مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
كان القضاء التجاري قائما بل وسابقا لعصره منذ بداية الخمسينيات الهجرية فقد تضمن الباب الثالث من نظام المحكمة التجارية الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم 32 وتاريخ 15/1/1350 أصول المحاكمات التجارية من حيث كيفية تشكيل المحكمة وبيان اختصاصاتها... إلخ. وعلى الرغم من كون هذا النظام العمومي للمحكمة قد نص على إنشاء محكمة تجارية للفصل في المنازعات التجارية والتي هي بمثابة قضاء تجاري متخصص، إلا أن الغموض والتوجس ظل يساور الدور الذي تقوم به هذه المحكمة. ودون الدخول في الحيثيات والتفاصيل التي صاحبت تلك المرحلة وأدت إلى إلغائها بالكامل بقرار من مجلس الوزراء (رقم 142 وتاريخ 27/10/1374) ونزولا على ما تولد من مشاكل تجارية جراء هذا الإلغاء دون إيجاد البديل القانوني، فقد دخل مجلس الوزراء على الخط مرة أخرى وأصدر قراره (رقم 228 وتاريخ 2/6/1380) القاضي بتولي وزارة التجارة اختصاص المحكمة وتطبيق العقوبات المنصوص عليها في نظام المحكمة التجارية.
وكان من تداعيات إلغاء هذه المحكمة بكل نصوصها ومكوناتها آنذاك إلغاء نظام المجلس التجاري أيضا، والذي سبق أن قام مجلس التجارة في جدة بإعداد مشروع نظامه عام 1345، وبالتالي فقد تم تخويل وزير التجارة أيضا باختصاصات المجلس التجاري للفصل في المنازعات التجارية الذي انتهى لاحقا بإنشاء هيئة فض المنازعات التجارية بموجب القرار الصادر في عام 1382هـ.
ومنذ ذلك الإلغاء التاريخي للمحكمة غاب القضاء التجاري تماما عن المشهد وما يزال، وتم الارتهان إلى لجان عامة لتقوم بأدوار قضائية كلجنة الفصل في مخالفات نظام الوكالات التجارية، وهيئة حسم المنازعات التجارية، ولجنة الأوراق المالية، ولجان مكافحة الغش التجاري، ولجنة الصلح الواقي من الإفلاس، ولجنة الفصل في مخالفات نظام الأسماء التجارية، وغيرها، وأصبحت مرجعيات هذه اللجان متضاربة؛ فبعضها ما يزال باقيا تحت مظلة الوزارة، وبعضها نقل إلى ديوان المظالم كهيئات حسم المنازعات التجارية، وهذا ما يشير إلى أن الهياكل القضائية للتجارة ظلت تشكل ملمحا آخر وهاما، لعدم تكامل وجاهزية منظومة التشريع التجاري والتي أصبحت تعتمد على اللجان التي تقوم بعمل المحاكم (12 لجنة)، وبقيت هذه اللجان المؤقتة وحتى الآن تلعب دورا قضائيا ليس له مثيل في أي نظام قضائي آخر في العالم إلا في نظامنا التجاري، وبالتالي كان لا بد أن يلقي ذلك بظلاله على القطاع التجاري أجمع، وأن تكون له انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على كل جوانب حياتنا التجارية التي نشتكي حاليا من بعض شكلياتها وتمظهراتها، كالغلاء، والاحتكار، والغش التجاري، وغياب التنافسية، وضعف العقوبات وعدم وجود آليات لتطبيقها، دون أن نعرف امتداداتها وتجويفاتها القانونية والتشريعية التي تعاني من هذه التشوهات، وتحتاج إلى إصلاحات هيكلية وتشريعية عميقة.