مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
قد لا يؤدي ارتفاع إنتاج النفط في الولايات المتحدة إلى إبطال عملية إعادة التوازن الجارية في السوق بشكل كامل، إلا أن إمكانات النفط الصخري كقوة مؤثرة في الأسواق لا تزال قائمة. وحتى لو تم تطوير هذا الموارد بطريقة أكثر انضباطا، إلا أن الصناعة النفطية الأمريكية مجزأة بشدة وستبقى خارج نطاق أي ائتلاف يتم إنشاؤه لتحقيق الاستقرار في الأسواق. هذا الواقع، عندما يقترن مع عدم وجود فهم كامل لاستجابة النفط الصخري لظروف السوق، يجعل من المستحيل التنبؤ بمسار نمو إنتاج النفط الصخري ـــ ما يشكل معضلة مستعصية للمنتجين الآخرين.
لقد تحدى إنتاج النفط الصخري الأمريكي التوقعات باستمرار، ومع وصول إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة إلى مستويات شبه قياسية فوق عشرة ملايين برميل يوميا، وتجاوزت الصادرات 1.5 مليون برميل يوميا، فإن تأثيرها في الأسواق ينمو. كما أن سوائل الغاز الطبيعي تزيد من تعقيد الصورة، حيث إن إنتاج الولايات المتحدة من السوائل البترولية مثل الإيثان في ارتفاع أيضا. ومن المتوقع أن يرتفع نمو إنتاج السوائل في الولايات المتحدة، سواء كان نفطا خاما أو سوائل الغاز الطبيعي، إلى 1.4 مليون برميل في اليوم هذا العام، ما سيؤدي إلى تلبية الزيادة العالمية في الطلب على النفط التي تتوقعها الوكالة الدولية للطاقة في عام 2018.
حتى الآن، كان إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة دائما في الاتجاه التصاعدي. فالفكرة القائلة إن إنتاج النفط الخام الأمريكي يمكن أن ينمو بمقدار مليون برميل يوميا وسط أسعار نفط دون 60 دولارا للبرميل كان لا يمكن تصورها قبل بضع سنوات ـــ لكن هذا ما حدث ويحدث بالضبط. على الرغم من أن هناك إجماعا ضئيلا حول إلى أي مدى يمكن لإنتاج النفط الأمريكي أن يرتفع، إذا تمكن إنتاج النفط الصخري وحده من كسر حاجز 12 مليون برميل يوميا كما يقترح البعض ـــ أي أكثر من ضعف مستوياته الحالية – عندها يمكن أن تتجنب الأسواق حدوث نقص في الإمدادات على المدى المتوسط من جراء نقص الاستثمار في أماكن أخرى من العالم. ولكن هذا الاستقرار في المعروض سيأتي على حساب حصة أوبك وغيرها من المنتجين في السوق.
وحتى مع توقع تباطؤ معدل النمو السنوي في إمدادات النفط في الولايات المتحدة مع تقدم عام 2018، فإن المنتجين سيحتاجون فقط إلى مجهود قليل للحفاظ على معدل نمو سنوي عند مليون برميل يوميا أو أكثر ـــ وهذا فقط من النفط الخام. لقد أثبت المنتجون في الولايات المتحدة أنهم يستطيعون سداد الديون، تقديم أرباح للمساهمين، المساهمة في عمليات إعادة شراء الحصص، والنمو بقوة حتى عند 60 دولارا للبرميل؛ لم يعد رأس المال هو القيد الذي كان عليه في السابق. في الواقع، كثير من العقبات التي تعزى إلى أنها السبب في احتمالية وصول إنتاج النفط الصخري إلى ذروته قريبا، هي نفسها التي استشهد بها محللو السوق خطأ عند التقليل من قدرات النفط الصخري على النمو في الماضي.
بما أن ارتفاع إنتاج النفط الأمريكي يعني زيادة الصادرات الأمريكية وذلك لأن نمو الطلب المحلي في حالة ركود، هذا الواقع يمكن بالكاد أن يتماشى مع موردي النفط من منطقة الشرق الأوسط الذين فقدوا بعضا من حصصهم بالفعل في أسواق الاستيراد الرائدة في آسيا أو بلدان مثل روسيا التي تسعى لتوسيع إمداداتها في المنطقة.
من ناحية أخرى، بما أن القدرة الإنتاجية للنفط الصخري الأمريكي لا تزال غير مفهومة بصورة كاملة، فإن التوقع أن الإنتاج سيستمر في الارتفاع إلى أي مستوى، يمكن أن يعزز شعورا خطيرا من الرضا لدى المنتجين والمستهلكين. وعلى وجه العموم، لم تقم شركات النفط الوطنية بالاستثمارات المعاكسة التي كانت تقوم بها في فترات ركود الأسعار السابقة، في حين لا تزال شركات النفط العالمية ملتزمة بالحفاظ على سقف ثابت للنفقات الرأسمالية. إذا تعثرت موارد النفط الصخري، أو فجأة وصلت ذروتها، قد تترك الصناعة هناك دون دفة توجها ـــ ومن خلال نقص العرض وارتفاع الأسعار، قد تتسارع مخاطر التحول عن الوقود الأحفوري. ولا يمكن أبدا استرداد أي حصة من مزيج الطاقة يخسرها النفط بهذه الطريقة. وتعمل الصناعة النفطية جاهدة على تقصير دورة تطوير الحقول على نحو شامل لجعل الإمدادات العالمية أكثر سرعة واستجابة لمتطلبات الأسواق، ولكن لا يزال النفط الصخري أسرع مصدر للإمدادات الجديدة. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان هناك ما يكفي من الطاقات التي يجري تطويرها للتغلب على أي نقص كبير محتمل في المعروض إذا لم يتمكن النفط الصخري من تولي زمام المبادرة، سواء على المدى المتوسط أو البعيد.
إذن ما الذي بالضبط من المفترض أن تفعله "أوبك" أو روسيا، البرازيل أو النرويج؟ بطبيعة الحال، يمكن للنفط الصخري أن يسلك مسارا بين هذين السيناريوهين، ما يترك المجال أمام منتجين آخرين أيضا للنمو مع تجنب صدمة العرض. ولكن عدم اليقين الشديد، جنبا إلى جنب مع احتمال أن واحدا من هذه السيناريوهات المتطرفة يمكن أن يحدث، مهما كانت الاحتمالية ضئيلة، يجعل من الصعب على المنتجين الآخرين الاستجابة.
كانت منظمة أوبك تبحث بشكل فعال منذ عام 2014 عن قواعد جديدة للسوق، لكن النفط الصخري لا يزال إلى حد كبير يضع قواعد السوق. هل ينبغي على دول المنظمة الانتظار ومراقبة النفط الصخري يأكل حصتها في السوق؟ وهل يجب استثمار المليارات في طاقات احتياطية قد لا تكون هناك حاجة إليها؟ هل تستأنف حرب أسعار لا يستطيعون تحمل عواقبها؟ ليس هناك إجابة واضحة لهذه التساؤلات. تاريخيا، حاجة "أوبك" إلى توافق الآراء تؤدي إلى عدم اتخاذ إجراءات جريئة وسريعة. لكن أسوأ السيناريوهات قاتمة: فـ "أوبك" تنتظر النفط الصخري أن يصل إلى مستوى إنتاج قد لا يتحقق أبدا، أو في الوقت الذي يتحقق فيه أخيرا، تجد أن الطلب على النفط قد بلغ ذروته.