الدنمارك: جدال داخلي حول المهاجرين يصل صداه للأمم المتحدة

التنمية برس/ العربي الجديد/ ناصر السهلي:

كشف النقاب في كوبنهاغن، صباح اليوم السبت، عن الرسالة التي وجّهها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى الحكومة الدنماركية يعرب فيها عن عدم رضاه على سياسة تشديد القوانين الدنماركية في مسائل اللجوء والمهاجرين.

ووفقاً لما ينقل التلفزيون الدنماركي، فإنّ بان "حاول من خلال اتصال هاتفي مباشر، وعبر رسالة خطية، "تحذير رئيس الحكومة لارس لوكا راسموسن  حول مخاطر صرامة القوانين الدنماركية في هذا الشأن". وفي رسالته كتب بان إلى راسموسن:" نشعر بشكل خاص باحباط حين علمنا بإقدامكم على فرض قوانين وتدابير صارمة". وكان بان كي مون يشير إلى قانون عرف بـ"قانون الحلي"، حيث باشرت كوبنهاغن بمصادرة المقتنيات الثمينة لطالبي اللجوء، ما أثار موجة انتقادات محلية وخارجية على تلك الممارسات الدنماركية.

المتابعون المحليون يعتبرون اتصال بان براسمسون تعبيرا عن "قلق دولي حول التزام البلاد بمعايير حقوقية دولية في الشأن". وهو أمر يرونه مُضرّاً بسمعة ومكانة بلدهم.

 

ووفقاً لما يقول مدير الأبحاث في "معهد راؤول فالنبرغ لحقوق الإنسان"، توماس غاميلتوفت-هانسن، فإنّ التشديدات المتزايدة فيما يتعلق بالمهاجرين واللاجئين" بدأ صداها يصل أكثر إلى المنظومة الأممية". ومن النادر أن يتوجه أمين عام المنظمة الدولية إلى حكومات بعض الدول لتحذيرها مما يمكن أن يكون خرقا لحقوق الإنسان في سياساتها المتبعة بشأن مهاجريها.

ويرى المهتمون والسياسيون في كوبنهاغن أن التشديدات الأخيرة التي أدخلت ضمن مشروع "حزمة ثانية" في قوانين اللجوء والهجرة، وهي تمس حياة المقيمين والقادمين الجدد من خلال وصولها إلى 44 بندا مشددا، "يمكن  أن تثير عاصفة من الانتقادات الدولية لأنها تتجاوز تشديدات أية حكومة أخرى في أوروبا".

ولا يبدو أن القلق من تعديلات متشددة لحكومة يمين الوسط مقتصر فقط  على المنظمة الدولية ومنظمات حقوقية عالمية. ففي الصحافة الدنماركية، غير الشعبوية، توجه انتقادات لاذعة لهذه التشديدات في افتتاحيات واضحة العنوان من مثل "سقوط أخلاقي مريع"، كما جاء في افتتاحية بوليتيكن يوم الأربعاء الماضي تعقيبا على بنود تلك الحزمة. بينما ذهبت صحيفة "إنفارمسيون" إلى التحذير صراحة من أن "مثل هذه التشديدات التي تصيب المسلمين على الأغلب، سوف تدفع بكثير من الشباب منهم إلى التطرف، باعتبارها سياسة متشددة تمس المسلمين من مواطنيها".

 

وعلى رغم كل الانتقادات تبدو وزيرة الهجرة والدمج، إنغا ستويبرغ، ماضية وبقوة نحو تطبيق بعض بنود تلك التشديدات من الأول من أكتوبر/ تشرين الأول القادم. ولا تخفي ستويبرغ الهدف من هذه السياسة "لفرض صعوبة على استغلال دولة الرفاهية من قبل هؤلاء. ونسعى بذلك لإدماج أفضل لمن يرغبون البقاء في مجتمعنا".

من جهة ثانية، تثير مواقف "الاجتماعي الديمقراطي" (يسار وسط) المعارض من إبقاء الباب مواربا للموافقة على هذه التشديدات جدلا كبيرا في معسكر اليسار ويسار الوسط. ويذهب قادة من تلك الأحزاب لانتقاد موقف رئيسة "الديمقراطي" ميتا فريدركسن من هذه السياسات مهددين بأنها "لن تحصل على دعم تشكيل حكومة يسارية إذا لم تقم بإجراء تعديلات على هذه التشديدات"، وذلك ما أشار له رئيس حزب "الليبراليين الراديكالي" مورتن أوسترغوورد في لقاء يعرض مساء الغد الأحد على التلفزيون الدنماركي.

 

ويشير بعض أقطاب اليسار ويسار الوسط إلى أن "الاجتماعي الديمقراطي، وسط أزمة اليمين في تمرير إصلاحات اجتماعية تضر بالفقراء، لن يحصلوا على 90 صوتا في البرلمان لتشكيل حكومة جديدة في الانتخابات القادمة دون تقديم تعديلات جذرية تنسف ما يدخله اليمين على قوانين الهجرة واللجوء".

الكشف عن اتصال لبان كي مون في يناير/كانون الثاني للتعبير عن قلقه من "قانون الحلي"، ورسالته الأخيرة للدنمارك المتعلقة بحزمة التشديدات، لا يراه الباحث في مركز الدراسات الدولية الدنماركي، هانس مورتينزين"

سيؤثر كثيرا، فقد اتخذ قانون الحلي رغم كل الانتقادات. فسيقولون بأنه هناك سوء فهم للمقاصد ويستمرون في سياستهم".