لماذا توقفت حملات تشويه تجار الخردة؟!
ماجد الداعري
■ بعد صدور حكم قضائي نافذ لصالح تجار الخردة، قضى بحفظ حقوقهم وحصولهم على 75% من قيمة الطن الخردة عال...
«الاقتصاد العالمي يواجه أسوأ فترة نمو منذ ثلاثة عقود»
كريستالينا جورجييفا، مدير عام صندوق النقد الدولي
لا تزال الجهات الدولية المعنية بأمر الاقتصاد العالمي متوجسة على صعيد النمو، على الرغم من أن هذا الاقتصاد سيتوسع بالفعل في الأعوام الخمسة المقبلة، لكن دون مستوى توسعه قبل عقدين من الزمن. أي أن النمو سيكون موجودا على الساحة، لكن بمعدلات أقل مما يحتاج إليه العالم أجمع، خصوصا في ظل المصاعب التي يمر بها والمرتبطة مباشرة بالموجة التضخمية الهائلة وتبعاتها وتداعياتها، فضلا عما يمكن وصفه بـ"التوتر التجاري" الدولي الذي لم يتراجع منذ منتصف العقد الماضي، بل تفاقم في بعض الفترات، ما صنع معارك تجارية مخيفة. المشهد ليس حزينا في ساحة الاقتصاد العالمي، لكنه ليس مبشرا بما يكفي للمضي قدما نحو آفاق النمو المحكم، الذي يمكن البناء عليه لمزيد من المكاسب خلال العقد الحالي على الأقل.
الخبر الجيد، أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيتوسع 3 في المائة في الأعوام الخمسة المقبلة، لكنه سيبقى أقل من 3.8 في المائة النسبة التي تم تسجيلها في العقدين الماضيين. في حين يؤكد صندوق النقد الدولي أن هذا الناتج هو الأدنى منذ أكثر من 30 عاما. هذه المؤشرات تأتي في ظل انطلاق اجتماعات الربيع المعتادة لصندوق النقد، هذا الأسبوع، حيث من المتوقع أن تخرج بسلسلة من الاستنتاجات غير المرغوبة لكنها واقعية تماما. وهذا ليس غريبا، إذا ما أخذنا في الحسبان، أن الأوضاع الاقتصادية العالمية عموما تحتاج حتى نهاية العقد الحالي، لكي تتسم بالاستقرار المستدام، وتبعد عن المتغيرات المتلاحقة التي أرهقت الحكومات والأفراد في آن معا حول العالم.
محركات النمو ستبقى متواضعة في وتيرتها، حتى الصين التي تعد المحرك الأول له منذ أكثر من عقدين، لن تحقق مستهدفاتها في النمو، فضلا عن وضعية هذا الأخير في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرها من الدول التي تتمتع باقتصادات محورية في الحراك العالمي ككل. والأخطار المالية الراهنة تضيف مزيدا من التعقيد للمشهد العام، بما فيها زيادة أعباء الديون في الدول الفقيرة وتلك التي توصف بالأشد فقرا. وهذه النقطة على وجه الخصوص تمثل قلقا دائما لا يتراجع لدى الجهات الاقتصادية الدولية، بما في ذلك صندوق النقد، الذي أطلق نداء أخيرا للدول الدائنة بـ"مد يد العون لهذه الدول". فالارتفاعات المتواصلة للفائدة أضافت مزيدا من الضغوط على ديون الدول النامية بصورة عامة، خصوصا أن غالبيتها مقومة بالدولار الأمريكي، الذي وصل إلى مستويات قياسية.
المشكلة هنا تبقى كامنة في أنه لا غنى عن رفع الفائدة للسيطرة على التضخم، في تعاط تقليدي معروف في التعامل مع زيادة أسعار المستهلك. ومعنى ذلك، أن النمو المأمول لن يتحقق في الأعوام القليلة المقبلة على الأقل. خصوصا إذا ما أخذنا في الحسبان أن مسببات التضخم لا تزال موجودة، والصراعات الجيوسياسية تواصل ترك آثارها السلبية في الساحة كلها، بما فيها الحرب الدائرة في أوكرانيا وهي الأخطر على الإطلاق منذ الحرب العالمية الثانية. دون أن ننسى بالطبع التبعات الناتجة عن جائحة كورونا، ولا تزال تؤثر بصورة مختلفة في الأداء الاقتصادي هنا وهناك. فهذه التبعات، ستظل ضاغطة على الموازنات العامة لفترة طويلة، بل برزت مشكلات اقتصادية واجتماعية جمة على الصعيد العالمي فور انتهاء العمل ببرامج الدعم الحكومية المؤازرة لمواجهة هذه الجائحة؟ في حين أن المخاطر على الاستقرار المالي مستمرة، وتتخذ مسار الصعود، ما يضيف مزيدا من الغيوم.
لا توجد جهة تتوقع نموا للاقتصاد العالمي في ظل هذه المعطيات لهذا العام أكثر من 2.7 في المائة. حتى هذه النسبة معرضة للتعديل نحو الأسفل، إذا ما سارت الأمور بشكل سلبي أكثر. ويبدو واضحا، أن الدول التي "يعول" عليها في النمو العالمي المرتفع، لن تتمكن لأعوام من العودة إلى مستويات ما قبل أزمة كورونا والحرب في أوكرانيا. فهي تشهد نموا منخفضا هو الأدنى بالفعل منذ مطلع الألفية الحالية، فيما لو استثنينا فترة الأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت في 2008. والنمو الذي وصل إلى 6 في المائة في 2021، لم يكن ضمن النطاق المستدام، لأنه يأتي بعد انكماش رهيب بسبب الجائحة المشار إليها. أي أنه كان ارتفاعا عاديا، على الرغم من مستواه العالي. وعلى هذا الأساس، سيواصل الاقتصاد العالمي النمو، لكنه ليس بالوتيرة التي يحتاج إليها العالم، كما أن فترة العودة إلى مستويات نمو معقولة تبقى طويلة. ومهما كانت التوقعات إيجابية أم سلبية، لن يحرك هذا النمو إلا العودة إلى التيسير النقدي المنضبط وليس الفالت الذي أدى إلى سلسلة من الاضطرابات المصرفية في مراحل سابقة، بما فيها انهيار بنوك صغيرة ومتوسطة في الولايات المتحدة، إضافة إلى بنك"مريدي سويس" الضخم. العملية ليست معقدة كما يبدو، لكنها تتطلب علاجا متأنيا، وبيئة عالمية بعيدة عن المؤثرات السلبية الخطيرة، مثل الحروب التجارية والصراعات الجيوسياسية، وتوجهات الحمائية الضيقة.
●المصدر: عن موقع صحيفة الإقتصادية السعودية●