مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
يركز الميثاق العالمي مع إفريقيا على تحد أساس يواجه القارة، وهو كيفية تسريع استثمارات القطاع الخاص، وإيجاد فرص العمل. ولتحقيق إمكاناته الكاملة، ينبغي لكل طرف أن يؤدي الدور المنوط به. ويقوم هذا الميثاق على فكرة بسيطة، هي إتاحة منبر لزيادة التنسيق بين البلدان الإفريقية والمنظمات الدولية والشركاء الثنائيين في مجموعة الـ20 لدعم إصلاحات الاقتصاد والأعمال والقطاع المالي التي من شأنها جذب الاستثمار الخاص. وبعد مرور 16 شهرا على انعقاد قمة برلين التي أطلقت المبادرة فعليا، يمكننا، بل ينبغي لنا، أن نتساءل عما إذا كانت البلدان التي يشملها الميثاق وشركاؤها الدوليون يقومان بجهد كاف لتنفيذ المبادرة بالكامل، وما المجالات التي يمكن تعزيز التقدم فيها. نقطة البدء تقوية الاقتصاد تواصل بلدان الميثاق العمل على تنفيذ سياسات لتقوية الاستقرار الاقتصادي، وهو ركيزة أساسية لجذب الاستثمار الخاص. ويتسم النمو بآفاق مواتية في معظم بلدان الميثاق، وإن كانت مستويات الدين العام المرتفعة في كثير منها، مثل مصر وإثيوبيا وغانا، تحد من الحيز المالي المتاح لزيادة الاستثمارات العامة. ومع محدودية المجال المتاح للحصول على قروض إضافية، تحتاج هذه البلدان أيضا إلى زيادة الإيرادات الضريبية المحلية ورفع كفاءة الإنفاق العام لتمويل مزيد من الاستثمارات العامة. تحسين أطر الأعمال والتمويل هو العامل الفارق يسعى مستثمرو القطاع الخاص إلى تحسين أطر مزاولة الأعمال، عن طريق تبسيط الإجراءات، وإرساء قواعد تنظيمية مؤكدة، وإيجاد محاكم تتمتع بالكفاءة، وتهيئة مناخ تسوده الشفافية. وتؤدي تقوية القطاعات المالية وزيادة تطورها إلى تعميق أسواق رأس المال، وتوسيع فرص الحصول على الائتمان. ويكتسب التنسيق بين الحكومات والشركاء أهمية مساوية بالنسبة للاستثمار الخاص. وقد كان هذا التنسيق فعالا للغاية في بعض البلدان، مثل غانا والمغرب، وأقل فعالية في بعضها الآخر. ولتنفيذ التزامات الإصلاح الطموحة والمحددة لكل بلد في ظل الميثاق، يجب أن يكون لدى البلدان الإفريقية شعور قوي بملكية هذه الإصلاحات، كما يتعين تعزيز المشاركة والدعم من شركاء الميثاق؛ لضمان توافر القدرات والتمويل الكافيين أثناء التنفيذ. وينبغي لشركاء التنمية تقديم الدعم للقطاع العام بأساليب أكثر دقة، مثل أدوات تخفيف المخاطر، لتشجيع استثمارات القطاع الخاص. وفي هذا الصدد، تعد المشاركة المتنامية من جانب مؤسسات تمويل التنمية في بلدان مجموعة الـ20 تطورا جديرا بالترحيب. فبإمكان هذه المؤسسات المساهمة بخبراتها الفنية الواسعة في تصميم وتمويل المشروعات الاستثمارية الكبرى. تكثيف الجهود لجذب مزيد من الاستثمارات الخاصة يتطلب جذب الاستثمارات الخاصة إنشاء علاقة مباشرة بين البلدان المعنية ومستثمري القطاع الخاص، مثلما حدث أخيرا في منتدى المستثمرين "الافتراضي" بين غانا وألمانيا. ويمكن للشركاء الآخرين في مجموعة الـ20 تكثيف العمل في هذا المجال، بما في ذلك تمويل الجولات الترويجية وفعاليات التعلم من النظراء التي تجمع تحت مظلتها بلدان الميثاق والمستثمرين المحتملين. ولا شك أن كل هذه الإصلاحات تستغرق وقتا، وتتطلب شعورا قويا بالملكية من جانب البلدان المعنية. ويجب أن نكون واقعيين بشأن سرعة تصميم المشروعات وتنفيذها، وبشأن تحدي التغلب على المعارضة السياسية في بعض الحالات. لكن الثمار التي يمكن أن تحققها الإصلاحات الاقتصادية المؤثرة تستحق الانتظار. الصندوق يقدم دعما نشطا للميثاق يواصل الصندوق العمل بالتعاون الوثيق مع بلدان الميثاق لبناء أطر قوية للاقتصاد الكلي، والأعمال التجارية، والقطاع المالي، من شأنها تشجيع زيادة الاستثمارات الخاصة. ونحن نحتفظ بقنوات للحوار الوثيق حول السياسات مع كل البلدان الـ12 التي يشملها الميثاق، كما توجد برامج يدعمها الصندوق في عشرة من هذه البلدان. وتستهدف جهودنا في مجال تنمية القدرات تقوية المؤسسات العامة الرئيسة. وخلال عامي 2017 و2018، أوفد الصندوق 129 بعثة للمساعدة الفنية إلى بلدان الميثاق، وقام بتدريب أكثر من 1700 مسؤول حكومي، في مجالات تتضمن الإدارة الضريبية، وقدرات إدارة الاستثمارات العامة، والرقابة على القطاع المالي، على سبيل المثال لا الحصر. تعاون يحقق كسبا مؤكدا للطرفين نواصل تقديم الدعم النشط لعملية الميثاق، وهو تعاون براجماتي بين البلدان المتقدمة والنامية يحقق فيه الطرفان كسبا مؤكدا. وسيؤدي النجاح في البلدان التي يشملها الميثاق حاليا إلى وضع أساس لتوسيع نطاق هذه المبادرة حتى تمتد لكل أنحاء القارة. وختاما أقول، إن العقد المقبل سيشهد وصول 140 مليون طفل إلى سن البلوغ في بلدان الميثاق الـ12. ولا تعد زيادة الاستثمارات الخاصة مفهوما مجردا بالنسبة لمستقبل هؤلاء الأطفال، إنما هي ضرورة حتمية لحصولهم على فرص عمل منتجة، ومن ثم تحقيق مكاسب الميزة الديمغرافية التي تتمتع بها إفريقيا. وليس الفشل خيارا مطروحا في مواجهة تحدي إيجاد فرص العمل، ولدينا من الأدوات والوسائل ما يمكننا من تحقيق النجاح. وقد أكدنا على مدار الأسابيع القليلة الماضية، أن الوقت الراهن ليس وقت التراخي في الاقتصاد العالمي. فعلينا توجيه السفينة وليس الانسياق مع الريح. وينطبق الشيء نفسه على الميثاق العالمي مع إفريقيا. ذلك أن تحقيق إمكاناته الكاملة يتطلب من البلدان ذات التوجه الإصلاحي في إفريقيا والمنظمات الدولية والشركاء في مجموعة الـ20 أن تواصل التجديف معا في سفينة واحدة.