الأزمة الاقتصادية البالغة الصعوبة والتي هي بطبيعة الحال شديدة الوطئة والتأثير على السواد الأعظم من الناس " 80% من السكان في تعداد الفقراء؛ و60% منهم ليس على يقين بحصولة على الوجبة التالية؛ " حسب تقرير حديث مشترك لثلاث من المنظمات الإنسانية الأممية الفاعلة "
هذه النسبة لمعدل الفقر والمترافق مع انتشار المجاعة مجددا وعلى نطاق واسع وهي الظاهرة التي كانت اختفت في اليمن منذ زمن بعيد هو وضع كارثي بكل المقاييس وسبق أن ان قلنا أن الاختلالات العميقة في الأساسيات الاقتصادية الكلية هي المسؤولة عن هذا التدهور الكارثي.
لكن استطرادا مع ما قد تناولنا في الحلقة 3 من هذه السلسلة من المقالات؛ فإن استخدام البنك المركزي لادوات السياسة النقدية ما قبل الأزمة وخاصة في السنوات المريحة نسبيا من 2000-2008 على رغم انه احدث استقرارا نسبيا في سعر صرف الريال أمام الدولار لكن هذا الاستقرار النسبي تم إنجازه بتكلفة كبيرة " خلال الفترة "ضخ المركزي مئات الملايين من الاحتياطيات النقدية الأجنبية التي يمتلكها تصل قيمتها الإجمالية التراكمية أكثر من " 2. 5مليار دولار أمريكي تقريبا؛
بهدف مواجهة التضخم و تخفيف الضعوط على الطلب المرتفع على العملة الخضراء وسعيا منه لا عادة الوضع التوازني لسعر الصرف الى وضعة السابق لكنه مع كل فترة ينتقل السعر إلى مستوى آخر جديد وهو ما يعني بقاء معدل التضخم مرتفعا وهو ما يعني أيضا استمرار انخفاض قيمة العملة الوطنية وأن بشكل متدرج مع التأكيد انه في الاقتصاد لا يمكن تطبيق مقاييس ومعايير دقيقة تبقى أسعار الصرف لاتتغير لكن يجب أن تكون هذه التغيرات نسبية اي ان تتحرك ببطء خاصة مع سياسة تعويم سعر الصرف والذي في الوقت الذي يوفر قدر من المرونة للبنك المركزي في إدارة سعر الصرف ومحاولة التحكم في اتجاهات حركتة لكن هذا النوع من سعر الصرف متطاير في طبيعية وعندما يضاف اليه حقيقة أخرى مفادها سهولة انزلاق الاقتصاد اليمني إلى وضع تضخيمي نتيجة اعتمادة على عوامل خارجية تتعاظم مخاطر سعر الصرف.
وفي سياق أحر فإن استخدام البنك المركزي لأسعار الفائدة وهي أداة هامة جدا من أدوات السياسة النقدية لم تكن بكفاءة في الإبقاء على سعر فائدة حقيقة موجبة حيث ظل معدل التضخم في اكثر السنوات أعلى بكثير من أسعار الفائدة التي ظلت ثابتة ومنخفظة نسبيا رغبتا من البنك المركزي في خلق حالة من الاستقرار في العملية الائتمانية للبنوك التجارية لكن مع وجود نسبة كبيرة من العملة خارج الجهاز المصرفي نسبة الى المعروض النقدي فإن انخفاض أسعار الفائدة على الريال في المحصلة أدى أن يكون معه معدل التضخم أعلى من أسعار الفائدة وبالتالي أصبحت معه اسعار الفائدة الحقيقة سالبة وهو الأمر الذي كان يوفر دافعا لتحول الأفراد إلى شراء العملة الاجنبية للحفاظ على مدخراتهم هذه. السيرة تفيدنا بأن عوامل تدهورقيمة النقود له بعد تاريخي مرتبط بأوضاع ما قبل الحرب.
لكن من الأهمية ان أشير إلى ان نجاح السياسة النقدية والمالية لاترتبط بتحقيق الأهداف الوسيطة" سياسة الاستقرار والتثبيت "ولكن ايضا بمدى قدرتها على خلق حوافز لتعظيم الطلب الكلي والعرض الكلي "الادخار-والاستثمار " ولذلك يضل المعيار المحدد في نجاح السياسة النقدية بمدى قدرتها في توفير بيئة صالحة لتطور وتعاظم دور القطاع الخاص من خلال الدور الذي يجب ان تنهض به البنوك التجارية في عملية الاستثمار والاقراض وفي هذا المنحى فإن نظرة سريعة لمتوسط القروض والسلفيات الموجهة للقطاع الخاص للفترة 2000-2010 لا تتجاوز 23% من إجمالي ودائع البنوك تقريبا فيما استثمرت البنوك التجارية تقريبا 50 %من ودائعها في أذون الخزانة هذا بالإضافة إلى ارصدتها النقدية لدى المركزي فيما تحتفظ بما تبقى من ارصدتها لدى البنوك المراسلة في الخارج هذا الوضع يكشف ما يلي
تعثر الإصلاحات الاقتصادية بما في ذلك السياسة النقدية والمالية من توفير بيئة حاضنة وجاذبية للاستثمار الخاص وهو الهدف الأساسي للإصلاحات.
-سؤ تخصيص مدخرات وودائع البنوك وفي مجالات بعيد عن عملية التنمية الاقتصادية في اليمن.
- بدلا عن تمويل التنمية أصبحت البنوك التجارية الممول الرئيسي لعجز الموازنة العامة بعيدا عن وظيفتها الأساسية باعتبارها وسيط بين المدخرين والمستثمرين. وهذا وضع شاذ لكنه يعكس تدني مناخ الاستثمار من بين أمور كثيرة..
-اتجهت البنوك التجارية إلى الاستثمار قصيرة الاجل وفي الاستثمار السهل والأمن بعيدا عن تحمل المخاطر. وربما تمثل البنوك الإسلامية في اليمن وضعا مختلفا ونقطة مضية في مجال الاستثمار على الرغم من تدني عددها وحجمها.
يتبع