عمر باعييس لـ"التنمية برس": مكتب جمارك ساحل حضرموت يحقق نمواً لافتاً في الإيرادات ويقود جهوداً حثيثة لمكافحة التهريب
مدير عام جمارك ساحل حضرموت يكشف في حوار خاص مع صحيفة وموقع "التنمية برس"، عن إنجازات المكتب، ا...
انعدام الخدمات وتدهور الاقتصاد والأمن الغذائي.. عدن تعيش على حافة الانهيار وسط غياب الدولة
عدن تركت وحيدة... المواطن بين مطرقة الجوع وسندان الغياب الرسمي
"من يطفئ نار عدن؟" ... صفيح ساخن في المدينة المنكوبة بالغلاء والفقر
عدن تنزف في صمت: مأساة تتسع تحت أعين العالم
صوت المواطن العدني: "كفى تجاهلاً لحقوقنا الخدمية.. نحن نموت ببطئ بسبب اهمال وتقصير الحكومة تجاه مطالبنا الشعبية"
▪︎ تعيش المدينة الساحلية (عدن) أوضاعاً خدمية مأساوية وأزمات معيشية صعبة للغاية والتي كانت تزهو يوماً بمينائها التجاري وتنوعها الثقافي، الى حياة خانقة تتصارع فيها الأزمات المعيشية والخدمية بلا توقف.. هكذا تحولت عدن الى مشهد يومي من المعاناة، تغلفه مشاعر السخط الشعبي، والغضب المكبوت، واليأس من وعود حكومية بلا تنفيذ حقيقي.
ففي كل حي وأزقة من شوارع مدينة عدن تتبدى صور الانهيار: أسعار تحلق دون سقف، خدمات تكاد تنعدم، ومواطنون عالقون في حلقة مفرغة من المعاناة اليومية التي تلتهم أبسط مقومات الحياة. الكهرباء تغيب لساعات طويلة في ظل موجات الحر اللهيب، والماء لا يصل الا نادراً، بينما تنكمش القدرة الشرائية أمام رواتب مجمدة أو لا تكفي لأيام معدودة.
وبهذا الصدد يقول المواطن "أحمد عبيد"، أحد الموظفين الحكوميين: نحن نعيش في عدن المنهارة اقتصادياً واجتماعياً وخدمياً منذ عشر سنوات ومن قبل المعنيين في مجلس القيادة الرئاسي ونوابه السبعة والذين تم تعيينهم وفق توافق سياسي سعودي واماراتي، ويضيف قائلا: أصبحنا كأننا داخل دائرة مغلقة من الظلام والفقر. الراتب الشهري بالكاد يغطي احتياجات يومين، أما الكهرباء والمياه فهما حلم بعيد المنال، ولم يعد أمامنا سوى الصبر القاسي أو الانفجار الشعبي القادم".
وأضاف بالقول في سياق حديثه لـ"التنمية برس" : العملة المحلية تواصل انهياراها أمام العملات الأجنبية، ما تسبب في موجات غلاء متكررة طالت كل شيء من الدقيق والزيت وحتى المواصلات، ومع غياب الرقابة وضعف أداء البنك المركزي، أصبحت الأسواق المحلية ميداناً مفتوحاً للفوضى والتلاعب، وواصل بالقول: بينما نحن نقف بشكل أعزل بين أسعار تتضاعف ومداخيل لا تتغير.
انهيار صحي ومخاوف انسانية
وتعاني المستشفيات العامة من شلل شبه تام بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية من الجانب الحكومي، فيما تتضاعف أعباء العلاج في القطاع الخاص وزيادة التكاليف العلاجية. ومع تفشي الأمراض الموسمية، لا يجد المواطنون من يلجأون اليه الا رحمة الله تعالى ومن ثم فاعلي الخير في الوقوف بجانبهم خيرياً وإنسانياً، في ظل غياب أي تدخل حكومي فعال.
وأما أزمة المياه، فقد بلغت ذروتها، إذ تشكو آلاف الأسر من انقطاعها لأيام متتالية في مختلف مناطق ومديريات عدن، ما يضطرهم لشراء صهاريج نقل المياه (البوزة) بأسعار مرتفعة وسط انعدام القدرة المالية.
أسعار الغاز المنزلي ارتفعت بنسبة 30% خلال الشهرين الماضيين، بينما بات الحصول على الوقود بمثابة "مغامرة يومية" تحتاج الى إمكانيات مالية تكفي لتغطيات الاحتياجات من الحركة اليومية، وحيث كان هناك منذ بداية أيام عيد الأضحى المبارك الماضي اصطفاف كبير للسيارات العاملة بالغاز عبر طوابير طويلة في مشهد يكرس أزمة الثقة بين المواطن والجهات المسؤولة.
