التنمية برس:خاص
واصل النفط الخام مكاسبه القوية في ختام تعاملات الأسبوع المنصرم حيث ارتفع الخام الأمريكي لأعلى مستوى منذ الخامس من تموز (يوليو)، مسجلا مكاسب بنحو 9 في المائة للأسبوع الثاني على التوالي وأكبر مكسب أسبوعي منذ مطلع آذار (مارس)، بينما أغلقت العقود الآجلة لبرنت قرب أعلى مستوى في شهرين مسجلة مكاسب بنحو 8 في المائة في الأسبوع الماضي. يأتي هذا فيما يتطلع المستثمرون إلى تحرك المنتجين من داخل منظمة الدول المصدرة للبترول"أوبك" وخارجها وخاصة روسيا بعد تصريحات مشجعة خلال الأسبوع الماضي صدرت من بعض مسؤولي الطاقة في الدول المنتجة للنفط. وتعقد "أوبك" اجتماعا غير رسمي في الجزائر الشهر المقبل مع المنتجين من خارجها، وتعليقا على تلك الاجتماعات قال بنك مورجان ستانلي في مذكرة: "نرى أن العوامل الأساسية التي شهدت تحسنا ليست سببا أساسيا لارتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة"، مضيفا أن الطلب على النفط الخام هزيل، والطلب على البنزين تباطأ، كما أن واردات الصين النفطية من المرجح أن تتباطأ في النصف الثاني من 2016، والإنتاج يبدو مهيأ للارتفاع في عدد من الدول المنتجة للنفط.
من جهة أخرى، قال إتينيه نوجوبو وزير النفط والهيدروكربونات في الجابون – العائدة أخيرا لعضوية منظمة "أوبك" – إنه على قناعة تامة بأن "أوبك" ستصبح أقوى في المستقبل خاصة مع اتساع العضوية وعودة دول سابقة العضوية مرة أخرى إليها مشيرا إلى أن الدول الأعضاء ستعمل معا لتطوير السياسات بشكل جيد ومؤثر على الصعيد العالمي وستبذل معا قصارى جهدها للدفاع عن صناعة النفط والارتقاء بها على مستوى العالم.
وأشار نوجوبو – في تصريحات للنشرة التحليلية الدورية للمنظمة – إلى أننا بحاجة إلى الدفاع عن موقفنا بكل قوة كما أننا بحاجة إلى أن نكون معا بشكل أقوى وأن نتابع ونقيم ونطور السياسات العالمية المتعلقة بصناعة النفط.
وأضاف نوجوبو أن متغيرات جوهرية حدثت في وضع الطاقة في العالم وكثير من دول العالم حاليا تتبنى رؤية جديدة متعلقة بالطاقة تركز فيها على زيادة المخاوف من موارد الطاقة التقليدية وهو ما جعل بعض الدول المنتجة للنفط في وضع غير جيد خاصة مع تنامي الاعتقاد غير الموضوعي بأن النفط هو المؤثر الرئيسي في البيئة، وهذه الرؤية الخاطئة تتطلب من دول "أوبك" العمل جديا على إثبات مدى أهمية مساهمة النفط في أسواق الطاقة العالمية. وفيما يتعلق بدور الجابون المتوقع بعد العودة لـ "أوبك"، قال نوجوبو إننا نتطلع إلى مساهمة جيدة ومؤثرة في المنظمة ونحن نحرص على تقديم خبراتنا في صناعة النفط لكل الدول الأعضاء في "أوبك" ونأمل في مساعدة المنظمة على تحقيق أفضل إدارة لبيئة النفط إلى جانب تقديم أى جهد ممكن يسهم في تحقيق الاستقرار لأسعار النفط الخام.
