مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
تنتابنا نحن المتابعين لشؤون الطاقة الحيرة والارتباك من مسار الأسعار في خضم سعير الأزمات. والحيرة هي السمة الغالبة لمراكز الأبحاث والمصارف الكبيرة التي تعنى بالنفط ومشتقاته وإمداداته ومسائل العرض والطلب. والأمر صار محيرا إلى درجة أن الأسواق لم تعد تكترث لتوقعات مسار الأسعار حتى وإن أتت من مؤسسات عالمية لها باع طويل في تقدير معدلات الاستهلاك والنمو في الآماد ليست البعيدة بل حتى القريبة. لم يكن الوضع هكذا قبل نحو نصف عقد من الزمان عندما كان لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" الكلمة العليا في التأثير في الأسواق والأسعار.
لقد طرأت تغييرات جوهرية في إمدادات النفط وصناعة وتكنولوجيا استخراجه ربما لم تكن في الحسبان قبل نحو خمسة أعوام. في هذه الأعوام تراجع دور الإنتاج التقليدي في الدول المنتجة الرئيسة في "أوبك" لمصلحة الإنتاج غير التقليدي من الرمل الصخري.
وكما هو الحال مع أي ثورة أو اختراع تكنولوجي أو صناعي جديد، صارت أدوات الإنتاج والاستخراج والنقل ذات التقنية الفائقة متاحة بعد أن انخفضت أسعارها.
وانخفاض أسعار المعدات مع التسهيلات المصرفية أسهم بصورة مباشرة في ازدياد كبير في عدد شركات التنقيب وعلى الخصوص في شمال أمريكا. ورافق ذلك زيادة مطردة في الإنتاج جعل في مدة قصيرة من الولايات المتحدة رقما صعبا في معادلة النفط بعد أن عبر معدل إنتاجها اليومي 12 مليون برميل.
ومكن التطور التقني الولايات المتحدة أن تبرز كمنتج رئيس للغاز أيضا. فبعد أن جاوز إنتاجها سقف 100 مليار قدم مكعبة، دخلت مضمار التصدير، أكثر من ستة مليارات قدم مكعبة في اليوم.
ولو أخذنا توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، هناك زيادات كبيرة في إنتاج النفط في أمريكا تصل إلى مليون ونصف مليون برميل كل سنة حتى عام 2025، وأمريكا ستصبح رائدة في عالم إنتاج وتصدير الطاقة الهيدروكربونية في غضون 12 شهرا.
اليوم، لم يعد الخليج العربي مركز الثقل المباشر للتأثير في الأسعار لوحده. بدأ ينازعه خليج آخر، وهو خليج المكسيك.
من دون الخليجين، من الصعوبة بمكان تحديد مقياس الأسعار. أما وزن شاقول المستقبل، على ما يبدو، فإنه أخذ في الانجذاب صوب خليج المكسيك، حيث تدور عجلة التطور الصناعي والتكنولوجي والرقمي دون هوادة أو توقف.
من خليج المكسيك، يتم اليوم تصدير أكثر من سبعة ملايين برميل من البترول – 2.5 من النفط الخام ونحو 1.5 من سوائل الغاز الطبيعي وأكثر من ثلاثة ملايين برميل من مشتقات النفط في اليوم.
وبصورة عامة، تشير توقعات مراكز وأبحاث الطاقة إلى زيادة سنوية بين مليون ومليون ونصف برميل في اليوم في طاقات التصدير الأمريكية من منصات على خليج المكسيك فقط.
وحسب هيئة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن معدل تصدير النفط الخام ومشتقاته في الولايات المتحدة سيتجاوز معدل الاستيراد في العام المقبل، بينما فاق معدل تصدير الغاز الطبيعي الواردات منذ عام 2017.
هل في إمكان النفط التقليدي مجاراة أو حتى التعويض عن النفط الأمريكي؟ نظريا، الجواب "نعم". بيد أن ميزانيات منتجي النفط التقليدي، وبينهم أعضاء منظمة أوبك قد لا تتحمل هبوطا حادا في الأسعار تجعل من الإنتاج الصخري والرملي خارج المعادلة من الناحية الاقتصادية.
أظن أن إعصارا في خليج المكسيك أو حتى التنبؤ بحدوثه كان ربما يؤثر في الأسعار أكثر من الطفرة الخفيفة التي حدثت لها بعد قرصنة إيران لناقلة النفط البريطانية.
هناك تقارب أو حتى تشابه بين الخليجين. كما أن الدول الخليجية وضعت معظم بيضها في موانئ التصدير المطلة على الخليج العربي، هكذا هو الوضع في الولايات المتحدة حيث نرى أنها وضعت تقريبا كل بيضها في موانئ التصدير المطلة على خليج المكسيك. في السابق، كان على العالم مراقبة خليج واحد لتقرير إمدادات وأسعار الطاقة. اليوم، عليه مراقبة الخليجين.