مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
في العام الماضي، ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها منذ أربع سنوات، قبل أن تنخفض أكثر من 30 دولارا للبرميل أواخر العام الماضي. لقد كان هناك عديد من العوامل خلال تلك الفترة المتقلبة التي أثرت في حركة السوق، وأبرزها: العقوبات الإيرانية، وتعهدات منظمة أوبك بزيادة الإنتاج؛ لتجنب نقص الإمدادات نتيجة العقوبات. ويبدو أن تقلبات الأسواق استمرت حتى عام 2019، مع بروز حالة من عدم اليقين في عدد من المجالات الرئيسة في أسواق النفط لهذا العام، أبرزها ما يلي:
الطلب: تشير تقديرات "أوبك" إلى انخفاض الطلب على النفط عام 2019؛ بسبب عديد من العوامل. وفي أحدث تقرير شهري لها عن حالة أسواق النفط، خفضت المنظمة توقعاتها لنمو الطلب 100 ألف برميل يوميا، كما قام بنك جولدمان ساكس بتخفيض توقعاته بشأن أسعار النفط؛ بسبب المخاوف من زيادة العرض، وضعف الطلب نسبيا. وإذا ما كانت هذه التوقعات دقيقة، فمن المحتمل أن يؤثر انخفاض نمو الطلب في الأسعار على مدار العام.
حالة الاقتصاد الصيني: قد لا تتمكن الصين من الفوز بالحرب التجارية، لكن يمكن أن يعاني أحد الطرفين أكثر من الآخر، ويبدو أن هذا هو الحال بالنسبة إلى الصين؛ حيث تباطؤ الإنتاج، وتوقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي تبدو غير مشجعة. اكتسبت أسواق الأسهم الصينية صفة أسوأ سوق للأوراق المالية عام 2018، ويرجع ذلك -إلى حد كبير- إلى الحرب التجارية. بيانات التضخم التي صدرت أخيرا، وتقيس معدل تضخم أسعار المستهلك CPI، كانت أقل مما توقعه المراقبون؛ حيث ارتفع 1.9 في المائة مقابل ما يقدر بـ2.1 في المائة. كما يبدو أن معدل تضخم المنتجين في الصين مثير للقلق أيضا؛ حيث ارتفع 0.9 في المائة فقط مقابل توقعات نمو 1.6 في المائة. إذا ما شهد أكثر الاقتصادات استهلاكا في العالم تباطؤا اقتصاديا عام 2019، فسيتعرض الاقتصاد العالمي وأسواق النفط إلى ضربة قوية.
الركود العالمي والاضطراب المالي: نحن الآن في أطول فترة أسواق تصاعدية في التاريخ، وهي حقيقة قد تكون مدعاة إلى القلق خلال 2019. شهد عام 2018 عمليات بيع متعددة في أسواق الأسهم الأمريكية، مدفوعة بالخوف من الأزمة المالية، وبطء النمو، والحرب التجارية. في عام 2019، يجب أن يستمر المراقبون في متابعة حالة الاقتصاد العالمي من كثب. لقد انعكس منحنى عائد الولايات المتحدة مرة أخرى، وهو مقياس زمني للتنبؤ بالركود. إن انعكاس منحنى العائد يشير إلى اضطراب الاقتصاد العالمي وأسواق النفط.
اللوائح البحرية بخصوص وقود السفن: أعلنت المنظمة البحرية الدولية IMO؛ وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، مجموعة جديدة من القواعد عام 2016، تهدف إلى خفض نسبة الكبريت في وقود السفن التجارية. وبدءا من عام 2020، سيكون لزاما على مالكي السفن خفض النسبة القصوى للمواد الكبريتية المسموح بها في الوقود البحري إلى 0.5 في المائة مقارنة بـ3.2 في المائة التي فرضتها عام 2012. هناك آراء متباينة حول مدى استعداد وقدرة مصافي التكرير على تنفيذ مثل هذه الإصلاحات. ووفقا لأحد التقديرات، ينبغي بناء نحو 75 في المائة من السعة الإضافية لتنفيذ القواعد المذكورة. علاوة على ذلك، قد لا يتم تعويض تكلفة القيام بذلك من خلال المبيعات. وعلى أي حال، ستكون التطورات في أنظمة المنظمة البحرية الدولية لعام 2020 مهمة للغاية، مع إمكانية أن يكون لها تحول جذري في الطلب على النفط الخام.
الحرب التجارية: لا شيء يزعزع تدفق التجارة العالمية، وبالتالي الطلب على السلع المختلفة بما في ذلك النفط، أكثر من الحرب التجارية. وبطبيعة الحال يتضخم التأثير إذا كانت الحرب بين أكبر الاقتصادات في العالم. تعد الحرب التجارية مهمة خصوصا في سياق النفط؛ لأن الدول المعنية تشكل أكثر من 30 في المائة من الطلب العالمي على النفط. رغم أن المحادثات التجارية الأخيرة بين الدول المعنية أبرمت مذكرة إيجابية، إلا أن التصريحات الرسمية من كلا الجانبين لا تعطي إطارا أو جدولا زمنيا لحل الأزمة. من الطلب على النفط إلى الاقتصاد العالمي، هذه الحرب التجارية بلا شك أحد أهم العوامل المؤثرة في أسعار النفط عام 2019.
خفض الإنتاج: في كانون الأول (ديسمبر)، توصلت منظمة أوبك وحلفاؤها إلى اتفاق لتخفيض الإنتاج 1.2 مليون برميل يوميا، ومن المهم ملاحظة تفاصيل هذا الاتفاق. أولا، الشهر الأساس الذي تستند إليه عمليات خفض الإنتاج هو تشرين الأول (أكتوبر)، كان المنتجان الرئيسان في منظمة أوبك والدول غير الأعضاء "روسيا" يضخان مستويات قياسية. ثانيا، لا تبدو روسيا متحمسة جدا لتشكيل تحالف على المدى الطويل مع "أوبك"، وقد صرح المسؤولون الروس في أكثر من مناسبة بأنهم سيكونون راضين عن انخفاض أسعار النفط. في هذا الجانب، قال وزير الطاقة الروسي بعد اجتماع "أوبك" وحلفائها في كانون الأول (ديسمبر)، إن الأمر قد يستغرق بضعة أشهر للوصول إلى مستويات الإنتاج المطلوبة. إن مراقبة هذه التخفيضات عام 2019 ومدى فعاليتها ستكون المفتاح؛ لفهم جانب العرض في سوق النفط. إعفاءات إيران: العقوبات على إيران، والإعفاءات التي قدمتها الولايات المتحدة ستظل عاملا رئيسا في أسواق النفط عام 2019. ليس من المؤكد بعد تجديد هذه الإعفاءات التي مُنحت بالفعل للدول الرئيسة المشترية للنفط الخام الإيراني، وأي قرار بتجديدها أو إلغائها سيؤثر بقوة في أسعار النفط.
على الرغم من أن العوامل آنفة الذكر ليست شاملة، لكنها تحتوي على أهم محفزات أسعار النفط عام 2019. من المرجح أن يؤدي التفاعل فيما بينها دورا كبيرا في التأثير في اتجاه أسواق النفط هذا العام صعودا أو هبوطا.
*صحيفة الاقتصادية السعودية