مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
■ اثار الفيلم الهندي الجديد (حياة الماعز )ضجة كبيرة بين الاوساط السينمائية العالمية والعربية لما يطرحه من قصة صادمة لكل من يفكر في النزوح الى الشرق الاوسط ودول الخليج بالذات وطريقة تعامل شعبها(الذين يتعرقون عطراً حسب تصور الهنود) مع المغتربين والعاملين عندهم…تاخر كفيل الشابين
الهنديين(نجيب)(حكيم) قليلا وعندما وجدهما عاملهما بمنتهى القسوة واخذهما الى مزرعته التي تقع في وسط صحراء جافة قاحلة اخذهما الى هناك قاطعاً مسافة طويلة جداً ليُنزل احدهما(حكيم) لصاحبه ويستمر بالاخر(نجيب) الى مزرعة الاغنام التي يملكها.. يصل الى هناك ويجبر (نجيب) ان ينزل بشكل فض جلف لا يمت لا للدين ولا للعرف ولا للعروبة بأي صلة…ورغم توسلات المغترب الهندي المسلم وبكائه وشرحه للكفيل السعودي ان هناك خطأ ما وانه جاء للعمل في المدينة في شركة الا ان الكفيل يمعن ويزيد في القسوة حتى يصل الى انه يمزق جوازه واوراقه ويمنعه من شرف الماء او تنضيف نفسه بعد قضاء حاجته…لا تمر دقيقة واحدة دون ان تكره الكفيل وتتمنى لو ان احداً ياتي لانقاذ نجيب الهندي الذي ترك زوجته حاملاً وامه العجوز وبيته الصغير في الهند ليجمع ما يستطيع فيحسن من حياته وحياتهم…يستمر الكفيل بالقسوة فتخور قوى (نجيب) رويداً رويدا ويُخيل لنا انه استسلم لقدره المحتوم مثلما فعلها قبله الهندي السابق حتى مات ولم يحضى بقبر مثل البشر بل اصبحت جثته نهشاً للنسور الجائعة.. ويتحول نجيب الهندي من شاب وسيم مفعم بالحيوية والنشاط ممتلئ الجسم الى بقايا انسان بَكّاء هزيل بشع متردد لا حلاقة ولا غسل ولا ملابس نضيفة…يتقاسم خبزه وشرابه مع الاغنام على الرغم من محاولات الهروب التي غالباً ما تفشل فيعاقبة الكفيل بالضرب والتنكيل والسباب والحرمان من الاكل..حتى التقى من جديد مع (حكيم)صديقة القديم وحاله لا يختلف عن حال (نجيب) وهذا يعني ان الكفيلين الاثنين هم نفس القسوة والجلف…فيقرر الاثنان التكاتف والهروب بمساعدة شخص افريقي يعرف طرق الصحراء وذلك في ليلة زفاف ابنة كفيل ( نجيب ) وهكذا يكون ولا ادري لماذ لم يتزودا ثلاثتهم بما يكفي ولو لنصف الطريق او حتى ربعة بالماء والزاد والملابس والجِمال الموجودة بين ايديهم…خصوصاً وان الجميع لاهي في الزفاف وهي فرصة لا تتكرر ابداً..خرجوا جميعاً يشدون قوى بعضهم بعض ولكنها الصحراء الوحش الكاسر الذي لا يقهر فكان صراعاً مميتاً مع العواصف والشمس والافاعي الرملية صراع اكل منهم الصديق (حكيم ) بمشهد موت لم ارى مثل عظمته بأي فيلم من قبل كان مشهداً يستحق كل انواع الجوائز في الدنيا وبتصوير منقطع الشبيه. المصور والمخرج متمكنين من الكاميرا جداً فكانت الصورة تتكلم فعلاً كصورة الصحراء الحارة جداً بل انها احرقت وجهي من صدقها..تعبوا جاعوا عطشىوا ولكنهم استمروا بعد ان اصبحوا اثنان افريقي وهندي ترك (نجيب )صديقه (حكيم )ومن ثم الافريقي (ابراهيم) واستمر هو يحركه حبه للخلاص وبقايا قوة ارادة حتى يصل الى الاسفلت ومرور السيارات المستمر ذهاباً واياباً…فيحاول نجيب ان يوقف سيارة تقله لأي مكان فيه امان لم يفلح ولم يقف له احد بل كانوا يسبوه ويبعدوه عن طريقهم…ترى هل ان كل الشعب السعودي هكذا يتعاملون…غريباً جداً ان نرى عرباً بكل هذه القسوة والعنصرية…لم يقطع الامل هو واستمر بطلب المساعدة حتى توقفت سياره فارهة نضيفة اقلته بمساعدة صاحب السيارة وكان حنوناً واعطى نجيب الماء واقله الى المدينة وكانت الصدمه انه رماه في الشارع وذهب فلا مستشفى ولا مركز شرطة ولا حتى دار مسنين ولا اي شي…بل يرميه بالشارع ويغادر فيتلقفه الشارع وشبابه السعوديين الذين لا يتحملون حتى منظرة فيسبوه ويلعنوه ويبعدوه عن انفسهم ثم يصل الى مركز الشرط الذين يكونون اجلف من الشعب الذي شاهدناه بالوقت السابق..