مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
لا يمكن الفصل بين السياسة والاقتصاد , كلا له تأثيره على الواقع , وحياة الناس ومعيشتهم، للانقلابات السياسية الأثر الايجابي والسلبي على الاقتصاد , يمكن أن يتقبل العقل ايجابية الانقلاب من داخل الدولة نفسها ومؤسساتها , وإزاحة قوى الفساد المعيقة للتنمية والنهضة , انقلاب يدار من قوى مدنية وسياسية تعي فكرة الدولة وأهمية مؤسساتها , ومن غير المعقول أن تتخلق دولة من قوى عقائدية ومذهبية تدعي الاصطفاء الإلهي , قادمة من كهوف التاريخ وتحمل أفكار وارث ما قبل العصر , وأولوياتها السيطرة على البلد ,وفرض أمر واقع على الجميع تقبله , والاستئثار بالحكم والثروة للجماعة , وتحويل أبناء اليمن موالين لها سياسيا وعقائديا.
تدهور الاقتصاد ومعيشة الناس , وانهيار الوضع الإنساني والخدماتي من صحة وتربية وخدمات عامة , هي تداعيات الحرب الأهلية التي أشعلها الانقلابين , وتمكنهم من البنك المركزي والمؤسسات السيادية وإيرادات الدولة , وإنهاء ما تبقى من سلطة الدولة والنظام والقانون الضامن للاستقرار العام وعمود الاقتصاد.
ماذا ستقدم البندقية للبلد, غير أنها تنهي دور العقل والمهنية في الإدارة , وتأتي بادرة الولاء والانتماء للطائفة , وتبدأ عملية انهيار المؤسسات , ومن ثم انهيار الاقتصاد العام للبلد , عنف يفرض واقعه , ويشق طريقه في تأسيس كياناته , للاستأثر بكل شيء ومنها الإيرادات , وبالتالي الاقتصاد , الذي يسير وفق مشتهى تلك القوى ما يسمى اقتصاد الحرب , الذي يخدم الحرب وقواه العفنة , التي تزدهر أحوالها وفي الوقت نفسه تجوع وتموت الناس مرضا.
لم يكن انهيار العملة , والتدهور الاقتصادي , وتدهور الوضع الإنساني في البلد ,والمعيشي والصحي والتعليمي والخدماتي مفاجئا , كانت المؤشرات كافيه لنعرف مالات هذا الانقلاب , وحرب طويلة المدى , تستنزف البلد ماديا وروحيا , عاما او عامين كان كافيا ليستنزف الاحتياط النقدي , وتتعطل مصادر الموارد , وتدمر البنية التحتية ,ونواجه اقتصاد حرب عبثية , تديرها عصابات وفساد.
الثورة التي يدعونها , وقواها العقائدية , التي تمثل جزءا من صراع إقليمي ودولي , وشعور دول الجوار بالتهديد والانفجار الطائفي والذي يغلي في نسيجها , كان سببا كافيا للتدخل , متدثرا باستعادة الشرعية , والنتيجة كانت واضحة , تفككت الدولة , وضعف دور المؤسسات , وتم السيطرة على موارد الثروة , وتعطيل الدخل القومي للبلد ,والعمل على خاصرة البلد الرخوة , لتوظيف منها ما يمكن توظيفه , لإعادة التموضع ورسم خارطة البلد سياسيا واقتصاديا , بأدوات سهلة الاستخدام , لإعادة ترتيب أوراق الشرعية بما يخدم الأجندة, مما يجعل من البلد في حالة إنهاك سياسي واقتصادي ,وأسير ومتوسل للتحالف .
المتابع الجيد للأحداث , سيعرف حجم المؤامرة , البلد ينهار يوما بعد يوم , مع انهيار العملة المحلية , انهيار ودولة تفتقد لدعم حقيقي في إصلاح منظومتها السياسية ,ليصلح اقتصادها , كل الأدوات المستخدمة تعيش في واضع عالي المستوى ,رواتبهم بالعملة الصعبة , ولا تتأثر بهبوط سعر الريال اليمني , والمواطن المسكين هو الضحية, راتبه لا يفي بمتطلبات الحياة البسيطة , وبعضهم دون رواتب , او رواتب منقطعة لأشهر , مع ارتفاع جنوني للأسعار , حتى المنتجات المحلية , كثيرا من الأراضي الزراعية بحكم الحرب صارت بور ,وأكثر هي السواحل الممنوع الاصطياد فيها , ومعظم ما ينتجه المزارعون والصيادون تأخذه شركات احتكارية من دول التحالف , مما أضعف السوق المحلية , وارتفاع جنوني لأسعار الخضراوات والأسماك واللحوم ,ومع ازدياد الإتاوات للنقاط العسكرية في الطرقات , يزداد سعر المواد , ومع سيطرة تلك النقاط تحتكر بعض السلع , وتباع بسعر مزاج محتكريها.
ومع تداول العملات الأجنبية في البيع والشراء دون ضبط , صار الريال اليمني لا قيمة له في كثير من مدن اليمن , اليوم تثمن البضائع والسيارات والآلات وغيرها من السلع بالريال السعودي أو الدولار , والريال اليمني ضحية كل ذلك ,والمواطن الذي يستلم راتبه بحفنة من تلك الريالات الضحية الأكبر لا تفي بمتطلبات واحتياجات أسرته
ما تقدمة السعودية من منح مالية للبنك المركزي , يصب في ذات فرض واقع تسول اليمن للسعودية , كان الأجدر بها أن تساعد البلد في استثمار موارده , وإعادة إنتاج النفط والغاز , ومساعدة استعادة الدولة لمكانتها , النظام والقانون , ليستقيم البلد معتمدا على ذاته قوي معافاة لا متسولا و مهان.