تجربتي كمشرد

أسوأ ما قد يحدث لك في بلد غريب هو أن تفقد المال حيث لا معين ولا مجيب، وأجمل ما قد يحدث لك أن تعيش تجربة من تجارب الحياة القاسية التي تجعلك تنظر للعالم بشكل مختلف بعدها، ما هو مؤسف أننا نحن نميل في العادة إلى تقديم صورة مثالية زائفة لا تشوبها أي شائبة عن أنفسنا خجلاً من ذكر بعض التجارب الصعبة الثرية التي جعلتنا ما نحن عليه اليوم. على أية حال أكمل لكم القصة:الرابعة فجراً، المدينة لاتزال تنبض بالحياة في هذه الساعة المتأخرة بسبب مهرجان سنوي مشهور، عيوني توشك أن تسدل أستارها من شدة التعب والإرهاق، ورجلي باتت لا تحملني. لكن لنعد قليلاً إلى الوراء وبالتحديد قبل ثلاثة أيام من هذا الموقف. إنه اليوم الأول من هذه الرحلة المجنونة، وأقول مجنونة، لأنني ولأول مرة في حياتي أحضر ليس مباراة واحدة بل مباراتين لدوري أبطال أوروبا! وفي اليوم التالي كانت هناك مباراة مهمة أخرى بين بايرن ميونيخ ومانشتر سيتي في أجواء مشحونة بالحماس و«الأدرانالين»! وفي اليوم الثالث قمنا برحلة رائعة حول القرى النمساوية واكتشفنا بالمصادفة الشمال الإيطالي الساحر، فلك أن تتخيل السعادة التي غمرتني في هذه الأيام، لكن كما هي الحياة لا شيء يبقى على حاله، ففي اليوم الرابع حدث ما ليس في الحسبان وأًصبحنا مشردين! اليوم الرابع: أبواق السيارات المزعجة وصخب المدينة وصل منتهاه حتى لا تكاد تقف في زاوية إلا وتسمع قهقهات الناس! كانت الساعة الـ11 صباحاً، إنه يومنا الأخير في هذه الرحلة. نهضت من الفراش متكاسلاً ونزلت الى بهو الفندق لتجديد الإقامة: «صباح الخير يا سيدي أريد من فضلك حجز غرفتي لليلة أخرى» قلت له. فردّ عليّ موظف الاستقبال: وددت لو كان ذلك باستطاعتي يا سيدي لكن الفندق محجوز بالكامل نظراً لمصادفة هذا اليوم مهرجان أكتوبرفست السنوي، وكما تشاهد فالمدينة في حالة استنفار سياحي! قال مازحاً. رضخت للواقع على غير رضا وصعدت إلى الغرفة لأعلم صديقي بأننا يجب أن نحزم أمتعتنا للبحث عن فندق آخر وهذا ما فعلنا.بعد محاولات مضنية للبحث عن فندق والتي باءت بالفشل، فإما أن الفندق خارج المدينة أو سعر الفندق كان باهظاً بشكل جنوني، بالإضافة الى أننا لم نكن نملك المال الكافي لحجز أي غرفة بهذه الأسعار الخيالية!وانطلقنا إلى المدينة هائمين على وجوهنا لتبدأ هذه التجربة الغريبة، على حين فجأة وأثناء تسكعنا في إحدى الطرقات تلقيت رسالة مهمة غيرت مجرى الأحداث بالكامل!

سأذكر لكم ماذا حدث في مقال الأسبوع المقبل.

 

(( نقلا عن موقع الامارات اليوم))