مثلما كانت سينما الشيخ عثمان محور حديث المدينة في الماضي فإنها اليوم نقطة شد وجذب ، ما بين مؤيد لسلامة الإجراءات المتحدة بشأنها أو مستهجن لها .
عودة السينما لملاكها نتاج طبيعي لدخول عدن الوحدة اليمنية ، وما أتصل بهذا الأمر من تطبيق سياسة السوق المفتوحة والتي رفعت الدولة يدها عن حزمة من الالتزامات للمجتمع . ونتج عن ذلك إلغاء قانون التأمين السابق للدولة الوطنية في عدن واستعادة بعض الأهالي ممتلكات خاصة لهم
إلى هنا والأمر اعتيادي ونتاج طبيعي لحزمة إجراءات سياسية واقتصادية تعاقبت علينا ليست مجال الذكر لها هنا .
لكن سينما الشيخ عثمان ومثلها كل دور السينما في كل عدن ،بل وكل الممتلكات الشخصية التي أممت وتم الانتفاع بها للأغراض العامة لم تعد ملكا خاصة لأصحابها . بل صارت حق عام لعدن . وكان على الدولة التي ألغت قانون التأميم التفكير بالبدائل الواجب العمل بها في مثل هذه الخصوصية .
لكن تلك الإجراءات لم تنشغل بها صنعاء .فما الذي يهمها في ذلك ، وعدن قد خضعت لإجثتات من الجذور لا مجال ذكرها هنا .بل أن رموز السلطة في العاصمة اليمنية كانوا أول الباسطين للكثير من المواقع المماثلة والأراضي البيضاء التي ورثثها عدن بموجب مفاوضات الاستقلال ، والتي ظلت سلطة عدن محافظة عليها حتى قيام الوحدة باعتبارها ركائز تنموية مستقبلية .
ما حدث لسينما الشيخ عثمان قد حدث لمواقع رسمية أخرى. وسيتكرر الأمر لاحقا لمواقع أخرى تعود ملكيتها للأفراد مالم ترسم السلطات سياسة بديلة لها وتحفظ لعدن موروثها العام . وسنجد أنفسنا في عدن وقد أفرغت هذه المدينة من ملامحها الثقافية .وربما نفاجأ أن يحدث ذلك أن تعود المواقع المملوكة للجاليات الأجنبية في عدن لأصحابها .بل سيمتد الحال الي المواطنين ممن يملكون بيوتا قديمة أو مساجد ومدارس وما شابه ذلك ذات نمط معماري فريد . وسنجد أنفسنا أمام مدينة لا نعرفها ولا تعرفنا. والسبب يكمن فيما يلي :-
- سوء توصيف متعمد للإجراءات الواجب اتخاذها كنتاج لألغاء قانون التأميم
- جهل عام بقوانين السلطة البريطانية لعدن التي كانت تحتكم لها الملكية الخاصة للمساكن والعقارات التجارية ، والتي نظمتها تلك القوانين بفترة زمنية محددة ، مالم فإن شكل الملكية سيتغير.
- عدم احترام الخصوصية الحضارية لمدينة عدن المتمثلة بالممتلكات الخاصة التي آلت ملكيتها إلى السلطة الوطنية بعد قانون التأميم والتي تستخدم حتى اليوم للأغراض العامة والتفكير في بدائل تعويضية.
- غياب الدور الرسمي الحريص ثقافيا على الموروث الثقافي لعدن ، والذي ما زال عاجزا عن توثيق مرتكزات الحق الثقافي لعدن وحفظها في السجلات القانونية الرسمية ، وإعادة تشغيل هذه المواقع العامة في أنشطة رسمية ومجتمعيةوالمحافظة عليها حقا عاما لعدن.
لا تستغربوا إن صحونا يوما وعدن ليست حقنا . السبب الحقد الرسمي العام الذي استباح عدن بكل الصور. إن عدم احترام الحق الثقافي العام لعدن من قبل سلطة الوحدة قد تمثل في كل صور العبث والتغيير والبسط . ولست مغالية في الطرح لأنه منذ ٢٠٠٥ وحتى اليوم ونحن نطالب الجهات الرسمية المسئولة عن الحق الثقافي لعدن التحرك لوضع الضوابط وتفعيل قوانين البيع والشراء وتهدم وإعادة البناء بأنماط يحترم الهوية الثقافية لعدن وترسيخ العلاقة بين السلطات الرسمية والجهات الرسمية التي تنتفع بمواقع عامة قديمة .
، وغيرها من الإجراءات التي تعلمها هذه السلطات أكثر منا.
الحق الثقافي هو توأم الحق السياسي والوطني لعدن وأبنائها .