فكلامهم صراخ وسباب وشتم ودفع وهم يستقبلون المغتربين الهاربين من كفلائهم او الذين اضاعوا طرقهم او اوراقهم وهذه مشكلة اخرى هذا يعني اذا كان المغترب هارباً من الكفيل لسوء المعاملة.. المركز يعيده الى الكفيل والى سوء المعاملة وبهذا اصبحت الحكومة على علم بما يحدث للمغتربين بل وتساعد الكفيل ان يمعن بسوء المعاملة دون رادع من حكومة او قانون… وهذا ماحصل فعلا لبعضهم حيث يصطفون خطين فيمر الكفيل الذي فقد مكفوله بين الخطين ليتعرف على المكفول ويعيده اليه…وهنا ارتعب (نجيب) عندما شاهد الكفيل الجلف وهو يبحث عنه ووجده واقترب الكفيل من نجيب وهمس باذنه:-
كيف تهرب مني والله لو اني كفيلك لاخذتك واوريك العذاب
عندها فقط عرف نجيب ان هذا القاسي ليس كفيله الحقيقي بل انه سرقه بالحيلة من المطار…فتمت تسويه اوراق نجيب وتسفيره الى الهند بلده الجميلة العزيزة الكريمة….
الفيلم عبارة عن مآسي متلاحقة فلا ابتسامة وراحة للمشاعر طول مدة الفيلم التي تعدت الساعتين ونصف..
كان مطولاً وبعض مشاهده الجميلة مكرره ومملة حتى ففقدنا استمتاعنا بجمالها..
الحزن والكآبة طاغيةً على الاحداث وجميع الشخصيات السعودية كلها جلفة وجافة وقاسية وعنصرية ومكروهة وجاهلة ولا رحمة فيها
وجميع الشخصيات المغتربة مغلوب على امرها ومحترمة وواعية متراحمة فيما بينها…
بعض مشاهد الكرافيك والكمبيوتر كانت غير جيدة بل ربما سيئة (مشهد الجمال بداية الفيلم ومشهد النسور وهي تعارك نجيب) بالمقارنة بروعة الاخراج الذي شاهدناه في اغلب مشاهد الفيلم وتصويره..
اضهر الفيلم قسوة الصحراء ولون رمالها الاصفر الباهت بينما ضهرت لنا خضرة ارض الهند وخيرها الماطر
اضهر لنا الفيلم ضعف الفقير وطيبة قلبه وقسوة وجبروت الغني…
كانت الموسيقى غير موفقة في اغلب المشاهد وكأنها موسيقى افلام كارتون …وجيدة في مشاهد اخرى…يخيل اليّ ان المخرج قد تعب كثيراً فاهمل جوانب اخرى بالفيلم مثل اسم الفيلم فالكفيل كان يمتلك مزرعة غنم وجمال وليس ماعز فكان الاولى ان يسمي الفيلم (حياة الاغنام) وليس (حياة الماعز).
كذلك ضهور مؤخرة بطل الفيلم بلا اي سبب منطقي او درامي لا يرفع من قيمة الفيلم الهوليودية ولا حتى المشهد الرومانسي الطويل بين البطل وحبيبته…يضيف للفيلم قيمة إن لم ينقص من مشاهداته العائلية..
وعدا ذلك الفيلم جميل ويشد المشاهد بمشاهد اكثر من رائعة وحوار رقيق وحوار آخر عميق…
اما التمثيل فقد كانا (نجيب) و(حكيم) ممثلين بارعين من طراز رفيع جداً فشاهدناهما وسيمين مفعمين بالصحة بداية الفيلم بينما كانا هياكل عظمية بشعين في نهايته وانا متاكد من انهما اجتهدا وفقدا وزنيهما عن عمد ليضهرا بهذا الشكل المثير والمقزز…احببت تمثيل (حكيم) الصديق اكثر من (نجيب) البطل خصوصاً مشهد موته في الصحراء كان مشهداً عظيماً فعلا فالموت جاء على مراحل تتخللها رغبة جبارة بالحياة والتمسك بها…ومشهد تولي الرمال مسؤولية دفن حكيم كان مبهر…
الفيلم عموماً يستحق المشاهدة عائلياً لولا المشهد الرومانسي بين نجيب وزوجته ومشهد تعري نجيب من اجل الإستحمام.
▪︎كتبه المستشار/ عمر سيف قائد ▪︎