تقرير:إستنزاف عملات 4 دول و اليمن بالمرتبة ألأولى

التنمية برس: متابعات
استنزفت الحروب عملات دول عربية في ظل تهاوي المؤشرات الاقتصادية وشح الدولار وتراجع الاحتياطيات، وسيطرت مافيا تجارة العملة في اليمن والعراق وسورية وليبيا على السوق السوداء للنقد الأجنبي على خلفية ضعف الرقابة وتفاقم الاضطرابات الأمنية، إذ فقدت حكومات هذه الدول السيطرة على الأسواق.
 
وفي ظل تدهور الأوضاع أقامت إمبراطوريات تجارة العملة علاقات مريبة مع مسؤولين في حكومات بعض هذه الدول، ليسيطروا على الأسواق ويشعلوا سعر العملات الأجنبية، بهدف تحقيق أرباح خيالية على حساب المواطن الذي يعاني من ارتفاع التضخم وتأزم الأوضاع المعيشية.
 
اليمن
 
تسببت الحرب في تهاوي قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية واستنزاف الاحتياطي المالي الأجنبي اليمني. وبلغ سعر الصرف في السوق السوداء حوالى 305 ريالات للدولار، في حين يبلغ سعره الرسمي نحو 250 ريالاً، مما ساهم في زيادة التضخم وتفاقم مستويات الفقر، حسب وزارة التخطيط اليمنية.
 
وتسببت سيطرة مليشيا الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء ومؤسسات الدولة منذ سبتمبر/أيلول عام 2014، في تدهور قيمة العملة الوطنية. وباتت السوق السوداء للعملات الأجنبية تستحوذ على نحو 90 % من حجم تداول العملات الأجنبية، حسب تجار لـ"العربي الجديد".
 
وعملت مليشيا الحوثيين على تأسيس كيانات اقتصادية موازية لتمويل حروبها بعد تدميرها الاقتصاد الرسمي والقضاء على القطاع الخاص النظامي، وفي صنعاء تم افتتاح عشرات من شركات الصرافة المملوكة لأفراد موالين للحوثيين، وأصبحوا المتحكمين بسوق الصرف.
 
وفي هذا الإطار، أكد المحلل الاقتصادي، محمد راجح، لـ" العربي الجديد" أن ظهور السوق السوداء للعملة يأتي في إطار نشأة كيان اقتصادي مواز أسسه الحوثيون سيطر على السوق السوداء.
 
وأوضح تقرير صادر عن وزارة التخطيط اليمنية، أن العملة المحلية تعرضت لثلاث صدمات شديدة كانت السبب في فقدان الريال اليمني جزءا من قوته الشرائية، الأولى تتمثل في الحرب والاضطرابات، والثانية فتح الحوثيين المجال أمام القطاع الخاص لاستيراد الوقود، والثالثة التدني الشديد في تدفق النقد الأجنبي.
 
وأدى استنزاف الحوثيين موارد البلاد وتسخيرها للمجهود الحربي، إلى تهاوي احتياطي النقد الأجنبي للبلاد لنحو 987 مليون دولار (شاملة ودائع البنوك) في سبتمبر/أيلول 2016، مقابل 4.7 مليارات دولار في ديسمبر/كانون الأول 2014.
 
سورية
 
في سورية خسرت الليرة نحو 1000% من قيمتها رسمياً مقابل الدولار، في عهد بشار الأسد، وكانت معظم هذه الخسارة خلال الفترة التي تلت اندلاع الثورة عام 2011، إذ بلغ سعر صرف الدولار رسمياً نحو 48 ليرة مطلع الثورة، في حين يزيد حالياً عن 517 ليرة حسب بيانات المصرف المركزي.
 
ويرى المحلل السوري، عماد الدين المصبح، خلال حديثه مع "العربي الجديد" أن خطورة السوق السوداء التي تشتعل فيها أسعار العملة المحلية، تكمن في أن راسمي السياسات الاقتصادية غير القادرين على التصدي لها، لكونها مدارة من قبل أجهزة الفساد التي هي جزء أساسي من الجهاز الإداري للدولة.
 