وأوضح نوجوبو أن الجابون التحقت بمنظمة أوبك عام 1975 واستمرت العضوية عشرين عاما قبل أن يتم تعليقها لأسباب خاصة ببلاده، فقد كانت هناك توقعات بتقلصات حادة في إنتاج البلاد من النفط الخام ولكن الصورة تبدلت اليوم بعدما استقر الإنتاج ونحن سعداء جدا بالعودة إلى "أوبك" مرة أخرى للمساهمة جنبا إلى جنب مع بقية الأعضاء في جميع الأنشطة التي تعزز نمو وارتقاء الصناعة. في سياق آخر، بدأت منظمة الدول المصدرة للبترول"أوبك" محادثات مهمة ستمتد إلى لقاءات متعددة مع دول المغرب لبحث آلية ودور المنظمة في المشاركة في الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ والمقرر عقدها في مراكش في الفترة ما بين يومي 7 و18 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل 2016 ويأتي هذا الحدث الرئيسي بعد الاعتماد التاريخي للاتفاق العالمي الأول بشأن المناخ في باريس. وتشير التوقعات إلى أن مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ، المقرر عقده في مراكش سيواصل ما بدأه مؤتمر باريس حيث تم إحراز تقدم كبير في التوافق الدولي حول آليات مواجهة تغير المناخ وسيكون المؤتمر المقبل فرصة لترجمة عديد من المحاور المتفق عليها في اتفاق باريس إلى أرض الواقع ومن بينها التكيف مع الوضع، والشفافية، ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات والحد من الخسائر والأضرار. وفي هذا الإطار، أكد محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول"أوبك" أن الاجتماعات الدولية التي تناقش قضية تغير المناخ تشكل أولوية كبيرة بالنسبة للمنظمة منذ انضمامها للمفاوضات الدولية في هذا الشأن عقب إنشاء لجنة التفاوض الحكومية الدولية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1991.
وقال باركيندو – عقب لقائه مع علي المحمدي السفير المغربي في فيينا وممثلها أمام المنظمات الدولية - إن هذه اللجنة التي تفاوضت حول اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تم اعتمادها خلال قمة الأرض في ريو عام 1992 ودخلت المعاهدة حيز التنفيذ في آذار (مارس) 1994 وقدمت إلى المؤتمر الأول لاجتماع أطراف المعاهدة في برلين، في عام 1995.
وأضاف باركيندو أن المفاوضات الناجحة قادت إلى بروتوكول كيوتو في اليابان في كانون الأول (ديسمبر) 1997 ودخلت حيز التنفيذ في شباط (فبراير) 2005، لافتا إلى أن كل الإنجازات التي تحققت في قضية مكافحة تغير المناخ كانت في الأساس ناتجة عن المشاركة الفعالة والبناءة لجميع الدول النامية وعلى الأخص الدول الأعضاء في "أوبك".
وأشار باركيندو إلى أنه عمل نائبا للرئيس في المفاوضات الأولية في برلين حيث عمل جنبا إلى جنب مع أنجيلا ميركل عالمة الأبحاث السابقة التي تتولى حاليا منصب المستشارة الألمانية، منوها إلى تقديره وسعادته البالغة بالتوصل إلى اتفاق باريس العام الماضي الذي ينظر إليه باعتباره إنجازا تاريخيا كبيرا في قضية تغير المناخ.
وتمنى باركيندو التوفيق للمغرب خلال استضافتها المؤتمر المقبل لتغير المناخ "مؤتمر الأطراف رقم 22" مشيرا إلى أنه يعتز كثيرا بالمغرب ليس فقط لكونها دولة إفريقية ولكنها تعتبر أيضا بمثابة نموذج متميز للدول النامية التي شاركت عن كثب في صياغة اتفاقية مكافحة التغير المناخي وكذلك معاهدة كيوتو في اليابان، مضيفا أن ظروف المغرب مشابهة لمعظم دول "أوبك"، فقد نجحت المغرب في أن تكون لها بصمات واسعة في التنمية والانخراط في العمل الدولي لتحقيق إنجازات مهمة لحماية البيئة وتعزيز النمو.
ودعا باركيندو المسؤولين المغاربة عن مؤتمر التغير المناخي المقبل في مراكش لحضور الاجتماع التنسيقي لمنظمة "أوبك" في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، قبل عقد مؤتمر الأطراف مضيفا أن المشاركة المغربية في الاجتماع من شأنها أن تثري النقاش حيث يحضر الاجتماع المفاوضون في مؤتمر الأطراف من الدول الأعضاء في "أوبك" الذين يمكن أن يستفيدوا من وجهات نظر مسؤولين يمثلون الرئاسة المغربية للمؤتمر.
وأكد باركيندو أن "أوبك" سبق أن شاركت بنشاط في جميع اجتماعات ومؤتمرات تغير المناخ كما شارك الأمين العام السابق بانتظام في الجزء رفيع المستوى من المناقشات التي عقدت في نهاية كل مؤتمر مشيرا إلى أن المنظمة عازمة على مواصلة تلك الجهود في مراكش.
وبحسب باركيندو فإن المشاركة الدولية في اجتماعات التغير المناخي في المغرب قد تتجاوز 200 دولة وهو ما يمثل مسؤولية كبيرة على المغرب، لكنه يثق بقدرة المغرب بتاريخها الطويل على إنجاح المؤتمر خاصة أنه يعقد في مدينة مراكش التي تتمتع بخبرة طويلة في استضافة الاجتماعات الدولية رفيعة المستوى ما يجعلها المكان المثالي لعقد تلك المحادثات المهمة.
