هيئة الأراضي تحذر من تنفيذ مشاريع مخالفة.. فيما مستثمرون يشكون بين التحذير والانتقاد تعقيد المعاملات الحكومية ويطالبون بإصلاحات جذرية قبل إطلاق الإعلانات

عدن ■ التنمية برس ■ ✦ خاص:

 

  • شكاوي مستمرة حول إجراءات معقدة تعيق المستثمرين وتطيل المعاملات الحكومية 

 

  • بيئة الاستثمار اليمنية تحت المجهر: العراقيل الإدارية تهدد فرص التنمية الإقتصادية

 

  • دعوات للاستفادة من التجارب الخليجية لتبسيط إجراءات الأعمال في اليمن

 

  • تحذيرات من أثر سلبي على سمعة الاستثمار في البلاد

 

  • مقارنات تكشف الفجوة بين اليمن ودول الجوار في جذب رؤوس الأموال

 

  • انتقادات لواقع بيئة الاستثمار في اليمن: مطالب بإصلاحات جذرية قبل إطلاق الإعلانات الحكومية

 

▪︎ أصدرت الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني – عبر ديوانها العام في العاصمة المؤقتة عدن – إعلانًا تحذيريًا هامًا، دعت فيه المستثمرين والمقاولين إلى الالتزام الصارم بالإجراءات القانونية قبل الشروع في تنفيذ أي مشاريع استثمارية على أراضي الدولة، محذرة من أن أي تصرفات أو مشاريع تُنفذ دون استكمال الشروط الرسمية ستعتبر باطلة وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبيها.


وأكدت الهيئة أن الفترة الأخيرة شهدت مخالفات متمثلة في تنفيذ مشاريع دون استيفاء عقود الاستثمار أو إعداد التصاميم الهندسية أو دراسات الجدوى الاقتصادية أو الحصول على موافقة البنك المركزي اليمني، مشيرة إلى أن هذه التصرفات تؤدي إلى عرقلة خطط التنظيم العمراني وتضر بمصالح الدولة والمستثمرين على حد سواء.


وأوضحت الهيئة، برئاسة سالم ثابت العولقي، أن المخالفين أمامهم مهلة لا تتجاوز أسبوعين من تاريخ الإعلان للتوجه إلى مقر الهيئة في منطقة كريتر – عدن، لاستكمال الإجراءات المطلوبة، مؤكدة أن الهدف هو حماية حقوق جميع الأطراف وضمان استثمارات آمنة ومستدامة.

 

وفي الوقت الذي تعلن فيه الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتابعة لمجلس القيادة الرئاسي عن خطط ومبادرات لجذب المستثمرين، تتعالى أصوات في الأوساط الاقتصادية تحذر من أن أي إعلان عن مشاريع استثمارية لن يحقق نتائج فعلية ما لم يُسبق بإصلاحات عميقة تزيل العراقيل الإدارية وتوفر بيئة عمل آمنة ومحفزة.


وفي منشور تداوله الناشط المجتمعي "عادل سعيد الحوثري" في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، موجَّه ضمنيًا إلى رئيس الوزراء سالم بن بريك ، أثار جدلًا واسعًا بعد أن سلط الضوء على الواقع المعقد الذي تشهده الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني ويواجهه المستثمرون في البلاد من فترات ماضية، 

 

وأشار في سياق منشوره عبر صفحته بالفيس بوك رصده محرر الأخبار لدى “التنمية برس”  إلى أن إجراءات المعاملات الحكومية تشبه – وفق وصفه – "التعامل مع طلب جواز سفر أمريكي"، في إشارة إلى طول الإجراءات وتعقيدها، وغياب تفعيل الخدمة السريعة للمستثمرين.


ودعا كاتب المنشور رئيس الوزراء بن بريك لتجربة شخصية يخوض فيها مسار استخراج السجلات والرخص التجارية بنفسه، للتعرف عن قرب على نوعية الخدمات ومستوى الأداء، 

 

مؤكدًا أن البيروقراطية والمتمثلة في طول الاجراءات وتعقيد المعاملات الحكومية امتدت لتشمل قطاعات مختلفة ومنها الأشغال والبلدية والمياه والكهرباء، حيث تتطلب المعاملة الواحدة إجراءات مملة قد تمتد لشهور مما يجعل المستثمرون في حالة إحباط وملل شديد جراء هذا التأخير ! 

 


المنشور بدوره حذر من أن إطلاق الإعلانات عن مشاريع استثمارية دون إصلاحات فعلية قد يفاقم الصورة السلبية لبيئة الأعمال في اليمن، خاصة وأن البلد يواجه بالفعل تصنيفات منخفضة في المؤشرات الدولية مثل "سهولة ممارسة الأعمال" الصادر عن البنك الدولي، حيث تحتل اليمن مراكز متأخرة مقارنة بدول الجوار التي سبقت بخطوات واسعة في تهيئة بيئاتها الاستثمارية.



وتشير تجارب دول مثل سلطنة عُمان والسعودية والإمارات إلى أن جذب الاستثمارات الأجنبية لا يتحقق بالشعارات، بل عبر حزم إصلاحات حقيقية تشمل تبسيط الإجراءات، وتفعيل النافذة الواحدة، وتوفير البنية التحتية، وتحسين مؤشرات الشفافية والأمان القانوني للمستثمرين. في المقابل، لا يزال المستثمر في اليمن يواجه تعدد الجهات، وتكرار المعاملات، وطول المدد الزمنية، وضعف التنسيق بين الوزارات.



ودعا كاتب المنشور الحوثري رئيس هيئة الأراضي إلى تبني ورش عمل واستطلاع آراء المستثمرين المحليين والأجانب، والاستفادة من تجارب إقليمية ودولية ناجحة، بل وحتى الاستعانة بأدوات حديثة مثل "الذكاء الاصطناعي" لصياغة السياسات الاستثمارية، وتحديد أهم التسهيلات التي يجب أن تقدمها الدولة، مؤكدًا أن أي ملاحظات على المستثمرين لا تقارن بحجم النقاط التي تحتاج الحكومة لإصلاحها.

 

ويرى خبراء اقتصاديون أن قرارات تنظيم الاستثمار، مثل إعلان هيئة الأراضي الأخير، تمثل خطوة مهمة لحماية الحقوق وتنظيم العمل، لكنها تظل غير كافية إذا لم ترافقها إصلاحات إدارية جذرية تعالج البيروقراطية وتحد من التعقيدات التي يواجهها المستثمرون.


مؤكدين بالقول أن نجاح أي خطة لجذب رؤوس الأموال يتطلب رؤية متكاملة تجمع بين تطبيق القانون الصارم على المخالفات وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين الجادين، إلى جانب تحسين البنية التحتية وضمان الاستقرار القانوني والاقتصادي.



وبهذا الصدد تؤكد هذه الانتقادات أن التحدي الأكبر أمام اليمن ليس في جذب المستثمرين على الورق، بل في توفير أرضية مرنة واقعية تمكنهم من بدء مشاريعهم وتنميتها بأمان وسلاسة، وهو ما يتطلب إرادة سياسية، وخطة إصلاح إداري جريئة، وتنسيقًا عالي المستوى بين مختلف الجهات الحكومية.