مقترحات للحكومة اليمنية في مجال التجارة الخارجية

■ يعاني الميزان التجاري اليمني من عجز مزمن منذ  زمن بعيد ، ويزداد هذا العجز بصورة مستمرة وبالأخص خلال فترة الحرب القائمة منذ عام ، 2015 . إذ تراجعت الصادرات بفعل توقف صادرات النفط والغاز وارتفاع الاعتماد على السلع المستوردة في مختلف المجالات الغذائية وغير الغذائية ، الأساسية والكمالية، وبالتالي يتعزز وضع إعتبار اليمن ، دولة استهلاكية، تعتمد بصورة كلية تقريباً على استيراد حاجاتها من أسواق العالم الخارجي. ومع هذا الاعتماد المتزايد نظراً لعدم الإستقرار السياسي وتصاعد حدة الصراع والحروب الداخلية وابتعاد مؤسسات الدولة عن واجباتها الوطنية في تحقيق النهوض الاقتصادي والاجتماعي ، فقد اصبحت اليمن تصنف بانها دولة فاشلة وتتصدر قوائم الدول في ارتفاع مؤشرات التخلف الاقتصادي والاجتماعي بصورة عامة.

 

وعند دراسة إمكانية أن تخرج اليمن من دائرة التخلف والانهيار الاقتصادي والإنساني ، يبرز العديد من الفرص المتاحة ومن بين هذه الفرص اصلاح الاختلالات في الميزان التجاري. ومن أهم هذه الاختلالات آليات الاستيراد. فعند الاطلاع على الميزان التجاري اليمني سيلاحظ بوضوح تام أن معظم واردات اليمن ان لم تكن جميعها لا تتم مباشرةً بين الدول المنتجة واليمن بل انها إعادة صادرات عبر دول أخرى اهمها دول مجلس التعاون الخليجي ، الأمر الذي يؤثر سلباً على الميزان التجاري اليمني ويفقد اليمن ميزات العلاقات التجارية المباشرة بين الشركات المنتجة  واليمن. فمثلا معظم وسائل النقل اليمنية تنتج في دول جنوب شرق آسيا كالصين واليابان والهند ....وغيرها ولا تورد مباشره من تلك الدول بل تمر عبر دول اخرى ، غالباً دول مجلس التعاون الخليجي ، كما أن معظم الواردات سلع خردة ، منتهية العمر الافتراضي ، الأمر الذي بالإضافة إلى تكاليف النقل المرتفع بسبب تعدد الوسطاء يكلف الاقتصاد اليمني تكاليف عالية لاستيراد قطع الغيار والصيانة بالإضافة إلى أن فوائد العلاقات التجارية المباشرة بين المنتجين  واليمن لا تحصل عليها اليمن  و المستثمرين فيها . إذ تذهب للدول الوسيطة. 
 

وجانب آخر  يلاحظ بان الصادرات اليمنية معظمها نفط و غاز وقدر بسيط من السلع الأخرى تصدر لأسواق جنوب شرق آسيا.

 

وكل ذلك يدعو الحكومة اليمنية إلى تغيير آليات الاستيراد والتصدير. بحيث يتم التركيز على نسج عقود تبادل تجاري بين اليمن ودول جنوب شرق آسيا واهمها الصين. ويمكن ذلك من خلال العمل بالمقترحات التالية:

أولا:  يتم ايقاف الواردات السلعية  المعاد تصديرها لليمن من دول وسيطة . إذ أن ما يعاد تصديرها لليمن  معظمها سلع خردة (( منتهية العمر الافتراضي)) ، بالإضافة إلى أن ذلك مكلف جدا على الميزان التجاري اليمني من نواح عدة كما أشرنا سابقا .

    ثانياً: إعتماد سياسة استيراد مباشرةً من الدول المنتجة . إذ أن معظم الواردات لليمن من الصين واليابان والهند ودول جنوب شرق آسيا. وبالتالي فإن إبرام عقود تبادل تجاري مع الصين وغيرها من دول جنوب شرق آسيا سيعود بفوائد عدة للاقتصاد اليمني. منها استيراد سلع جديدة  وباسعار مناسبة وتكاليف نقل منخفضة ، كونها تورد مباشرة من الدول  المنتجة. ومن شأن ذلك تقليل تكاليف الصيانة واستيراد قطع الغيار بالإضافة إلى أن هناك ميزات تمنحها الدول والشركات المنتجة للمستوردين مثل التدريب والصيانة والعمولات.... الخ  .

 

وفي  حالة حدوث هذا التغيير في سياسة الاستيراد لليمن سيكون له أثر إيجابي كبير على الأسواق اليمنية وميزان المدفوعات اليمني . حيث يعتبر ذلك عامل مهم من عوامل تعزيز  القوة الاقتصادية لليمن ورفع قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وبالتالي إضافة عامل من العوامل الأساسية لمواجهة إنهيار قيمة العملة الوطنية وتعافيها ، من منطلق استغلال فرصة متاحة.