والمشهد لا يتوقف عند حدود المعاناة، بل يتجه نحو الاحتقان، فيما مراقبون حذروا من تصاعد مشاعر الغضب الشعبي وسط تنامي تزايد دعوات للخروج الى الشارع والمطالبة بالحقوق لدى حكومة مجلس القيادة الرئاسي ، وهناك اتهامات واسعة للسلطات المحلية والحكومة المركزية بالتقاعس والتجاهل
. وفي هذا السياق يقول خبراء اقتصاديون في حديث صحفي لـــ"التنمية برس" : "عدن تدخل مرحلة الخطر الحقيقي،ـ انهيار القوة الشرائية للمواطن وانعدام الأمن الغذائي قد يؤديان الى أزمة لا تقل عن الكارثة. وأضافوا في نفس السياق بالقول: أصبحت السياسات الحكومية متخبطة وتتهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقها بعد تعيين رئيس الوزراء الجديد سالم صالح بن بريك، وأشاروا الى أن هناك فساد مالي واداري كبير تعاني منه المؤسسات الحكومية طيلة سنوات ماضية مما أدى الى تعميق الانهيار الاقتصادي، وأكدوا في حديثهم بأن العاصمة عدن تحتاج بشكل طارئ خطة انقاذ شاملة وعاجلة تصب في معالجة كافة الأوضاع الراهنة".
من جانبه، يؤكد الناشط المجتمعي والحقوقي "خالد بن زيد" أن المعاناة اليومية لسكان عدن تجاوزت حدود الصبر قائلاً:
"هناك استهتار متكرر بمعاناة الناس، والخدمات الأساسية أًصبحت امتيازات لا يحصل عليها الا من يملك المال أو النفوذ. والمواطن العدني لا يحتاج الى شعارات سياسية، بل الى أفعال جادة وواضحة تنقذ حياته وكرامته".
ويشارك بالرأي المواطن سعيد علي كرامة في حديثه لـــــــــ"التنمية برس" قائلاً: نعيش في جحيم لا ينتهي... الكهرباء لا تأتي الا لساعات محدودة والماء ينقطع لأيام. حتى الراتب أصبح مجرد رقم لا يكفي الا لسد رمق يومين بالكاد"
وتشير التقارير الحديثة من خلال تحذير برنامج الغذاء العالمي (WFP) من أكثر من 60% من سكان عدن يعانون من انعدام الأمن الغذائي بدرجات متفاوتة، مشيراً الى أن استمرار الوضع بهذا الشكل يضع المدينة على حافة كارثة إنسانية حقيقية ما لم يتم التحرك الفوري من قبل السلطات المعنية محلياً والداعمين الاقليمين والشركاء الدوليين.
وتؤكد أيضاً مصادر اقتصادية محلية أن استمرار توقف تصدير النفط وتراجع الدعم الخارجي، وفقدان الثقة بالسياسات المالية، ساهم في تعميق أزمة السيولة النقدية وتوسيع الفجوة التمويلية وزيادة التضخم وضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
وعدن اليوم والتي أصبحت تسمى العاصمة المؤقتة بعد ان كانت عاصمة اقتصادية وتجارية، ليست مجرد مدينة تعاني من شح الموارد، بل باتت مرآة لانهيار شامل يطال كل جوانب الحياة، وسط صمت حكومي وتجاهل رسمي مخيف. في شوارعها تنكسر الآمال وعلى ارصفتها يتكدس الغضب ... فهل يلتفت الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ومجلس القيادة الرئاسي اليمني قبل أن يفوت الأوان؟
ومن جانب آخر أصبحت عدن تسحق فيها كرامة أبناءها والذين يعيشون تحت وطأة الأزمات اليومية التي لا ترحم. حيث أصبحت تتفاقم لشهور وسنوات، ويقف المواطن العادي عاجزاً أمام ارتفاع الأسعار الجنوني للمواد الغذائية والاستهلاكية، وغياب أ] بارقة أمل قريبة للخلاص.
وتطل عدن في هذا العام الجاري 2025 على مشهد معقد تتشابك فيه ملامح الفقر واليأس، إذ أصبح الحصول على أبسط مقومات العيش رفاهية لا يقدر عليها كثير من السكان. لا ماء منتظم وساعات طويلة في ظلام دامس بسبب انقطاعات الكهرباء والمستشفيات الحكومية باتت عاجزة عن استقبال المرضى.
وتشهد مديريات عدن الشعبية صراخ من وجع الإهمال في مناطق مثل دار سعد والبريقة وخورمكسر والتواهي والمعلا والقلوعة، تتضاعف فيها معاناة السكان لا وسائل نقل آمنة، لا مدارس مجهزة الوضع وصل الى حد أن بعض الأسر تأكل وجبة واحدة في اليوم، فيما يلجأ آخرون الى التسول أو الديون لتأمين حليب الأطفال.
ومن خلال مارود تصاعدت مؤخراً دعوات احتجاج شعبية في منصات التواصل الاجتماعية، تطالب بانتفاضة مدنية ضد تدهور المعيشة، في وقت تتصاعد فيه المؤشرات المقلقة على الأرض المظلومة، فيما مراقبون يؤكدون ان استمرار تجاهل هذه الازمات قد يفتح الباب أمام فوضى عارمة وانفلات أمني لا تحمد عقباه.