمل نوعية في قطاعات البحث والتطوير والصناعة المتقدمة، وتطوير تقنيات صديقة للبيئة تدعم التزامات المملكة تجاه الاستدامة وخفض الانبعاثات، وترسيخ موقع المملكة كلاعب محوري في أسواق الطاقة التقليدية والجديدة على حد سواء.

من الرؤية إلى الواقع

ما يحدث اليوم ليس مجرد اكتشاف جيولوجي، بل هو جزء من قصة التحول الوطني الكبرى التي تقودها رؤية 2030. فالسعودية تسعى لأن تكون مركزاً عالمياً لصناعات المستقبل، عبر ربط مواردها الطبيعية المكتشفة بطموحاتها الصناعية والتكنولوجية.

 

ومع استمرار أعمال الاستكشاف وتطور تقنيات الاستخلاص، تقف المملكة على أعتاب أن تصبح مركزاً رئيساً في سلسلة قيمة الليثيوم العالمية، بدءاً من التعدين وصولاً إلى المنتج النهائي. إنها خطوة تكتب فصلاً جديداً في تاريخ الاقتصاد السعودي تحت عنوان: «صُنع في السعودية.. من النفط إلى الليثيوم».

فوربس تكشف عن قائمة أغلى لاعبي كرة القدم في العالم لعام 2025.. نجم برشلونة يتصدر القائمة بقيمة تتجاوز 230 مليون يورو!


انقطاع الكهرباء لأكثر من 20 ساعة يومياً يشل حياة المواطنين في مديرية شحن بمحافظة المهرة


رئيس الوزراء يؤكد استمرار تصدير النفط العراقي للأسواق العالمية لأكثر من 120 عاماً وطرح 6 فرص استثمارية جديدة في قطاع المصافي لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص


وزير الصناعة والتجارة البحريني: القرار (63) بشأن ضوابط إعفاء مدخلات الصناعة من الرسوم الجمركية خطوة استراتيجية لتعزيز الصناعات الوطنية