مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
ما لم تقم الصين بتحسين أطرها لحماية الملكية الفكرية، فلن تنجح في التأسيس للبيئة اللازمة للابتكار والنمو المستدام. في وقت سابق من العام الماضي 2016، ظهر الابتكار محورا رئيسا في الخطة الخمسية التي أعلنت عنها الصين. وفيما تنتقل البلاد من الاقتصاد الذي تقوده الدولة بالاعتماد على العمالة الرخيصة والاستثمار في البنية التحتية، لتتحول إلى دولة قائمة على الخدمات، وقادرة على تحقيق النمو المستدام، فقد خصصت الحكومة موارد غير مسبوقة للشركات الخاصة لتحفيز الابتكار. وفي الوقت الذي تبذل فيه الصين جهودا للسماح للقوى الكامنة في السوق للعب "دور حاسم" في الاقتصاد، ستكون للشركات الخاصة أهمية بالغة في النمو والابتكار المستمر، بينما تبدو الأصوات القادمة من القيادات العليا مشجعة في هذا الإطار. ونقل عن رئيس مجلس الدولة لي كتشيانج قوله في وقت سابق من العام الماضي، "إن الابتكار يمثل القوة الدافعة الرئيسة للتنمية، ويجب أن يحتل مكانا مركزيا في استراتيجية التنمية في الصين". وأضاف: "يجب علينا بذل جهود مستمرة لتشجيع عامة الناس على تأسيس أنشطتهم التجارية والسعي الدؤوب وراء تحقيق الابتكار". وما يدل على الحاجة الملحة إلى تعزيز اقتصاد أكثر ابتكارا، قيامه بتكرار كلمة "الابتكار" 65 مرة في تقريره السنوي حول عمل الحكومة، أي أكثر بواقع 38 مرة عن العام الماضي، وفق ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال". وكما أشرنا إليه في تقريرنا، "حماية حقوق الملكية الفكرية، الملكية، والابتكار: أدلة من الصين"، الذي تم إعداده بالاشتراك مع جوش ليرنر وتشاوبينج وو، الذي سيصدر قريبا في "مجلة الدراسات المالية"، سيكون نجاح هذه الجهود رهنا ببناء مؤسسات أقوى. حتى الآن، حققت الصين أسرع نمو في التاريخ، على الرغم من تردي أوضاع مؤسساتها القانونية والمالية. وأصبحت واحدة من أكثر الدول تسجيلا لبراءات الاختراع في العالم. ودفع ذلك بكثيرين إلى التساؤل عما إذا كانت الصين تمثل استثناء عن "قاعدة شومبيتر" التي يقول فيها إن المؤسسات القانونية والمالية الفعالة تضع الأساس للاقتصادات الأقوى. ويقول المناصرون لهذا الرأي إنه في غياب الحماية القانونية، أسهمت ملكية الدولة في تحفيز وحماية شركات الدولة من المصادرة، وبالتالي لم تكن حماية الملكية الفكرية ضرورية على الإطلاق. لكن مثل هذه الآراء لا تأخذ في الحسبان قدرات الشركات الخاصة على الابتكار في الصين، ومدى تأثير حماية الملكية الفكرية في هذه الشركات. وفي دراستنا، عمدنا للرجوع إلى توجه الصين نحو الخصخصة من 1995-2005 للتعرف على كيفية مساهمة الملكية الخاصة في الابتكار، والأهم، مدى تأثير المستويات المتفاوتة لحماية الملكية الفكرية في جميع أنحاء الصين عليه. وعندما درسنا الشركات قبل وبعد الخصخصة، وجدنا أن الابتكار زاد بشكل ملحوظ بعد خصخصة الشركات، وذلك من خلال قياس عدد براءات الاختراع التي تم تسجيلها. وفي المتوسط، زاد عدد براءات الاختراع للشركات بنسبة تراوح بين 200 و 300 في المائة خلال السنوات الخمس التالية للخصخصة. ولكن ظهر بشكل حاسم أن الابتكار كان أعلى بكثير في المدن التي تتمتع بنسب عالية من حماية الملكية الفكرية مقارنة بالمدن التي تكون فيها الحماية منخفضة. ولم يكن للخصخصة وحدها أي تأثير في الابتكار في أماكن الحماية ضعيفة. ويعتبر هذا الأمر على قدر كبير من الأهمية، لأن الزيادة الطفيفة في حماية الملكية الفكرية تؤدي إلى مكاسب كبيرة في مجال الابتكار بعد الخصخصة. وعلى سبيل المثال، تبين لنا أن زيادة معيار واحد في درجة حماية الملكية الفكرية المحلية يؤدي إلى زيادة بمعدل أربعة أضعاف في عدد براءات الاختراع بعد الخصخصة. قد يقول قائل إن عدد براءات الاختراع وحده لا يعطي بالضرورة أفضل صورة لأفق الابتكار. وإضافة إلى العدد، نجد أدلة على أن براءات الاختراع لشركات القطاع الخاص تكون أعلى جودة، كما تحظى في كثير من الأحيان بالإشادة على المستوى الدولي عند مقارنتها ببراءات الاختراع المسجلة باسم الشركات المملوكة للدولة. كما أوردنا في ورقتنا، تعترف الصين رسميا بأهمية حماية الملكية الفكرية، بل إنها انضمت لعضوية المنظمة العالمية للملكية الفكرية في عام 1980. ويتماشى نص القانون مع المعايير الدولية، لكن في الواقع، هناك أدلة على أن الصين تمتلك سجلا سيئا في مجال إنفاذ وتطبيق مواد القانون، مع وجود فروق مهمة في مختلف المناطق إزاء تفسير وتطبيق قانون الملكية الفكرية. وكما هو مبين أعلاه، يمكن أن يعني هذا مستوى مختلفا من الحماية للشركات التي تحتاج إلى رفع النزاع في إقليم لا يطبق درجة عالية من التنفيذ، ويمكن أن تنجم عن ذلك نتائج اقتصادية متباينة تبعا لمختلف المناطق في البلاد. وظهر في دراستنا أن المدن الساحلية تطبق أنظمة قانونية أقوى مقارنة بغيرها من المناطق. إننا نقترح أن تواصل الصين الاستمرار في تطوير مؤسساتها القانونية من حيث نصوص القانون وتطبيقها. وعلى الرغم من توحيد قواعد القانون، يبقى من المهم طرق إنفاذه في المناطق على اختلافها. وتحتاج المهن القانونية بشكل عام إلى الإصلاح، ولا تزال استقلالية السلطة القضائية ضعيفة، كما يتعين على الحكومات الإقليمية عدم التدخل في عمل المحاكم المحلية. ومع أن الصين أثبتت قدرتها على تحقيق النمو الهائل من دون الإنفاذ القانوني القوي لقوانين الملكية الفكرية، مثلما هو ظاهر في التطورات الهائلة التي تحرزها في قطاع التكنولوجيا، سيكون لزاما عليها تطوير نظام قانوني قوي لدعم الابتكار الذي تنشده بشدة.