ويقول المصرفي ومدير فرع المصرف التجاري سابقاً، ياسر عبد الجليل، لـ"العربي الجديد"، إن السوق السوداء للعملات، لم تغب منذ خمسين عاماً في البلاد، وحجمتها الدولة بعد عام 2006 بشكل كبير، ولكن منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، بدأ نشاطها يعود لسورية، في ظل تفاقم الحرب.
 
ويلفت عبد الجليل إلى أن قرارات مجلس النقد والتسليف التابع لنظام بشار الأسد، أنعشت السوق السوداء، ودفع العاملين بأكثر من 63 شركة مرخصة بسورية، لتعود وتتاجر بالعملة بشكل غير نظامي.
ويقول الاقتصادي السوري صلاح يوسف، لـ"العربي الجديد": "أدى تهاوي الليرة إلى رفع مجمل أسعار السلع، وخاصة المستوردة، كما زادت نسبة الفقر".
 
ليبيا
 
في ليبيا شهد سعر صرف الدينار تراجعاً حاداً أمام الدولار بسبب تفاقم الاضطرابات الأمنية وتهاوي أسعار النفط العالمية. ويؤكد صاحب أول محل لبيع العملة في منطقة الظهرة بالعاصمة طرابلس، عبدالهادي محمد، لـ"العربي الجديد"، أن "رجال السوق لا يرغبون في نزول الدولار إلى أقل من 4.5 دينارات للدولار، في حين يبلغ سعر الرسمي 1.4 دينار".
 
وتحولت معظم محلات الصرافة من بيع اللحوم والأحذية إلى تجارة العملة. ولم يعلق أي مسؤول من مصرف ليبيا المركزي على إدعاء محلات الصرافة بأن لديها تراخيص لمزاولة المهنة، واكتفى مسؤول بالمصرف، رفض ذكر اسمه، بقوله: "لم نعط أي تراخيص جديدة".
 
وفيما رأى محافظ مصرف ليبيا المركزي بشرق ليبيا، علي الحبري، في تصريحات صحافية سابقة أن سوق العملة في ليبيا يمكن السيطرة عليها بسهولة، يخالفه الرأي عميد كلية الاقتصاد بجامعة طرابلس، أحمد أبو لسين، الذي أكد أن السوق الموازية تقف وراءها عصابات ومافيات في ظل تفاقم الصراعات المسلحة. وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن السوق السوداء لا تقوم بعمليات بيع العملة فقط بل بإجراء عمليات تحويل أموال إلى أية دولة في العالم، مما يزيد الأزمة.
 
العراق
 
في العراق يخضع سعر صرف الدولار للعام الثالث عشر على التوالي، لإرادة المضاربين وتجار وسماسرة العملة وسط عجز واضح من المصرف المركزي على معالجة الأزمة التي أنهكت كاهل المواطن العراقي.
 
وسجل سعر صرف الدولار للشهر الثاني على التوالي ارتفاعا كبيرا في السوق السوداء بواقع 1350 ديناراً عراقياً للدولار، في حين يبلغ رسمياً 1180 ديناراً، وسط أزمة اقتصادية كبيرة تعصف بالبلاد منذ منتصف عام 2015 أدت إلى هجرة رؤوس الأموال نحو الخارج بسبب تردي الأمن.
 
الخبير الاقتصادي، عبد الودود العبيدي، أوضح لـ"العربي الجديد"، أن "الفارق بين سعري المصرف المركزي والسوق السوداء سببه المضاربات لسماسرة كبار في السوق تسببوا في ارتفاع سعره".
 
ويتزامن انتعاش السوق السوداء العراقية مع كل عملية عسكرية كبيرة تنطلق على إحدى المدن في البلاد، ومنها معارك تكريت وبيجي وديالى والفلوجة والرمادي.
 
ويذكر الخبير الاستراتيجي، صادق الدليمي، في حديثه مع "العربي الجديد" أن "سماسرة الدولار يجدون فرصتهم مع كل عملية عسكرية، مثل معركة الموصل الحالية، مستغلين انشغال الدولة أمنياً وعسكرياً ليتلاعبوا بالسوق عبر مضاربات كبيرة".