هدر الموارد الغازية والنفطية في شبوة: بين الحلول الإسعافية والتدمير الممنهج

■ في الوقت الذي تكابد فيه اليمن أزمة طاقة خانقة، تُمارس سياسات تفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية في إدارة الموارد الحيوية، وتُرتكب أخطاء جسيمة في قطاع النفط والغاز، خصوصاً في محافظة شبوة، الغنية بالثروات والتي تتحول تدريجياً إلى نموذج مؤلم للهدر والتقصير الحكومي.

القرار الكارثي: حرق النفط بدلاً من الاستثمار فيه

أحدث فصول هذا العبث يتمثل في توجيهات رئيس الوزراء بنقل 116 ألف برميل من النفط الخام من خزانات العقلة في #شبوة إلى #عدن لاستخدامها كوقود لمحطة #بترومسيلة، في ما يُسمى حلاً إسعافياً مؤقتاً. هذه الكمية، التي تقدر قيمتها بحوالي 8 ملايين دولار، سيتم حرقها مرة واحدة فقط لتوليد ما يقارب 60 جيجاوات ساعة من الكهرباء.

في نقاش مع د Dhamrin Marwan
افاد أن عائدات هذا النفط كان يمكن أن يُستثمر لإنشاء محطة طاقة شمسية في شبوة بقدرة لا تقل عن 30 ميجاوات، تستطيع إنتاج أكثر من 60 جيجاوات ساعة سنوياً، ولمدة تزيد عن عشرين عاماً، بمردودية مستدامة وعوائد بيئية واقتصادية طويلة الأمد.

من الإسعاف إلى الإحراق: غياب الرؤية

هذا القرار يعكس نهجًا ترقيعيًا وقصير النظر في إدارة الطاقة، حيث تُهدر الموارد في حلول وقتية لا تعالج جذور الأزمة. فبدلاً من التوجه نحو الطاقة النظيفة والمتجددة، والتي تتلاءم مع مناخ شبوة وموقعها، تُرتكب سياسة “حرق الوقود” حرفياً، وتحويل ثروات الأجيال إلى رماد مؤقت.

تدهور الإنتاج في قطاع العقلة: مؤشر آخر على سوء الإدارة

الأزمة لا تقتصر على سياسات التسخير الطارئ للموارد، بل تمتد إلى سوء إدارة الحقول المنتجة نفسها. فقد تراجع إنتاج قطاع العقلة النفطي من حوالي 20 ألف برميل يومياً إلى أقل من 4 آلاف برميل فقط، نتيجة غياب الرقابة، ضعف الاستثمارات، وسوء التخطيط الفني.

بدلاً من التعامل مع القطاع كمرفق صناعي معقد يتطلب استراتيجيات تطويرية، يتم إدارته كـ”مخبز”، حيث أُوكلت مسؤوليات تشغيل القطاع إلى لجنة حكومية مؤقتة، بلا خبرة هندسية أو تشغيلية حقيقية، وبآلية صرف مالي تتبع وزارة المالية دون رؤية استثمارية متكاملة.

الفرصة الضائعة: الغاز المصاحب بين الحرق والإهمال

الأكثر فداحة هو الهدر اليومي لما يزيد عن 50 مليون قدم مكعب من الغاز المصاحب في شبوة، وهو ما يكفي لتشغيل محطة كهرباء غازية بقدرة 300 ميجاوات، كما هو الحال في محطة مأرب الغازية.

لكن بدلاً من استغلال هذا المورد الثمين، يُحرق يومياً في الهواء، بينما تغرق المدن في الظلام. كان بالإمكان بناء محطات كهروغازية لتزويد شبوة ومحافظات مجاورة بالطاقة، وتشغيل منشآت صناعية وخدمية، وخلق وظائف، وتحقيق استقرار اقتصادي.

القطاع بحاجة إلى شركات دولية ذات كفاءة

قطاع العقلة S2 يتميز بخصائص مكمنية معقدة، تتطلب شركات نفط عالمية تمتلك القدرة التقنية على حفر آبار جديدة، صيانة الآبار القائمة، وإنتاج النفط من صخور الأساس Fractured Basement . لكن بدلاً من فتح المجال للاستثمارات، يتم اعتماد الحلول العاجلة تحت ضغط الحاجة، في تجاهل تام لمفهوم التنمية المستدامة.

ختاماً: أزمة إدارة وليست موارد

ما يحدث في شبوة ليس نقصاً في الإمكانيات، بل فشلاً ممنهجاً في الإدارة. تتوفر لدينا الثروات، والبدائل، والحلول المستدامة، لكن تغيب الإرادة السياسية، وتنتصر الارتجالية على التخطيط.

لقد سئمنا من الحلول الإسعافية المؤقتة التي تؤجل الانهيار ولا تمنعه، والتي تحرق الثروات بدلًا من أن تضيء مستقبلهم.

آن الأوان لوقفة وطنية صادقة، تعيد الاعتبار للثروات الوطنية كركيزة للتنمية، لا كوقود لحلول فاشلة.

#حكومة_الفشل_والفساد #فضائح_النفط_والغاز  
#شبوة #جغمان