مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
كتبت في مقال سابق عن جوانب مهمة تختص بتطوير آليات العمل في مجالات مالية الشركات وتوفير الائتمان بشكل أوسع. هذه الجوانب تحتاج إلى اعتماد التقنيات المالية الحديثة وتسهيل عملية تطويرها بما يناسب بيئة الأعمال في الاقتصاد السعودي. تحقيق هذه الأهداف يندرج تحت الأهداف العامة لبرنامج تطوير القطاع المالي السعودي، أحد برامج "رؤية 2030"، الذي بدأت بعض الجهات الفاعلة فيه بإطلاق مبادرات تسهم في تحقيق أهداف البرنامج.
الحاجة إلى تطوير القطاع المالي السعودي تأتي من واقع الاستعداد للانطلاقة المترقبة لقطاعات اقتصادية جديدة، وكذلك جذب المستثمر الأجنبي. فحتى اليوم، تمكن القطاع المالي من أداء دوره في رفع كفاءة عملية تدوير النقد وتوظيفه مع الحفاظ على مكانة قوية للقطاع المصرفي السعودي أهلته لتبوؤ المركز الخامس على العالم بين أقوى الأنظمة المصرفية. فالسياسة المتحفظة لمؤسسة النقد العربي السعودي أسهمت بشكل مهم في قوة ومتانة القطاع المصرفي عن طريق تعزيز المراقبة والتشريعات والأنظمة. وقد أثبتت فترة هبوط أسعار النفط وتشدد المصارف في عرضها للسيولة في بدايات عام 2016 قدرة النظام المصرفي على امتصاص الصدمات ودعم السياسة المالية للحكومة السعودية في الوقت نفسه.
إلا أن لهذه السياسة المحافظة، رغم نجاعتها في تلك الفترة، تبعات سلبية فيما يخص الابتكار والتطوير، بحيث تحد كثافة التشريعات من قدرة القطاع على الإقدام على نماذج عمل جديدة. وبالتالي تبقى حدود القطاع المالي محدودة بشكلها القائم، مع صعوبة وصول قطاعات اقتصادية متعددة إلى رأس المال. فحتى يتمكن برنامج تطوير القطاع المالي من تحقيق أهدافه التي تشمل زيادة حجم وعمق أسواق رأس المال، وأن تكون جاذبة للاستثمارين المحلي والأجنبي فمن الضروري أن تعيد الجهات الإشرافية صياغة أهدافها ورؤيتها وفلسفة عملها. وكذلك يجب على الجهات المشرفة أخذ زمام المبادرة في بعض الأحيان نظرا لتخوف القطاع الخاص من الاصطدام بالتشريعات. فتقوم أجهزة لدى الجهات المشرعة بالحوار مع القطاع الخاص لتقييم المبادرات الجديدة وسبل الحد من المخاطر. فالتقدم التقني الحاصل في الحكومة الإلكترونية بات يتيح اليوم آفاقا أوسع لضبط العمليات بما يخفف عن المؤسسات المالية تكاليف الالتزام ويحد من التكرار غير الضروري.
هيئة السوق المالية أطلقت مبادرة مختبر التقنية المالية لدعم مشاريع التقنية المالية لتوفير إطار تنظيمي مبسط للتقنيات المالية. هذه المبادرة متقدمة جدا في فكرها والأهداف التي تريد تحقيقها، ولكن لا يمكن أن يكتب لها النجاح في ظل وجود بيئة محافظة من القوانين الأخرى التي تمس جوانب متعددة لأعمال كل من لديه فكرة مشروع تقني جديد. مثلا، أحد التطبيقات المهمة للتقنيات المالية الحديثة، أسلوب جمع الأموال من الجمهور بشكل مباشر لدعم الأفكار والمشاريع. تطبيق هذه التقنية سيصطدم لا محالة مع تنظيمات جمع الأموال والجهات المرخص لها وتنظيمات الأوراق المالية التي تحصر هذه الوظيفة في جهات خاضعة للرقابة.
إتاحة هامش عمل غير خاضع للأنظمة والتشريعات، بحيث يكون هناك حد أعلى لا يمكن تخطيه، لهذه الأفكار الجديدة التي يمكن أن تتوسع إلى مجالات مثل وسائل الدفع والتصنيف الائتماني وتسجيل الملكيات سيكون له أثر بالغ في تحفيز عملية الابتكار. ومتى ما نمت فكرة التطبيق الجديد وأثبتت جدواها، تكون الخطوة اللاحقة هي مواءمة التطبيق مع الأنظمة المعمول بها، بل وفي بعض الأحيان استحداث أنظمة جديدة تقننها كما يحدث اليوم مع العملات المشفرة.