تحت الضغوط تكشف النفوس - قوة التحمل، عمق الايمان، ومعدن الرجال
- كلنا نمر في مراحل حياتنا اليومية بضغوط مستمرة بكافة المستويات ومنها على المستوى المعيشي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي والعسكري، وهذه حتماً تمثل ظواهر طبيعية تكشف حقيقة الشخص الذي يستطيع أن يتحمل كل هذه التحديات بحسب امكانياته وطاقته وقدرته على الصبر في مدى ديمومة هذه الظروف والأزمات، ولهذا نجد في حياتنا اليوم أغلب الناس كبروا في العمر وتحملوا المشقات بكل أنواعها وهم لا يزاولوا يصارعون من أجل البقاء من خلال كبر حجم المسئولية الملقاة على عاتقهم في ظل قلة الإمكانيات المادية وهذا يؤدي الى تداعيات سلبية تواجه حياة الناس نظراً لاستمرار قضايا واشكاليات عديدة ومنها قد تكون صراعات سياسية واقتصادية وعسكرية في البلد الذي يعيش فيه هذا الفرد بالمجتمع القت بظلالها على حياة العامة من الشعب،
ولذا في لحظات الحياة العادية، قد تبدو الأمور مزيفة أو متقنعة، لكن الاختبار الحقيقي للإنسان يكون تحت وطأة الضغوط، حيث تكشف الحقائق، وتتجلى المعادن الأصيلة في مواقف نبيلة يعيشها الناس مع الاخرين وعلى سبيل المثال: الوقوف الإنساني والاخوي في ظروف صحية واجتماعية وتقديم كل مايلزم من الرعاية والعناية بحسب الإمكانيات المتاحة لكل فرد يسعى الى التخفيف من الأعباء المادية اليومية وكذلك العطاء في وقت صعب جداً يعيشه الجميع ويقدر حجم المعاناة لهذه الأوضاع التي يمرون بها، وطبعاً هذه العبارات ليست مجرد كلمات تقال، بل هي حكمة تعكس واقعاً نعيشه يومياً في صراعاتنا وتحدياتنا.
وعندما نتحدث عن معنى (قوة التحمل) في حياتنا فهي تعني لنا من خلال التجارب والخبرات التي مرينا بها فهي محك حقيقي لقدرة الانسان على تحمل الضغوط والصمود أمامها وفق فترة زمنية معينة. وفي لحظات الازمات، تظهر قوة التحمل ومعنى الاصالة كدرع يحمي الانسان من الانهيار، وليست القوة هي أن تكون صلباً دون انكسار، بل أن تنكسر ثم تعود أقوى، وكثيرون يبدون أقوياء في أوقات الرخاء، لكنهم ينهارون عند أول منعطف صعب. أما أًصحاب الإرادة الحقيقية، فيتحول الضغط الى وقود ويزيدهم صلابة وإصراراً.
وأما عن معنى (عمق الايمان) فهو شعور داخلي بالرضا والقدر خيره وشره واحتساب الأجر عند الله عزوجل في ابتغاء العوض الجميل والسعي الحميد والبداية من جديد، والإيمان مش مجرد شعارات أو طقوس نؤديها، بل هو اتصال روحي يظهر جلياً في ساعات الشدة. عندما تضيق السبل، يلوذ الانسان بربه ويطلب التوفيق والمعونة والسداد في كل أمر يريده ويسعى اليه جاهداً، ويصبح الايمان ملجأه الوحيد. هنا يبرز الفرق بين إيمان السطح وإيمان الأعماق، والايمان الحقيقي لا ينتظر المكافأة الفورية، بل يثبت حتى في ظل العواصف والمواقف الصعبة إيجابية كانت أو سلبية ، لأنه واثق بأن وراء كل ضوء ظلاماً، وبعد كل شدة فرجاً.
وأما عن (معدن الرجال) فهو أنبل وأصدق المعادن وأجملها في اكتشاف حقيقة الناس عند طلب الفزعة والوقوف بجانب من يريد هذا المعدن النفيس والنادر في زمننا الحاضر وفي ظل الظروف الطارئة،
- الرجال تقاس بأقوالها في ساعات الراحة، بل بأفعالها الحقيقية في لحظات التحدي والأزمات. معدن الانسان يختبر عندما تواجهه المصاعب، فيظهر إما نبيلاً صادقاً، أو ضعيفاً متهافتاً.
والرجال الحقيقيون لا يهربون من المسؤولية، بل يتحملونها بكل شجاعة، ويقدمون الدعم للآخرين حتى وهم تحت وطأة الألم. هم كالجبال، لا تتزحزح أمام العواصف.
- في عالمنا اليوم، حيث الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والنفسية تتصاعد من يوم لآخر، نرى أمثلة حية على هذه الحقائق. من يتصدى للأزمات المعيشية بثبات؟ يظل متمسكاً بقيمه ومبادئه؟ من يقدم يد العون رغم مشاغله؟ هؤلاء هم من يجسدون هذه الصفات الثلاث في واقعنا.
- وفي سياق ذلك علينا أن ننظر الى الضغوط ليس كأعداء، بل كفرص حقيقية لنعرف أنفسنا والآخرين بشكل أعمق. فلنعيش التحديات بقلوب قوية وإيمان راسخ، ونفوس نقية. لأن الحياة لا تقدر بسلامتها، بل بقدرتنا على اجتياز عواصفها بكرامة وإصرار.