لماذا تظل الشوكولاتة غالية على الرغم من تراجع أسعار الكاكاو؟

التنمية برس ■ عن/ الجزيرة اقتصاد :

▪︎بعد الارتفاع التاريخي الذي شهدته أسعار الكاكاو العام الماضي، تتجه الآن نحو انخفاض سنوي قياسي، لكن لا يبدو أن أسعار الشوكولاتة أو الحلوى ستلحق بها قريبا، وفق تقرير نشرته صحيفة بلومبيرغ.

لماذا لا يشعر المستهلك بانخفاض أسعار الشوكولاتة؟

وتضاعفت أسعار العقود الآجلة للكاكاو 3 مرات تقريبا العام الماضي، ما ألحق ضررا كبيرا بالمصنعين، الذين رفعوا أسعار الشوكولاتة، ولا يزالون يستهلكون كميات كبيرة من حبوب الكاكاو التي اشتروها في ذروة الارتفاع، كما أجروا تغييرات على وصفاتهم يصعب التراجع عنها.

ويتوقع المنتجون والمحللون أن يبدأ الكاكاو الأرخص بالوصول إلى رفوف المتاجر الكبرى في النصف الثاني من العام المقبل، وحتى هذا الأمر غير مؤكد، ما يعني أن الأسر التي تعاني أصلا من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، من اللحوم إلى القهوة، ستضطر إلى التفكير مليا فيما إذا كانت الشوكولاتة لا تزال في متناول الجميع.

ونقلت بلومبيرغ عن جوناثان باركمان، رئيس قسم المبيعات الزراعية في شركة الوساطة السلعية "ماركس غروب" في لندن، قوله: "الأسعار التي تعمل بها صناعة الشوكولاتة حاليا مرتفعة للغاية ومؤلمة. سيستغرق الأمر وقتا طويلا للتعافي من هذا الوضع".

صدمة محاصيل الكاكاو في أفريقيا

ارتفع سعر الكاكاو إلى مستوى قياسي بلغ قرابة 13 ألف دولار للطن العام الماضي، نتيجةً لتضرر المحاصيل في ساحل العاج وغانا، اللتين تُنتجان أكثر من نصف إنتاج الكاكاو العالمي، بسبب الآفات والظروف الجوية القاسية، لكن الأسعار تراجعت بنحو 50% هذا العام، متجهةً نحو أكبر انخفاض سنوي منذ بدء تسجيل البيانات عام 1960، مع تحسن توقعات الحصاد، وانخفاض الطلب، وتلاشي بعض المخاوف من نقص دائم.

 

التأثير على صناعة الكاكاو

ترك هذا الارتفاع أثرا بالغا على صناعة الكاكاو، وسارع الجميع، من شركات الأغذية المعلبة إلى صانعي الشوكولاتة الحرفيين الصغار في أوروبا والولايات المتحدة، إلى تأمين كميات كافية من الكاكاو وموازنة التكاليف مع الأرباح، ووجد البعض أنفسهم يكافحون من أجل البقاء.

 

وحسب بلومبيرغ، فإن هذه الشركات لن تسرع في خفض أسعار التجزئة، في حين يحاول المنتجون الآن تعويض بعض هذه الإيرادات المفقودة وهوامش الربح.

وتتجنب بعض أكبر شركات صناعة الشوكولاتة الإشارة إلى أي تغييرات، مُعللة ذلك بتقلبات سوق الكاكاو، وقالت شركة نستله إنه على الرغم من أن التقلبات الأخيرة في الأسعار مُشجعة، فإنه لا يزال من السابق لأوانه التعليق على تغييرات مُحددة.

وتوقعت شركة هيرشي أن يبدأ بعض تراجع الأسعار في "أواخر عام 2026″، حسبما صرّح المدير المالي ستيف فوسكويل خلال مناقشة الأرباح في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وحسب بلومبيرغ فإن لديهم "أسباب وجيهة للحذر"، فبينما انخفضت أسعار العقود الآجلة للكاكاو إلى ما دون 5 آلاف دولار للطن في نوفمبر/تشرين الثاني، فإنها تحوم الآن حول مستوى 6000 دولار في نيويورك، حيث يُقيّم المتداولون انخفاض التوقعات بفائض كبير هذا الموسم، وقد خفّض محللون من رابوبنك وسيتي غروب تقديراتهم في الأسابيع الأخيرة.

 

ولا يزال إمداد غرب أفريقيا غير مستقر، ويعاني صغار المزارعين في المنطقة من نقص مزمن في التمويل، إذ يفتقرون إلى الأسمدة والشتلات المقاومة للآفات والأدوات اللازمة لمواجهة تغير المناخ.

وقال بيتر فيلد الرئيس التنفيذي لشركة باري كاليبو إيه جي الشهر الماضي: "لم تُحل التحديات الهيكلية طويلة الأجل بعد، إذ تواجه زراعة الكاكاو في غرب أفريقيا فجوة استثمارية مزمنة. لقد ظل سعر الشوكولاتة منخفضا للغاية لفترة طويلة جدا".

وتسعى أكبر شركة مصنعة للشوكولاتة السائبة في العالم إلى تنمية قسم بدائل الكاكاو، مع استكشاف الابتكارات كوسيلة لحماية أعمالها من تقلبات أسعار الكاكاو المستمرة، كما تدرس الشركة فصل وحدة طحن الكاكاو عن باقي أعمالها.

تغيير الوصفات وتقليص الأحجام

 

وفي مختلف أنحاء العالم، وجد المنتجون طرقا للتعامل مع هذه التقلبات من خلال تعديل الوصفات لتقليل محتوى الكاكاو، أو تقليل أحجام الحصص.

في ألمانيا، أصبحت ألواح شوكولاتة ميلكا أخف بنسبة 10%، على الرغم من رفع شركة مونديليز إنترناشونال، الشركة المصنعة لها، أسعارها بنحو الربع، وفقا لبحث أجراه مركز هامبورغ لنصائح المستهلك.

أما في المملكة المتحدة، فلم يعد بالإمكان تسمية ألواح الشوكولاتة الكلاسيكية -مثل توفي كريسب من نستله وبينغوينز من ماكفيتيز- بـ"الشوكولاتة" بعد أن قللت الشركات المصنعة من زبدة الكاكاو لصالح الزيوت النباتية الأرخص.

المصدر: بلومبيرغ