إمبراطورية مالية بدأت بـ 3 آلاف دولار .. من هو أغنى رجل في إفريقيا؟

التنمية برس ■ عن موقع/ صحيفة الإقتصادية السعودية:

 

▪︎اختار أليكو دانجوتي (1957) شق طريق آخر بعيدا عن التعاسة والجوع والعنف التي تجرف الملايين سنويا في إفريقيا، فقرر السير عكس التيار، منذ نعومة أظفاره في مسقط رأسه بمدينة كانو شمال نيجيريا، في رحلته نحو الثروة، حتى أصبح أغنى رجل في إفريقيا.

 

ينحدر دانجوتي من عائلة ثرية، ما يجعل عنوان "من الفقر إلى الثراء" غير مناسب لقصة نجاحه. لكن ذلك لا يبعد الإثارة في سيرة الرجل، الذي استهوته التجارة منذ كان طفلا، حيث كان يبيع الحلوى لزملائه في المدرسة، رغم ثراء عائلته.

بعد إتمام الثانوية العامة قام أليكو برحلة تعليمية قصيرة إلى مصر، ليقرر بعدها العودة مجددا إلى عوالم التجارة، في مدينة كانو، بحثا عن الدربة واكتساب الخبرة لدى عمه. لكن سرعان ما فارقه، بعدما منحه قرضا بقيمة 3000 دولار، استطاع تسديده بعد 3 أشهر فقط، من إطلاق مشروعه التجاري الأول في لاجوس.

 

انطلقت "مجموعة دانجوتي" بالتجارة في توزيع السلع الأساسية والمنسوجات فضلا عن الأسمنت، ما مكنها من نسج شبكة توزيع تجاري قوية جدا على طول وعرض البلاد. تحولت عام 1997 إلى مرحلة التصنيع المحلي، بعدما اكتشف أن العمل كوسيط نشاط مكلف، بذلك انتقل من مجرد مورد إلى منتج رئيسي.

 

يبدو أن دانجوتي استوعب مبكرا أحد أقدم دروس عالم المال والأعمال، وهو تركيز الاستثمار في المجالات عنها سابق معرفة. وقد أكد ذلك عند تفسيره لخطة التحول "حاولت دائما الصعود في السلسلة، بدأت بالأسمنت ثم انتقلت إلى المنسوجات... عندما كنت أتاجر في السكر أضف الملح والدقيق حتى نتمكن من صنع المعكرونة".

كان للحظ نصيب في صعود الرجل، فالتقلبات السياسية والانقلابات العسكرية في نيجيريا، مطلع الثمانينيات حتى أواخر التسعينيات، أسهمت في بناء إمبراطوريته المالية. أتاح حملات اعتقال رجال الأعمال الكبار، بسبب علاقاتهم مع الأنظمة السياسية السابقة، إمكانية بروز طبقة أخرى جديدة إلى الواجهة.

 

في سياق هذه التحول، تمكن من الحصول على شركة أسمنت كانت مملوكة للدولة، ما حول صناعة الإسمنت إلى أهم المجال الاستثمارية للرجل، فشركة "دانجوت أسمنت" تنتشر في 16 بلدا إفريقيًّا، بإنتاج إجمالي يتعدى 45 مليون طن سنويا.

كان الابتعاد عن العائلة وعن الاستثمار في النفط، عصب الاقتصاد النيجيري ومصدر الثراء، خيار الرجل في بداياته الأولى. فقد اعترف في أحد حواراته بأن "مافيا النفط أكثر من مافيا المخدرات، لأن مافيا النفط تضم عديدا من الأشخاص المتورطين، قد تناول العشاء معهم، لكنهم من يحركون القرارات".

 

لكن دانجوتي أسقط أخيرا استثناء النفط، بخوضه مغامرة بناء مصفاة دانجوت، أكبر مصفاة للنفط والغاز في إفريقيا، التي شرعت في العمل، بعد 11عاما ومبلغ بقيمة 23 مليار دولار، بطاقة إنتاجية تصل إلى 650 ألف برميل يوميا، ما يجعلها سابع أكبر مصفاة في العالم.

أليكو رجل أعمال، لكن أيضا صاحب رؤية، فمشروع بناء المصفاة الذي وصفه بـ"أكبر مغامرة أخوضها، ولم يكن أمامي سوى خيارين: النجاح أو الموت"، يرمي تحويل نيجيريا، أحد أكبر منتجي النفط الخام في العالم، لدولة منتجة لمشتقات البترول. بذلك يجسد فعليا مقولته: "يتعين علينا أن نبني هذه الأمة بسواعدنا... لا أن نعتمد على الاستثمار الأجنبي".

 

حين تسأل أول ملياردير في نيجيريا، منذ 2007، عن السر الذي جعله أغنى رجل في إفريقيا. بصافي ثروة بنحو 13.4 مليار دولار عام 2024، فالجواب حتما هو "الحرص الدائم على توجيه أمواله في مشاريع استثمارية بدلا من إيداعها في البنوك كما يفعل عديد من رجال الأعمال الأفارقة".

 

بعيدا عن التجارة والأعمال يمتلك الرجل أيضا مؤسسة للأعمال الخيرية باسمه (ADF) منذ 1994، أي قبل أن يصبح مليارديرا، تتولى دعم مبادرات الصحة والتعليم والتمكين الاقتصادي حتى أصبح أكبر مؤسسة خاصة بمنطقة جنوب الصحراء الكبرى.

لقد نجحت مؤسسته بالشراكة مع مؤسسة بيل وميليندا جيتس، وخلال 7 سنوات، في إعلان إفريقيا صيف 2020 قارة خالية من شلل الأطفال البري. نجاح لن يكون غريبا عن رجل يعتبر أن "الشيء الحقيقي في الثروة، هو ما يجعلك تستمتع بها وتكون سعيدا لأنك غني، هو عدد الأرواح التي يمكنك لمسها وأنت على قيد الحياة".