التقينا من جديد، ولأن الجلسة السابقة انتهت بطلب ان يتم توضيح اكثر عن الادراك، لذا بدأت الحديث بعد ان اخذ الجميع مجلسه:
اسمحوا لي ان أوضح شيئا، اننا لم نستكمل حديثنا عن المفاهيم، وقد انتهينا بطلب توضيح اكثر عن الادراك ومستوياته.
نعم صحيح،
اذن حتى تتضح الرؤية، اسمحوا لي أن أوضح صورة مختصرة عن الادراك،
بالتأكيد نحن ننتظر ذلك …
كما قلت في الجلسة السابقة ان خير من قدم لنا عربيا مراحل نمو الادراك هو استاذنا الدكتور كمال شاهين أستاذ علم اللغة وعلم النفس الادراكي ” رحمه الله تعالى” ،مؤسس مركز تطوير الفقه الإسلامي ، الذي يمكنني ان أقول وانا مطمئن انه اجتهد لتفكيك اللغز (سبب التخلف أمتنا العربية والإسلامية ) حين استخدم ابحاثه في فهم (مستوى الادراك الذي صيغت فيه العلوم التراثية التي نقدسها اليوم) عن طريق توضيح وتفصيل لمستويات الادراك الأربع التي صاغها وطورها الفيلسوف وعالم البيلوجيا والنفس السويسري جان بياجيه Jean Piaget مطلع القرن العشرين باسم (نظرية بياجيه لنمو الادراك Piaget’s theory of cognitive development) والتي أصبحت تعرف اليوم بعلم الادراك الوراثي Genetic Epistemology . قدم الدكتور كمال شاهين عدة دراسات منها الذي وجد طريقه للنشر ومنها ما نشره عبر مجموعة مركز التطوير، والتي شاركه في نقاشها عدد من المفكرين الإسلاميين (سنة وشيعة).. وابرز منشوراته ( نظرية النحو العربي القديم) و ترجمة كتاب (علم النفس الثقافي ماضيه وحاضره لمايكل كول Michael Cole) عبر الناشر (دار الفكر العربي-2002) وعبر مركز التطوير نشر( جان بياجيه وعلم النفس الادراكي ، و الحكم الأخلاقي لدى الطفل ، و أيها الفقه القديم وداعا و نظرية ظهور العلم “نظرية عاصمة الإمبراطورية) وهذه مرجعيات للاطلاع عليها والتي سأستند اليها في الدردشة معكم اليوم.
واو.. اعتقد ان علينا الاطلاع عليها كلما أمكن …
تعالوا اذن نتعرف على ما قدمه العلم حول نمو الادراك وعلاقته بالمفاهيم..
نعم..
الاختبارات اعتمدت في الأساس على فهم مراحل نمو الادراك للطفل من الميلاد الى قربة العشرين من عمره، والتعامل مع المعارف الثلاث (مادية ومنطقية واجتماعية) حسب بياجيه ، الدراسة التي اثبتت مع تجارب لسنوات ممتدة مع الأطفال في أوربا، وكان نتاجها تفسير النمو لإدراك وطبيعته ومراحله وبأنها عملية بيلوجية طبيعية مرتبطة بمتغير أساسي هو العمر. ثم جاءت المفاجأة عند اختبار مستوى نمو الادراك لأطفال المستعمرات الاوربية في افريقيا، والتي قادها مايكل كول والتي أظهرت ان مراحل النمو لا ترتبط بالعمر فقط (وهذا الامر الطبيعي ) بل هناك متغيرات أخرى ذات تأثير في عملية نمو الادراك لدى الطفل، والتي تفسر ان مجتمعا كاملا لم ينموا ادراكه لمستويات عليا من مستويات التفكير من ذلك تأثير البيئة العامة التي تربى فيها الفرد ، ابتداء من الاسرة وتأثير الثقافة المجتمعية ، وأسلوب التعلم الذي مروس لدى الطفل ، والامية ….
عذرا للمقاطعة… فقط للتأكد ان الادراك نعني به الوعي…
نعم الادراك يمكن ان نقول انه الوعي او بصورة أوضح وكما سبق ان فسرته بأنه: تفسير الأشياء و المواقف بناء على المعطيات السابقة الناتجة عن التعلم، أي اننا نتحدث عن استخدام عمليات العقل …
عمليات العقل …!!
ربما ستتضح الصورة أكثر كلما تقدمت في التوضيح …
آها … سأنتظر …
ركزوا انني لم اصل بكم الى مستويات نمو الادراك… كما قلت تجربة مايكل كول التي قاس بها مستويات نمو الادراك في الأطفال في جميع المستويات من الابتدائي الى الجامعة، بينت ان هناك غياب كامل للعمليات العقلية العليا لدى المجتمع في افريقيا ، بالتأكيد لا يعني ان هناك خلل بيلوجي إلا اننا ان قلنا ان (نمو الادراك عملية بيلوجية فالنتيجة ان هناك خلل بيلوجي في الدماغ).. عموما هذه النتائج اجابت عن تساؤل علماء النفس الادراكي ومنهم الدكتور كمال شاهين ( أين اخطأ بياجيه؟!)، الجواب انه اعتمد في تقييمه لمستويات نمو الادراك على النمو الطبيعي لعمر الطفل في المدرسة الى الجامعة ، واعتبر جميع العوامل ثانوية والتي ذكرتها كالبيئة العامة التي ينمو فيها الطفل، وهل انضم للمدرسة ام لا ؟ وكيف حصل على التعليم وووو؟ .. هذه الاختبارات دفعت الى ميلاد مجموعة من العلوم لفهم نمو الادراك في المجتمعات، والبحث عن تأثير الثقافة والتقاليد في نمو الادراك، بل واكتشاف ان علوما كاملة نتجت عن مستوى منخفض من مستويات الادراك … بالتالي هذا يفسر صعوبة توليد المفاهيم ومنها العلوم في المجتمعات النامية.
واو … اذن كلما كان شخص ما في مستوى اقل في الادراك يعجز عن إيجاد مفاهيم واضحة …
بالتأكيد …
هلا أكملت مستويات نمو الادراك …؟!
اعتقد ان علينا ان ننتظر لجلسة أخرى ………
#محبتي_الدائمة
#اصلح_الله_بالكم
أحمد مبارك بشير
08/09/2019