مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
مع بدء انطلاقة عاصفة الحزم، كنت أتابع المحطات الإخبارية الغربية وهي تنقل الخبر العاجل مع تصريحات وأقوال يطغى عليها إنكار إيران دعمها الحوثيين ورفضها ربط ما يحدث بها حيث "تدعي السعودية وحلفاؤها أن ذلك ما يحدث". كان ذلك الإنكار مصحوبا باستنكار إعلامي آخر. عامان مرا الآن، وظهرت الأفعال على الأرض، وصارت أكثر صراحة من ذلك الرفض. وهي اللعبة نفسها التي أدارها "حزب الله" حين أنكر وجوده في سورية عام 2012 وأنه لم ولن يشارك في سورية، وأن ما يقال كذب وادعاء، حتى ظهرت ميليشيا «حزب الله» علانية في 2014. يقول "مسؤول إيراني كبير" نقلت عنه "رويترز" إن اللواء قاسم سليماني قائد قوة القدس، الذراع الخارجية لحرس الثورة الإسلامية التقى كبار مسؤولي الحرس الثوري الإيراني في طهران أخيرا للبحث في سبل "تمكين الحوثيين"، وأنه تم الاتفاق على زيادة حجم المساعدة بالتدريب والأسلحة والدعم المالي. ويبدو أن سلوك إيران الصريح في اليمن أخيرا يعكس قلقها الاستباقي للموقف الأمريكي الجديد من طهران. وتشير بعض المصادر العسكرية إلى أن إيران خصصت الفرقة 190 في الحرس الثوري الإيراني لإمداد الحوثيين بالسلاح برا وجوا وبحرا.
وخلال العامين الماضيين من عمر الحرب، اعترضت بحريات التحالف الأمريكية والبريطانية والفرنسية والأسترالية عديدا من عمليات تهريب الأسلحة التي كانت متجهة إلى "الحوثيين" في اليمن. وقال مسؤول عسكري أمريكي إن "تهريب الإيرانيين أسلحة إلى الحوثيين استمر دون انقطاع منذ آذار (مارس) من العام الماضي عندما توقفت عمليات الضبط، وشمل العتاد صواريخ باليستية بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى العمق في السعودية". وقالت البحرية الأمريكية إن قاربا دون ربان يتم التحكم فيه من بعد وكان محملا بالمتفجرات صدم السفينة السعودية في أول هجوم من نوعه تستخدم فيه مثل تلك القوارب، وإن "الحوثيين" استخدموا على الأرجح تكنولوجيا من إيران. وبحسب المصادر الأمريكية فقد شملت عمليات النقل الأخيرة لأسلحة وذخائر سلسلة (الطائرات دون طيار) أبابيل الإيرانية المزودة برؤوس حربية شديدة الانفجار، استخدمها الحوثيون ضد أهداف لها أهمية كبيرة مثل الرادارات وبطاريات صواريخ باتريوت، حتى أصبح الحوثيون يستخدمون عتادا عسكريا أكثر تطورا من ذي قبل في الفترة الأخيرة.
الحقائق على الأرض تجاوزت مرحلة التصريحات والتحليلات التي سيطرت على الإعلام إبان الفترة الأولى من انطلاق العاصفة. وفيما يبدو، فإن التقدم الذي أحرزته قوات التحالف العربي بقيادة السعودية لإعادة الشرعية إلى اليمن وفرض استقرارها، كما الموقف الأمريكي الأخير من طهران جعل إيران تصعد من دورها في اليمن. وما من شك أن إيران تهدف إلى توسيع نفوذها بالمزيد من أوراق الضغط، وإطالة أمد الحرب في اليمن بغية الوصول لصيغة حل تشبه ما أدى به اتفاق الطائف وهو احتفاظ وكيلها "حزب الله" بالثلث المعطل في لبنان، فضلا عن احتفاظه بالسلاح. وبالتالي استنساخ التجربة في الجانب الآخر من المنطقة حيث حيوية موقع اليمن واستراتيجيته. وما من شك أن معركة السعودية والتحالف مع ما يحدث في اليمن قضية كبرى لمآلاتها وأهدافها التي لا يمكن تسطيحها بفكرة شأن داخلي ونسيج يمني. اليمن امتداد للسعودية والمنطقة جيوسياسيا وجغرافيا واستراتيجيا وأمنيا. وهي معركة صعبة فرضت على الجميع بما فيهم الشعب اليمني المتورط.