وذكر باركيندو أن جميع وفود دول "أوبك" ستكون داعمة لجهود الرئاسة المغربية للمفاوضات الدولية حول التغير المناخي في الدورة 22، مشيرا إلى أن الرئاسة المغربية للمؤتمر تعمل بشكل وثيق وبتنسيق تام مع الرئاسة الفرنسية للمؤتمر السابق في 2015، من أجل الحفاظ على نفس المعايير العالية للمؤتمر التي وضعتها الإدارة الفرنسية.
من جانبه، قال السفير علي المحمدي سفير المغرب في فيينا إن بلاده وقبل عقد المؤتمر تهتم كثيرا بالتعرف على وجهات نظر وتوقعات منظمة "أوبك" والدول الأعضاء فيها لمناقشات ونتائج المؤتمر، ولذا فإن بلاده تتطلع إلى الحفاظ على علاقات وثيقة جدا مع "أوبك" لتتمكن من الحصول على فهم أفضل لما تطلبه المنظمة، مشيرا إلى أن هناك سلسلة من الاجتماعات القادمة ستعقد حول هذا الموضوع.
وأكد السفير المغربي أن استضافة المؤتمر الدولي الجديد لمكافحة التغير المناخي في مراكش في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل بمثابة حدث هائل وتاريخي بالنسبة لبلاده، وهناك توجيهات حكومية بضرورة إجراء اتصالات مكثفة مع منظمة "أوبك" نظرا لدورها المحوري في هذه المحادثات وتأثيرها المهم في المشاركة.
من جهة أخرى، وعلى صعيد أسعار النفط الخام، فقد ارتفعت أسعار الخام الأمريكي عند التسوية في ختام تعاملات الأسبوع المنصرم بينما استقر خام برنت، وسجل الخام الأمريكي أكبر مكسب أسبوعي له منذ آذار (مارس) بعدما قفز بنحو 25 في المائة خلال نحو أسبوعين في موجة صعود قال محللون إن العوامل الأساسية للسوق لا تبررها.
وارتفعت أسعار الخام بنحو 10 دولارات منذ مطلع الشهر الجاري بفعل تكهنات بأن السعودية وأعضاء آخرين من البارزين في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" سيتوصلون الشهر المقبل إلى اتفاق لتثبيت الإنتاج مع الدول غير الأعضاء في المنظمة بقيادة روسيا.
وبحسب "رويترز"، فقد ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 30 سنتا أو 0.62 في المائة عند التسوية إلى 48.52 دولار للبرميل بعدما لامس المستوى 48.75 دولار للبرميل أعلى مستوى له منذ الخامس من تموز (يوليو)، وارتفع خلال الأسبوع بأكمله 9 في المائة مسجلا مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي وأكبر مكسب أسبوعي منذ مطلع آذار (مارس). وأغلقت العقود الآجلة لبرنت منخفضة سنتا واحدا إلى 50.88 دولار للبرميل بعدما قفزت لأعلى مستوى في شهرين عند 51.22 دولار للبرميل، وصعد برنت 8 في المائة خلال الأسبوع مسجلا مكاسب للأسبوع الثالث على التوالي.
إلى ذلك، أضافت شركات إنتاج النفط الأمريكية منصات حفر جديدة للأسبوع الثامن على التوالي، في أطول موجة زيادة في عدد منصات الحفر في أكثر من عامين، مع انتعاش أسعار النفط واتجاهها إلى مستوى 50 دولارا للبرميل، الأمر الذي يجعل العودة إلى الإنتاج ذات جدوى.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، إن المنتجين أضافوا عشر منصات حفر نفطية في الأسبوع المنتهي في 19 آب (أغسطس)، ليصل العدد الإجمالي للحفارات إلى 406 حفارات عاملة مقارنة بـ 674 قبل عام. وارتفع عدد منصات الحفر بواقع 76 منذ الأسبوع الذي انتهى في الأول من تموز (يوليو)، في أطول موجة زيادة أسبوعية منذ نيسان (أبريل) 2014 بعدما لامست أسعار الخام الأمريكي مستوى 50 دولارا للبرميل، وتواصل شركات الطاقة الأمريكية إضافة حفارات جديدة على الرغم من هبوط الأسعار دون مستوى 40 دولارا للبرميل هذا الشهر، لكن محللين عدلوا توقعات نمو عدد الحفارات بالخفض.