لماذا توقفت حملات تشويه تجار الخردة؟!
ماجد الداعري
■ بعد صدور حكم قضائي نافذ لصالح تجار الخردة، قضى بحفظ حقوقهم وحصولهم على 75% من قيمة الطن الخردة عال...
تواجه اليمن في الوقت الراهن خطر تفاقم الوضع الانساني بشكل أكبر وأسوأ من أي فترة سابقة اخرى . مع احتمال ان تتحول حالة سوء التغذية و المجاعة الجزئية الحالية الى مجاعة شاملة ليس على المدى البعيد ولكن على المدى القريب والمتوسط .بل ان مؤشرات المجاعة الشاملة باتت واقعا مع تزايد وارتفاع التعقيدات والصعوبات امام الاسر في الحصول على حاجاتهم من السلع الغذاء الاساسية . عدا عما تشكله مخاطر تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية على البلدان النامية التي تعتمد بدرجة متزايدة على واردات الحبوب والزيوت وغيرها من السلع الغذائية على الخارج والتي تشهد تزايدا في مستوياتها السعرية .
لكن عندما يتعلق الامر باليمن فإن المخاطر والاثار مرتفعة ليس لان البلد بلد عجز غذائي حاد و لاينتج سواء 30% من احتياجاتة الغذائية والباقي يحصل عليه من خلال الاستيراد والعون الانساني الدولي؛ ولكن لأننا نعيش في ظل أزمة اقتصادية ومالية خانقة والطلب الاستهلاكي هو احد مكونات الطلب الكلي الذي يتأثر بهذه الازمة من خلال التغيرات التي احدثتها في الدخل والثروة نتيجة تراجع الناتج المحلي الحقيقي الناشىء عن الحرب وتدهور سعر الصرف والاخير يؤدي الى ارتفاع معدل التضخم الذي يدفع تكاليف الانتاج نحو الارتفاع وتدهور المداخيل بشكل حاد خاصة لدى اصحاب الدخول الثابتة نتيجة فقدان النقود لجزء كبير من قوتها الشرائية وارتفاع اسعار السلع والمدخلات وبالتالي ارتفاع اسعار السلع المحلية والمستوردة.
بالنسبة للبلدان التي تعتمد على الواردات الغذائية هناك عاملان يحددان امكانية هذه البلدان على وضع بدائل لاستيراد الغذاء من بلدان اخرى غير روسيا واوكرانيا هذين العاملين هما : ايرادات التصدير ، وتدفق راس المال وفي هذه تستطيع البلدان التي لديها موارد كبيرة من التغلب على مشكلة نقص الغذاء وارتفاع اسعاره. لكن من المعروف انه بالنسبة لليمن هذين العاملين غير متوفرين بدرجة كبيرة .
الوديعة التي طال أمدها ؟
في ظل الصعوبات الاقتصادية الحادة والضائقة المالية الكبيرة وتدهور أوضاع سعر الصرف الناتجة عن الحرب التي تواجة حكومة الشرعية. فقد توقع قيام المملكة الداعم الرئيس لليمن بتقديم دعم مالي عاجل في صورة وديعة جديدة .خاصة في اعقاب رسالة الاخ رئيس الجمهورية الموجهه لسمو وليد العهد السعودي الامير محمد بن سلمان التي سلمت رسميا للسفير السعودي لدى اليمن . في هذا السياق صدرت اشارات سعودية بالموافقة على تجديد الوديعة السعودية.غير ان الفكرة توسعت لتصبح الوديعة معتبرة و خليجية أو بالاخرى سعودية اماراتية في اعقاب زيارة الاخ رئيس الوزراء لابو ظبي مطلع العام 2022 .وبناء على ذلك زار محافظ البنك المركزي اليمني أبوظبي مرتين وقابل محافظ البنك المركزي الاماراتي للتفاهم بشان الوديعة .
وشهر مارس الحالي زار المملكة محافظ المركزي ايضا السعودية وقابل السفير آل جابر سفير اللمملكة في اليمن .
ويمكن القول ان فترة ليست بالقصيرة منذ بدأ الحديث عن امكانية منح البنك المركزي اليمني وديعة جديدة تمكن الحكومة والبنك المركزي من مواجهة حاجةاستيراد السلع الغذائية .
والجدير بالذكر ان الدول الخليجية امتنعت هذه المرة بالمساهمة في تقديم دعم لبرنامج الغذاء العالمي والمنظمات الانسانية الدولية الرديفة في المؤتمر الذي نظمتة السويد وبناء على ذلك ولآن الدول الخليجة داعم رئيس عبر المنظمات الدولية فإن اجمالي التبرعات هذه المرة بلغت 1.3 مليار دولار فقط من اجمالي حاجة الدعم المتوقعة البالغة 3- 4مليار دولار او تلك التي كانت متوقعة.
ولأن الشيء بالشي يذكر فقد توقع في اعقاب ذلك المراقبون الامميون والمحليون ان امتناع دول الخليج في المساهمة في برنامج الدعم الانساني الدولي عبر المؤتمر الدولي الاخير التي نظمته السويد ربما يعود الى ان الدول الخليجية قد غيرت من سياساتها بحيث يصير الدعم مباشرة لليمن دون وسيط .وأن هذه الدول اتخذت قرارا نهائيا بتقديم وديعة مالية معتبرة لدعم احتياطيات البنك المركزي اليمني بعدن توجه لاستيراد الغذاء والدواء وهي الوديعة التي طال انتظارها. لكن على صعيد الواقع هذا حتى الآن لم يحدث. وهذا شيء غير مفهوم طالما وان الوديعة او القرض هم من بامكانهم من يحددوا شروطها والفترة الزمنية وآليات استخدامها وليس الجانب اليمني " باعتبار انه بلد متلقي ". والخلاصة ان الوديعة التي يتحدث عنها الناس بمختلف مستوياتهم وباتوا يفهمون اهميتها لازالت في نطاق الوعود حتى اليوم وليس هناك اي جديد بشأنها .
وكاقتصاديين نعتقد ان عدم تقديم الوديعة المالية في الوقت المناسب الآن وليس آجلا في ضوء ارتفاع اسعار الغذاء العالمية وتعقد الاوضاع المعيشية سيضاعف الاوضاع الاقتصادية و الانسانية الحرجة وبالتالي تحولها الى مجاعة شاملة.ولانعتقد ان تطور الوضع المتوقع الى هذا المستوى سوف يسر الاشقاء؛ و يجب ان لاتسمح به الدول الخليجية وفي المقدمة الشقيقة السعودية الداعم الاكبر لليمن وبناء عليه لازلنا في انتظار ان يفي الاشقاء بوعودهم الاقتصادية التي قطعوها تجاه اليمن .
د.يوسف سعيد احمد*
"أكاديمي وكاتب في الشؤون الاقتصادية"