مال وأعمال
هل يرتفع سعر برميل النفط إلى 200 دولار... أو أكثر؟
التنمية برس : خاص
سايمون هندرسون: إنه فصل الصيف. الحرارة مرتفعة، والجميع يريد الذهاب في عطلة صيفية. لكن مَن يتابع أخبار سوق النفط يساوره شعورٌ مزعج بأنه قد لا يتسنى له قراءة رواية تافهة على شاطئ البحر، لأن أسعار النفط على وشك الانفجار.
ومَن المُلام؟
يأتي على رأس اللائحة الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي حذّر الولايات المتحدة يوم الأحد من أن الصراع مع الجمهورية الإسلامية سيكون "أمُّ الحروب كلها". بالإضافة إلى ذلك، فإن تعليقه بأنّ إيران "لطالما ضمنت الأمن" في مضيق هرمز - الممر المائي الضيق نسبياً الذي يربط الخليج العربي بالمحيط الهندي، والذي تمر عبره 40 في المائة من صادرات النفط العالمية - اعتُبر تأكيداً للتهديدات الإيرانية بإغلاق المضيق فعلاً وليس إنكاراً لها.
وقد دفعت كلمات روحاني الرئيس ترامب إلى تغريد تحذيره الخاص على موقع تويتر، بأحرف كبيرة.
ولم يكن من المستغرب أن ترتفع أسعار النفط في الأصل يوم الاثنين، ولكن أثناء كتابة هذه السطورعادت الأسعار وانخفضت إلى ما دون المستوى الذي أُغلقت عنده يوم الجمعة الماضي. فقد بقي مؤشر "خام غرب تكساس المتوسط "(West Texas Intermediate)" - الذي يُعتبر مؤشراً هاماً في سوق النفط - أقل من 70 دولاراً للبرميل الواحد.
ومع ذلك، أثار تحليل جديد مخاوف أخرى. فقد أصدر مراقب سوق النفط المتمرس فيليب ك. فيرليغر تقريراً من شركته "بي كي فيرليغر المحدودة" توقّع فيه وصول أسعار النفط إلى 200 دولار للبرميل الواحد، مع إمكانية ارتفاعها بشكل ساحق إلى 400 دولار للبرميل خلال الأشهر الاثني عشر إلى الثمانية عشر المقبلة.
واستند تركيز فيرليغر إلى نقص خفيّ في وقود الديزل، بدلاً من التهديدات الجغرافية-السياسية التي تم تبادلها بين روحاني وترامب. ومع ذلك، لا يمكن التغاضي عن تحليله بسهولة. يتعين على محطات التكرير في جميع أنحاء العالم إعادة تقييم وقودها لإنتاج ديزل منخفض الكبريت للوفاء بالأنظمة البيئية الجديدة، مما يؤدي إلى نقص يمكن أن يدفع الأسعار إلى الأعلى.
وفيما يلي بعض المبادئ التوجيهية التي توضح النقاط المهمة لأولئك الذين يجدون صعوبةً في فهم طريقة عمل أسواق النفط:
السياسة الجغرافية: هو مصطلح منمّق للحروب والأزمات. فإذا [اندلعت] الحرب في الشرق الأوسط، قد يكون الوضع سيئاً بالنسبة إلى أسواق النفط، على الرغم من أن المذابح التي اجتاحت سوريا واليمن في السنوات الأخيرة كانت بالنسبة للسوق مجرد ضجيج في الخلفية. ومن المحتمل أن يتمكن السوق من تحمّل انخفاض صادرات النفط الإيرانية أو حتى انعدامها - ولكن إذا تم تخفيض الصادرات السعودية، فسيكون التأثير سيئاً.
وفي رأيي، إن كل هذا الكلام عن مضيق هرمز هو مجرد أداة لتشتيت الانتباه: فخطوط الشحن الواردة والصادرة تمر فعلياً في المياه الإقليمية العُمانية. وإذا هددت إيران الناقلات بضربة عسكرية (الخيارات الواضحة هي استعمال الألغام العائمة أو القوارب السريعة)، فسيردّ الأسطول الخامس الأمريكي، بدعمٍ من حلفاء الولايات المتحدة، على الفور وبقوة. وأظن أن إيران قد تفضّل التكتيكات التي لا تتجلى فيها لمستها بوضوح - مثل تخريب منشآت النفط السعودية أو البحرينية، أو تشجيع المسلمين الشيعة في هاتين الدولتين على التمرد.
أوبك و"أوبك بلس" (تقييد الإنتاج = OPEC-Plus): تحبّ الدول المصدّرة للنفط الأسعار المرتفعة التي توفّر لها المزيد من المال لإنفاقها داخل بلدانها (أو في جنوب فرنسا وأماكن مماثلة). ولربما ظنّنا قبل عامين أننا قد ودّعنا الكارتل الذي ترأسه السعودية، لكنّ الرياض تعاونت مع موسكو (وبالتالي "أوبك بلاس") لتقييد الإنتاج ولاستنزاف المخزونات الكبيرة بوجه خاص. والنتيجة هي الأسعار الحالية. وحتى الآن، لا يزال الحديث الأخير عن زيادة الإنتاج لمنع ارتفاع الأسعار بشكل حاد مجرد كلام.
الاقتصاديات: النمو أمر جيد عموماً ولكنه يزيد أيضاً الطلب على الطاقة، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وفي الوقت الحالي، يشهد الاقتصاد العالمي نمواً جيداً ومن هنا جاء ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر الأخيرة. بيد، إن الاحتمالات المتزايدة لحدوث حرب جمركية [تعريفية] بين الولايات المتحدة والصين تثير حالة كبيرة من عدم اليقين تضرّ بالنمو الاقتصادي.
العوامل التقنية: وهي العبارة التي يستخدمها خبراء المجال لوصف الضوابط المفروضة على معامل التكرير وخطوط الأنابيب. فبرميل النفط الخام [بحالته الأصلية] غير صالح للاستخدام، إذ إنه بحاجة إلى عملية "تقطير تجزيئي" في معمل تكرير من أجل إنتاج الديزل والبنزين وزيت الوقود الثقيل ومجموعة من المنتجات التي لا ترتبط بقطاع النقل، بل يُستخدم بعضها في المستحضرات الطبية. ويختلف الطلب باختلاف المنتج، ولا يمكن تعديل عمليات التجزيء المختلفة بشكل كبير. ومن أبرز المخاوف الأمريكية هو توفر خطوط الأنابيب، إذ يتعذر إرسال بعض الزيت الحجري الجديد إلى معامل التكرير بسبب عدم وجود خطوط أنابيب كافية. ويبدو أن أحداً لا يرغب في مرور خط أنابيب جديد.