أدت استقالة إثنين من كبار قادة البركست في بريطانيا وهما ديفيز ديفيد الوزير المختص بشئون البركست وبوريس جونسون وزير الخارجية والكومنولث في حكومة تيريزا ماي إلى أزمة عميقة داخل حزب المحافظين الحاكم استطاعت "ماي" احتوائها حتى الان بتعاطيها المرن والجامع في نفس الوقت.
وكانت خلال الفترة الماضية ومنذ أن قرر البريطانيون الخروج من الاتحاد الاوربي وهي تعمل على انشاء معادلة تقوم على قاعدتين هما :
الأولى الحفاظ على وحدة حزب المحافظين تجاه ما سمي الخروج القاسي من ناحية والخروج المرن أو الإمن من ناحية أخرى ، ولكل منهما أنصاره بين قادة الحزب وقواعده ، والثانية أن يكون الخروج عملية أقل كلفة من الناحية الاقتصادية والأمنية .
بعد نقاشات طويلة ، وبعد أن تعثرت المفاوضات مع الاتحاد الاوربي ، استطاعت رئيسة الوزراء أن تتوصل إلى صيغة تجنب بريطانيا الخروج القاسي hard Brexit وتحافظ في نفس الوقت على وحدة حزبها وذلك بطرح فكرة إقامة منطقة تجارة حرة UK-EU Free Trade Area تنظمها قواعد يتفق عليها الطرفان .
وحين بدا أن كل أعضاء الحكومة قد وافقوا على الخطة إذا بها تواجه باستقالة الاثنين ، وهما أهم قياديين في عملية الخروج من الاتحاد الاوربي . لكن "ماي" قررت قبول الاستقالة وتعيين البديل فوراً .
وفي أبلغ تعبير عن حساسية الوضع خاطبت "ماي " حكومتها وحزبها معاً بالقول : "أن تقود هو أن تقرر" ، To lead is to decide في إشارة إلى أن عدم قدرة الحزب الحاكم على اتخاذ القرار لفترة طويلة تكبد فيها خسائر كبير تنذر بخسارته الانتخابات القادمة ، حيث حذرت حزبها قائلة " الحزب المنقسم يخسر الانتخابات " .
وإذا كانت "ماي" قد استطاعت حتى الان أن تدير دفة سفينتها بإلهام من تاريخ الدبلوماسية البريطانية وحنكتها في ادارة مصالحها ، لكن يبقى السؤال الذي سيتوقف عليه خروج حزبها الآمن من هذه الازمة هو كيف سيتعاطي الاتحاد الاوربي مع الخطة البريطانية الخاصة بإقامة المنطقة الحرة .
لا شك أن من مصلحة أوربا أن لا تذهب بريطانيا بعيداً نحو التشدد .