مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
أخيرا وصلت أسعار النفط بالفعل إلى أعلى مستوياتها في أربعة أشهر، ما أجبر عديدا من المحللين إلى إعادة النظر في توقعاتهم لأسعار النفط لهذا العام. قد يؤدي استمرار نمو الطلب وانقطاع الإمدادات إلى ارتفاع الأسعار إلى 70 دولارا للبرميل في المستقبل القريب. لقد تضافرت عوامل مثالية: ففائض العرض يفوق التوقعات، ونمو الطلب يفوق الإجماع في ضعف النمو.
إن انتعاش المعروض من ليبيا قد يعوض انقطاعات الإمدادات في فنزويلا. لكن المفاجأة الحقيقية كانت في نمو الطلب. في نهاية عام 2018 وبداية هذا العام، بلغت أسعار النفط أدنى مستوياتها، وهيمنت المخاوف بشأن استقرار الاقتصاد العالمي على أسواق النفط. لكن في الوقت الحالي على الأقل، كان الطلب قويا. في كانون الثاني (يناير)، ارتفع الطلب بمقدار 1.55 مليون برميل يوميا على أساس سنوي. استنادا إلى توقعات وكالة الطاقة الدولية، قد يصل معدل نمو الطلب العالمي على النفط هذا العام إلى 1.4 مليون برميل في اليوم. حيث ينمو الطلب في الصين بمعدل أقوى من المتوقع، في حين أن الأسواق الناشئة الأخرى من المتوقع أن تتخطى الصعوبات التي واجهتنا خلال عام 2018 الذي شهد: قوة الدولار وارتفاع أسعار الفائدة، وارتفاع أسعار النفط. في الواقع، عديد من المحللين متفائلون بخصوص أسعار النفط. نظرا للتركيز على المخاوف بخصوص متانة الاقتصاد العالمي والمخاطر الأخرى، تجاهلت أسواق النفط إلى حد كبير تشدد العرض في الربع الأول من عام 2019، ما ساعد أسواق النفط العالمية على إعادة التوازن منذ نهاية عام 2018. مع زيادة التوقعات في التوصل إلى اتفاق بخصوص محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، قد تخرج أخيرا أسعار النفط من نطاق التداول الضيق، وسيدعم ذلك على المدى القريب جدا السياسات المتعلقة بتشدد الإمدادات. وقد يصبح العجز في المعروض مهما إلى حد ما، حيث من المتوقع أن يبلغ إجمالي نمو الطلب على المنتجات النفطية في الربع الأول من هذا العام 1.03 مليون برميل في اليوم مقابل نمو المعروض 0.3 مليون برميل في اليوم فقط.
الربع الثاني من هذا العام سيكون متشددا بشكل خاص. مع بدء تخفيضات "أوبك" وحلفائها وتشدد الإمدادات من خارج "أوبك" في النصف الأول من عام 2019، بسبب انخفاض الإنتاج الكندي، والتباطؤ المؤقت في نمو الإنتاج الأمريكي، والصيانة في بعض حقول النفط العالمية الرئيسة (بشكل خاص حقل كاشاجان)، من المتوقع أن يشهد الربع الثاني من عام 2019 على الأقل من الناحية النظرية تشددا بأكثر من 1.2 مليون برميل يوميا في ميزان العرض والطلب العالمي. هناك عجز ملحوظ في المعروض يبلغ 1.2 مليون برميل في اليوم، مقارنة بفائض الربع الأخير من العام الماضي البالغ 1.5 مليون برميل يوميا.
في هذا الجانب، يرى عديد من المحللين أن العجز في العرض سيتلاشى في النصف الثاني من العام ما لم تواصل "أوبك" وحلفاؤها الإفراط في الامتثال لخفض الإنتاج. قد ينتعش إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة من الهدوء الحالي، في حين أن مصير التزام "أوبك" وحلفائها غير مقرر بعد. وبالتالي، يعتقد المحللون أن "أوبك" وحلفاءها بحاجة إلى تمديد تخفيضاتهم ليس فقط حتى نهاية عام 2019 ولكن أيضا في عام 2020 إذا كانوا يريدون تجنب حدوث انهيار آخر في أسعار النفط.
بالتأكيد لا تخلو سيناريوهات الأسعار هذه أو غيرها من عدم اليقين. على وجه الخصوص، سيكون لإدارة الرئيس ترمب تأثير كبير فيما ستؤول إليه أسواق النفط في هذا العام. لقد ساعدت إدارة الرئيس ترمب في تفاقم الأزمة في فنزويلا، حيث استقر انخفاض الإنتاج بعض الشيء في أواخر العام الماضي بعد تراجعات كبيرة. في هذا العام، انخفض إنتاج فنزويلا بمقدار 142 ألف برميل يوميا في شباط (فبراير)، بينما من المحتمل أن تكون خسائر هذا الشهر أكبر.
وتقوم الولايات المتحدة أيضا بتقييم الإعفاءات من العقوبات على إيران، فقد يجبر تشدد أسواق النفط الرئيس ترمب على تمديد بعضها. من الممكن أيضا أن تقوم وزارة الطاقة الأمريكية بإطلاق النفط من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي، في وقت يعمل فيه الكونجرس الأمريكي على تشريع قانون NOPEC، الذي قد يكون له بعض التداعيات على قرارات "أوبك". علاوة على ذلك، من غير الواضح كيف ستستجيب "أوبك" وحلفاؤها لأي من هذه الإجراءات؟ على سبيل المثال، يمكن أن تزيد "أوبك" العرض لتهبط الأسعار إذا ما تم إقرار قانون NOPEC. أو قد تستمر في الإفراط في الامتثال لخفض الإنتاج بعد أن تخلت عنه في وقت مبكر جدا في العام الماضي. السيناريوهات لا حصر لها، لذلك يجب أخذ توقعات أسعار النفط بمزيد من الحذر.
مع انهيار الإنتاج الفنزويلي، الامتثال القوي من قبل "أوبك" وحلفائها لخفض الإنتاج، الطلب القوي نسبيا والاقتصاد الذي لا يزال متواضعا - لا تزال أسعار النفط أقل بكثير من أعلى مستوياتها في العام الماضي.
من المؤكد أن أسعار النفط ارتدت إلى أعلى مستوى لها منذ تشرين الثاني (نوفمبر)، ويبدو أن تضافر عدة عوامل صعودية يدفع الأسعار في اتجاه تصاعدي. لكن في السنوات الماضية، كانت الأنباء التي تفيد بأن دولة منتجة للنفط مثل فنزويلا قد شهدت فجأة انخفاض الإنتاج من أكثر من مليون برميل يوميا إلى 500 أو 600 ألف برميل يوميا، كانت ستدفع الأسعار إلى مستويات عالية جدا. الآن تقفز الأسعار بدولار أو نحو ذلك.
سبب التقييد النسبي هو أن الأسواق تتوقع أن ينمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بمعدل غير محدد. في كانون الثاني (يناير)، توقعت إدارة معلومات الطاقة أن يبلغ متوسط إنتاج الولايات المتحدة 12.1 مليون برميل في اليوم هذا العام. بعد شهر، عدلت الوكالة تلك التوقعات بواقع 300 برميل يوميا ليصل الإنتاج إلى 12.4 مليون برميل يوميا. لقد أصبح هذا الإجراء مألوفا. حيث استمر النفط الصخري في الولايات المتحدة في تجاوز التوقعات السابقة.