مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
أقر مجلس الوزراء “رؤية السعودية 2030” في 25 من أبريل الماضي، وكلف مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بوضع الآليات والترتيبات اللازمة لتحقيق هذه “الرؤية”. وقد طور المجلس الأخير باهتمام شخصي بالغ من رئيسه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ما سماه “نظام حوكمة متكامل” بهدف ضمان مأسسة العمل ورفع الكفاءة وتسهيل تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة، بما يمكن المجلس من متابعة تنفيذ “الرؤية” وفق ما خطط لها. وأعلن عن هذه التطورات الخميس الماضي.
احتوى “نظام الحوكمة” على رسم وتوضيح لإطار العمل على تحقيق “الرؤية”. تتصدره اللجنة الاستراتيجية في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، لتكون مسؤولة عن تقديم الدعم الاستراتيجي وما يتبعه من برامج تنفيذية، من خلال مكتب الإدارة الاستراتجية التي تعد الذراع التنفيذية للجنة. وهناك جهات داعمة هي اللجنة المالية والفريق الإعلامي ومكتب إدارة المشروعات ووزارة الاقتصاد والتخطيط ومركز الإنجاز والتدخل السريع ومركز قياس أداء الأجهزة الحكومية. كما طور المجلس آلية للتصعيد، لحل الإشكالات التي تواجه التنفيذ وفق مستويات من الصلاحيات.
سأوضح معنى وأساس الحوكمة الحكومية، ليعرف القارئ الكريم أولا الجذور التي استفاد منها مجلس الشؤون الاقتصادية برئاسة الأمير محمد بن سلمان، في تطوير نظام حوكمة متكامل، وثانيا ما بذل من جهود كبيرة في هذا التطوير.
الحوكمة وتسمى أحيانا الحِكمانية ترجمة بدأها البنك الدولي للتعبير governance. وهذا المصطلح «قافرنانس» كثر تداوله في العقود الثلاثة الأخيرة من قبل المتخصصين في التنمية والدراسات الحكومية إدارة واقتصادا، كما تزايد الاهتمام بها من قبل المنظمات الدولية والإقليمية ذات الاهتمام بالتنمية، باعتبارها منهجية لتحقيق التنمية المجتمعية في الدول النامية خاصة، نتيجة القصور في أداء وفعالية الإدارات الحكومية التي تعمل وفق المنهجية التقليدية، التي ازدادت حدة مع التحديات العالمية كالعولمة والتجارة العالمية الأكثر انفتاحا وسرعة انتشار المعلومات، مضافا إليها التحديات الداخلية كالفقر والبطالة.
يعرف البنك الدولي الحوكمة أو الحِكمانية بأنها ممارسة السلطة واستخدام الموارد المؤسسية لإدارة مشكلات وشؤون المجتمع. وقد يعدل هذا التعريف إلى تركيب السلطة والتعاون الجماعي لتوزيع الموارد وتنسيق الأنشطة في المجتمع أو الاقتصاد. والهدف تحقيق مزيد من الشفافية والمسؤولية والفعالية والمشاركة العامة وحكم القانون.
استفاد المترجمون في البنك الدولي من كتاب الماوردي “الأحكام السلطانية”، الذي ربط السلطة بالسلطان والسلطانية، كما استفادوا من المعجم العربي الأساسي للناطقين بالعربية ومتعلميها الصادر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الذي ورد فيه لفظ “حكمة” وتعني معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، أو معرفة الحق لذاته، ومعرفة الخير لأجل العمل به، مثلما تعني العلم والتفقه حيث ورد في القرآن الكريم: “ولقد آتينا لقمان الحكمة”.
وتعبير قافرنانس “الحوكمة” أو “الحِكمانية” يعطي تميزا عن مصطلح حكومة Government الذي يعني الحكم وإدارته.
في ندوة دولية قبل نحو 20 عاما، قام عشرون أكاديميا وممارسا بتتبع جذور المصطلح إلى القرنين السابع عشر والثامن عشر، في إنجلترا، حيث جمعوا التعاريف من المصادر العديدة لها، التي أوضحت تطور واتساع معاني قافرنانس “الحِكمانية”، وخلصوا إلى:
“أن التغير في دور الحكومة وتغير البيئة التي على الحكومة أن تمارس دورها فيها قد تمخض عن جلب الحِكمانية إلى الاستخدام، حيث لم تعد كلمة حكومة كافية” (الحِمكانية، من إصدار البنك الدولي، نقلا من كتاب كوركري Corkery عن الحِكمانية، 1999).
وقد توسعت منظمات دولية في استخدام التعبير بشكل واسع، كآلية لإدامة التنمية، عبر التنمية الاقتصادية والسياسية والإدارية في القطاعات الحكومية والمجتمعية.
حشد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عددا من المتخصصين لمناقشة الحوكمة، وقد خلصوا إلى أنها تعني:
“ممارسة السلطات الاقتصادية والسياسية والإدارية لإدارة شؤون المجتمع على مستوياته كافة”. كما عرفت بأنها “التقاليد، والمؤسسات والعمليات التي تقرر كيفية ممارسة السلطة، وكيفية سماع صوت المواطنين، وكيفية صنع القرارات في قضايا ذات اهتمام عام” (كتاب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الحِكمانية لأجل تنمية بشرية مستدامة، 1997).
ووفقا لورقة صادرة من البنك الدولي عن “الحِكمانية”، تصنف التعريفات التي تتناول معناها في الأدبيات المختلفة إلى ستة محاور:
المحور الأول ويدرس العلاقة بين آليات السوق والتدخل الحكومي.
المحور الثاني ويبحث الحِكمانية من خلال التركيز على سلوك منظمات القطاع الخاص.
المحور الثالث ويعبر عن اتجاه الإدارة الحكومية الجديد والقائم على إدخال قيم مثل المنافسة وقياس الأداء.
المحور الرابع وهو امتداد للمحور الثالث مضافا إليه الربط بين الجوانب الإدارية وغير الإدارية.
المحور الخامس ويعبر عن أن السياسات العامة ما هي إلا محصلة للتفاعلات الرسمية وغير الرسمية بين عدد من اللاعبين: الحكومة والقطاع الخاص والمجتمعات المدنية.
المحور السادس ويرى أن مفهوم الحِكمانية يتركز في إدارة مجموعة من الشبكات المنظمة في عدد من الأجهزة الحكومية.
نقلا عن الاقتصادية