النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة

النمو الاقتصادي الراهن في الكثير من الدول والأقاليم بطيء، والاستثمار ضعيف، والبطالة منتشرة وخصوصاً بين الشباب والنساء، والفقر ما زال منتشراً، وعدم المساواة في الدخل والثروة تزيد صعوبة تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030. فقد بلغ معدل نمو الاقتصاد العالمي 3.6% في عام 2018 ويتوقع أن ينخفض إلى 3.3% في العام 2019. ويتوقع أن ينخفض النمو الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة من 2.2% إلى 1.8% بين العامين 2018 و2019. وفي الاقتصادات الصاعدة والنامية ينخفض النمو الاقتصادي من 4.5 % إلى 4.4%، وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ينخفض النمو من 1.4% في عام 2018 إلى 1.3% في عام 2019 علماً أن متوسط معدل نمو اقتصاد منطقة مينا كان نحو 5.1% في الفترة 2001-2010. أما قضية عدم المساواة في الدخل، فقد شغلت الاقتصاديين لفترة طويلة واكتسبت أهمية جديدة منذ الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي برزت أولاً في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2008 وانتشرت في الاقتصاد العالمي فيما بعد.

 

في ضوء ذلك، جادل اقتصاديون بارزون أمثال جوزف ستيجلتز وتومس بكتلي وبرانكو ميلانوفك بأن عدم المساواة في الدخل هي قضية اجتماعية كبرى في عصرنا الراهن. وهذه النتيجة بشأن عدم المساواة في الدخل على أساس «معامل جيني» تدعمها دراسات تجريبية بينت ارتفاع معامل جيني منذ منتصف سبعينات القرن العشرين في الاقتصادات المتقدمة مقارنة مع فترة طويلة سابقة انخفض فيها «معامل جيني» من مستويات عالية بداية القرن العشرين.


في ضوء هذا الواقع الراهن يبرز التساؤل: ما هو المطلوب، ومن ينجز المطلوب لإنعاش الاقتصاد ويخلق فرص عمل جيدة توفر دخلاً جيداً يرفع مستوى العيشة، ويقلص عدم المساواة في الدخل ويقضي على ما تبقى من جيوب الفقر؟


الفاعلون في الاقتصاد ثلاثة قطاعات هي: القطاع الحكومي بقوانينه وإجراءاته و أنظمته وحوكمته وشفافيته ونفقاته وإيراداته وموظفيه ؛ وقطاع الشركات الحكومية وشبه الحكومية بموظفيه وأنظمته وابتكاراته وإنتاجه وشفافيته وإنتاجيته وتأثيره محلياً وإقليمياً وعالمياً؛ والقطاع الخاص وابتكاراته وتوليد فرص عمل أكثر وأفضل وإنتاجيته وتأثيره محلياً وإقليمياً وعالمياً. كانت المؤسسات الإنمائية الدولية مثل البنك الدولي توصي بتعزيز نمو القطاع الخاص من أجل توليد وظائف أكثر وأفضل.

جيمس ولفنسون، رئيس البنك الدولي في الفترة 1995-2005، أطلق «إطار التنمية الشاملة» في عام 1999. وقد ركز الإطار على الترابط بين أربعة مبادئ رئيسية للتنمية: رؤية كلية طويلة الأجل للتنمية، وملكية الدولة لاستراتيجية التنمية، وضمان أن المساعدة الإنمائية هي شراكة يقودها البلد، والتركيز على النتائج. شبه ولفنسون الإطار الإنمائي بميزانية عمومية ذات جانبين. في الجانب الأيسر تبرز بنود الاقتصاد الكلي مثل حسابات الدخل القومي، وإحصاءات ميزان المدفوعات والميزان التجاري، والاحتياطيات الدولية، ومعدلات النمو ونسب الفوائد. أما الجانب الأيمن، فلا بد من أن يعرض القضايا الأساسية البعيدة الأمد المتجسدة في الجوانب الهيكلية والاجتماعية والبشرية لعملية التنمية.