فقد سخر خبراء الطب الشرعي إمكانياتهم لإعادة بناء وجه بأبعاد ثلاثية يعود لإحدى الجماجم التي عثر عليها بدون فك لتظهر ملامح رجل ذي أنف مدبب وجبهة كبيرة ولحية طويلة.
وتم تشكيل عضلات الوجه والجلد للرفات باستخدام عوامل مختلفة مثل وزن الرجل وطوله وعرقه، بحسب ما نقتله صحيفة الديلي مليل البريطانية عن موقع "لايف سينس".
وتمكن أوسكار نيلسون، فنان الطب الشرعي المقيم في السويد، من إظهار كيف كان يبدو شكل الضحية قديما، من خلال التصوير المقطعي بالكمبيوتر ومن ثم قام بطبع نسخة طبق الأصل ثلاثية الأبعاد في قالب من البلاستيك.
ولأن الفك كان مفقودا من الجمجمة، فقد كان على الطبيب الشرعي أن يحدد القياسات من خلال المكان الذي تم العثور فيه على الجمجمة من أجل إعادة بناء الوجه بالكامل.
وعلى الرغم من عدم وجود دليل على الملابس التي كان يرتديها الرجل، فقد وضع نيلسون عدة احتمالات لملابسه وقصة شعره اعتمادا على ما تم العثور عليه مع الجمجمة في القبر.
فقد عثر نيلسون على بقايا من مجموعة من الحيوانات بما في ذلك الدببة البنية والخنازير البرية والغزلان الحمراء والموظ والغزلان.
وقال نيلسون إن إنسان العصر الحجري كان بالتأكيد يرتدي ملابس مصنوعة من جلد خنزير بري، مضيفا: "يمكننا أن نكشف الكثير عن المعتقدات الثقافية والدينية من خلال العثور على الجماجم البشرية ووجود فكين لحيوانات".
كما تمت إعادة بناء شعر الرجل ليكون قصيرا مع جزء أطول تم سحبه مرة أخرى على شكل ذيل حصان صغير.
وأشار نيلسون إلى أن الطباشير البيضاء التي تزين صدر الرجل والتي تتشكل على شكل قطعة فنية، دليل على أن العديد من مجموعات السكان الأصليين كانت تستخدم الطباشير لطلاء الجسم، مضيفا "إنه تذكير بأننا لا نستطيع فهم ذوقهم الجمالي".
وتابع: "ليس لدينا أي سبب للاعتقاد بأن هؤلاء الناس كانوا أقل اهتماما لمظهرهم، والتعبير عن فرديتهم، كما هو الحال على ما نحن عليه اليوم".
ولكن ويبقى اللغز المحير هو أنه لماذا هذا الرجل والآخرون لقوا مصرعهم بشكل مروع؟
يعتقد الخبراء أن المجموعة تلك قتلت خلال إقامة طقوس قديمة.
فقد تم العثور على الجمجمة إلى جانب 12 واحدة أخرى على الأقل في عام 2018، تعود إحداها لرضيع، في منطقة في السويد كانت تعرف في عصور ما قبل التاريخ ببحيرة.
ومن المرجح أن سبعة من البالغين توفوا خلال عمليات تعذيب وتلقوا ضربات على رؤوسهم قبل وفاتهم، والذي يشير الباحثون إلى أنه كان نتيجة لضربات عنيفة غير قاتلة.
وقد تكون وفاتهم نتيجة للعنف بين الأشخاص، والاختطاف القسري، والحرب، والمساعدة على العنف الذي أقره المجتمع بين أعضاء المجموعة.
وتم دفن الجثث فوق طبقة كثيفة من الحجارة الكبيرة فيما كان يمكن أن يكون دفنا محكما تحت الماء قبل 7500 و8500 سنة.
ولم يكن هناك سوى جثة واحدة من الجثث كانت لا تزال تملك عظم فك عندما دفنت، ويعتقد الخبراء أنه تمت إزالة فكوك الجماجم كجزء من طقوس الدفن.
وتعد النتائج، التي توصل إليها باحثون في جامعة ستوكهولم ومؤسسة التراث الثقافي السويدي في عام 2018، أول دليل على أن الصيادين وجامعي الثمار في العصر الحجري كانوا يحملون رؤوسا على مسامير خشبية.
يقول الدكتور فريدريك هالغرين الباحث الرئيسي في الدراسة: "هنا، لدينا مثال على طقوس معقدة جدا، والتي هي منظمة جدا،
وعلى الرغم من أننا لا نستطيع فك معنى الطقوس، لا يزال بإمكاننا أن نقدر تعقيداتها لدى هؤلاء الصيادين وجامعي الثمار في عصور ما قبل التاريخ."