لماذا توقفت حملات تشويه تجار الخردة؟!
ماجد الداعري
■ بعد صدور حكم قضائي نافذ لصالح تجار الخردة، قضى بحفظ حقوقهم وحصولهم على 75% من قيمة الطن الخردة عال...
يقول الخبراء إن "السياسة هي اقتصاد مكثف"، ويرى آخرون أن الاقتصاد هو العمود الذي ترتكز أو تقوم عليه السياسة، ومن وجهة نظري أنه إذا طاح عمود الاقتصاد تحولت السياسة إلى حالة من الفوضى تدمر ما تبقى من مقومات الحياة ومن أخلاقها وقيمها.
وبما أن الاقتصاد هو المحرك الأساسي للحياة لدى الأفراد والمجتمعات والأمم، لذا فإن تأثر الاقتصاد سلبًا أو إصابته بحالة من المرض والتدهور، فإنه يؤدي إلى خلق تعقيدات مختلفة أمام استمرار الحياة بشكل طبيعي، فقد يقود ذلك إلى التدهور المعيشي أو الفقر، وتوقف التنمية والاستثمار، والذي بدوره يخلق مشكلات عديدة قد تعجز الحكومات عن مواجهتها عبر سياسة الترقيع.
في مجتمعاتنا النامية توسعت دائرة السياسة وتقلصت دائرة الاقتصاد، لأن حكامنا وساستنا فهموا السياسة والاقتصاد بصورة مغلوطة، فلا السياسة أصبحت تلك الوسيلة التي تدار بها شؤون الناس وتحقق عبرها مصالحهم، ولا الاقتصاد صار المحرك الأساسي للحياة أو العمود الذي ترتكز عليه السياسة.
لقد دمرت السياسة كل شيء حينما طغت المصالح الذاتية والأنانية على المصالح العليا للشعب والبلد، أصبحت السياسة هي المعول الذي عبره تم هدم الاقتصاد وتحويل الحياة إلى ساحة صراع عدمي الغلبة فيه للأقوى والأكثر نفوذًا وتوحشًا.
الله تعالى في كثير من آيات القرآن حث على حفظ مصالح الناس وتلبية حقوقهم، وألقى بالمسؤولية على الحكام والملوك والأمراء الذين صارت إليهم رقاب الناس وتصريف شؤونهم، وحذرهم من أن للظلم عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، وحثهم على أداء الأمانة "إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولًا"، إذن، المسؤولية أمانة، وإدارة شؤون الناس أمانة علينا أن نؤديها كما يجب لنتقي غضب الله وسخطه.
والله أيضًا تحدث في القرآن عن الاقتصاد أكثر من حديثه عن السياسة، لما للاقتصاد من أهمية بالغة في حياة الناس والأوطان والأمم، فالسياسة بدون اقتصاد لا شيء، فهي كمثل الذي يحرث في البحر، لكن إذا أوجدنا الاقتصاد القوي والمتين، فإنه سيكون علينا بعد ذلك تصميم شكل من السياسة التي تعمل على إدارته وتصريفه بما يخدم الصالح العام، وإقامة قواعد العدل والخير.
الأمة العربية والإسلامية لديها مقومات اقتصادية ضخمة وهائلة، سواء في اليمن أو غيرها في الخليج والمنطقة، ولكن ما ينقص هذه الموارد الضخمة هو الأمانة والإدارة الحكيمة، إذا توفر ذلك فإننا لن نجد فقيرًا عربيًا أو مسلمًا أو أي إنسان محتاج للمساعدة. علينا أن نصوب مسار الطريق الذي نسير عليه، علينا أن نصارع من أجل إرضاء الله أولًا وأخيرًا، وإقامة مشروعه في الأرض، الحياة لن تخلو من الصراع بين الخير والشر، علينا أن نصارع من أجل الخير لإسعاد شعوبنا وإسعاد أمتنا والإنسانية جمعاء، وحتى يصبح الاقتصاد في ما بعد هو المحرك الأساسي للحياة مرتكزًا على القيم الأخلاقية والإنسانية.
*باسم فضل الشعبي
رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام*