أزمة العملة .... رؤية في طريق استعادة زمام المبادرة (2-2) الحلقة الأخيرة

صحيفة التنمية بلا حدود العدد 28 اصدار أغسطس 2018

كتب| أ.د محمد عمر باناجه* مفردات الرؤية / أولا :- حزمة الإجراءات الفورية .

1-  الإعلان رسمياً عن إعادة النظر بنظام سعر الصرف من التعويم الحر الى التعويم المدار أو أي نظام صرف مرن يراعي المعطيات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة ولا يغفل المعطيات السياسية وظروف الحرب . وذلك بهدف تهدئة السوق وخلق الطمأنينة لدى الأطراف المتعاملة بالنقد الأجنبي بيعاً وشراءً

2-  تحديد سعر صرف يعتمده البنك المركزي كسعر صرف تأشيري (رسمي) يستخدمه مؤشراً لأغراض السياسة النقدية ، ولأغراض التسعير الجمركي . يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التي طرأت في سعر الصرف في السوق ، مع عزل التأثيرات المضاربية التي حدثت لسعر الصرف . واقترح هنا أن لا يقل سعر الصرف التأشيري المحدد من قبل البنك المركزي عن 300 ريال / دولار وأن لا يزيد عن 350 ريال / دولار ، أحدهما أكثر واقعيه .

ويكون سعر الصرف التأشيري (الرسمي) خاضعاً للتعديل الدوري كلما تطلبت المتغيرات الاقتصادية ذلك وأن لا تزيد التقلبات حول السعر الرسمي عن 2.5% زيادة أو نقصان .

3-  تفعيل القانون رقم (19) لسنة 1995م وتعديلاته بقانون رقم (15) 1996م بشأن أعمال الصرافة ، واتخاذ الإجراءات العقابية القانونية تجاه شركات الصرافة المخلة بعملها بموجب القانون ، وإغلاق كافة محلات الصرافة التي أنشأت في عام 2015م وما تلاه ، وكذلك تلك التي كانت تمارس عملها قبل هذا التاريخ بدون ترخيص من قبل البنك المركزي اليمني . ولا يسمح لأي فرع شركة صرافة بممارسة أعمال الصرافة بدون ترخيص جديد أو مجدد من البنك المركزي اليمني-عدن-.

4-  تشديد الرقابة على المتعاملين بالشراء والبيع للنقد الأجنبي من غير ترخيص ، واتخاذ العقوبات الفورية بالمخلين.

5-  قيام البنك المركزي بانتداب موظف مختص من قبله إلى كل محل صرافة مرخص له . وذلك بغرض تجميع البيانات حول حركة البيع والشراء للنقد الأجنبي ، ورصد مسارب البيع بالجملة ولأي أغراض ، والتحقق من مصادر حصول شركات الصرافة وصغار الصرافين على السيولة النقدية ، هل هي من البنوك ، أم من المؤسسات العامة أو من مصادر أخرى . وذلك في سياق أدائه لوظيفته في مكافحة غسيل الأموال . واتخاذ الإجراءات العقابية للممتنعين عن ذلك ، في حدود ما ينص عليه قانون مكافحة غسيل الأموال .

 

6-  تقنين عملية خروج النقد الأجنبي الكاش إلى الخارج إلا بحسب الأغراض المسموح بها ، وتحديد السقف الأعلى للمبالغ التي يمكن إخراجها من البلاد.

7-  بُغية تخفيف الضغط على السوق المحلية في تلبية الطلب المتصاعد للدولار في ظل شحة المعروض منه ، يقوم البنك المركزي ولو مرحلياً بتغطية 50% من احتياجات قيمة الاستيراد للمواد الغذائية الرئيسية ( أرز قمح ) ، والمشتقات النفطية والأدوية الأساسية المستخدمة في علاج الأمراض الخطيرة .

8-    ضرورة أن يتبنى مجلس الوزراء في اجتماع له يكرس للوقوف أمام أزمة العملة اتخاذ القرارات الآتية :-

-    تقييد عمليات الاستيراد للسلع والخدمات وان تطلب الأمر العودة إلى نظام تراخيص الاستيراد ، ومنع استيراد السلع الكمالية التي تتسم بارتفاع كلفتها ، وتدني منفعتها ، وذلك لمدة مؤقتة تتراوح بين 2-3 سنوات.

-    إلزام المؤسسات العامة والهيئات الحكومية والمصالح الايرادية كافة بإيداع إيراداتها النقدية في حساباتها ، وقيام وزارة المالية بتفعيل القانون المالي واتخاذ العقوبات المنصوص عليها بالقانون تجاه الأشخاص الاعتبارية وغير الاعتبارية المخلة بأحكامها . وذلك بغية منع استخدام الإيرادات النقدية للجهات المذكورة في المضاربة بالعملة .

-    التنسيق مع دول التحالف التي تقوم بصرف مرتبات الوزراء والوكلاء ومن في حكمهم ، وأفراد القوات المسلحة والأمن المستجدين ، على ضرورة فتح حساب فرعي في حساب الحكومة لدى البنك المركزي ، بالنقد الأجنبي ، يخصص كمرتبات للمذكورين أعلاه ، على أن يصرف من البنك المركزي بمصرحات من وزير المالية أو نائبه ، بالعملة المحلية على أساس سعر الصرف التأشيري (الرسمي) الذي يضعه البنك المركزي .

-    التباحث مع الدول والمنظمات الدولية المانحة ، على ضرورة تحويل مساعداتها ومنحها النقدية إلى حسابات الجهات الحكومية طرف البنك المركزي ، وأن يتم الصرف منها من قبل المخولين بذلك حسب القانون المالي اليمني ، وليس عبر البنوك التجارية .

آلية تنفيذ إجراءات الحزمة الفورية

اتخاذ القرارات الإدارية من وحي نصوص القوانين التالية :-

‌أ-       قانون رقم (14) لسنة 2000م بشأن البنك المركزي .

‌ب-  قانون رقم (19) لسنة 1995م وتعديلاته بقانون رقم (15) لسنة 1996م.

‌ج-    القانون اليمني المالي .

‌د-   قانون رقم (1) لسنة 2010م بشأن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتعديلاته بقانون رقم (17) لسنة 2013م.

 

الأهداف المرجوة :

أ‌-       تفعيل القوانين ذات العلاقة .

 

ثانياً :- حزمة الإجراءات المعاضدة

ما إن يتم الانتهاء من تنفيذ الإجراءات الفورية التي تضمنتها الحزمة الأولى والتي يمكن تصنيفها بإجراءات إدارية لا بد منها وتعمل على تهدئة سوق الصرف واستعادة ثقة الناس بالبنك المركزي التي ستساعد على إنهاء حالة الهلع وعدم اليقين وإحياء التوقعات الرشيدة لدى المتعاملين في سوق النقد ، يتم البدء بتنفيذ الحزمة الثانية المعاضدة التي تدعم هدف استقرار أسعار السلع والخدمات واستقرار سعر صرف الريال أمام العملات الأجنبية .

ويمكن تصنيف إجراءات الحزمة الثانية إلى إجراءات نقدية .

ومن بين أهمها في اللحظة الراهنة لتمظهرات أزمة العملة ما يلي :

 

الإجراء رقم (1) ضرورة تخصيص جزء من النقد المصدر لرفد خزائن البنوك العاملة بالنقدية وذلك عبر احدى الآليتين أدناه أو كلتاهما :-

 

آلية تنفيذه :

أ‌-   ضخ سيولة نقدية للبنوك بنسبة محددة من النقد المصدر ، شريطة أن توزع ما بين البنوك بنسب موحدة قياساً بما يمتلكه كل بنك من ودائع طرف البنك المركزي .

ب‌- قيام البنك المركزي من خلال استخدامه لأداة السوق المفتوحة بإعادة شراء جزء من أذون الخزانة التي حان مواعيد استحقاقها حسب دفع من حيث الأقدمية وليس دفعة واحدة .

الأهداف المرجوة :

أ‌-   إن التفريق ما بين البنوك من حيث السيولة النقدية المضخة لها ، يهدف إلى تحفيز البنوك على زيادة إيداعاتها لدى البنك المركزي ناهيك عن ما يتم إيداعه لقاء نسبة الاحتياطي القانوني على الودائع لدى البنوك الملزمة به حسب القانون .

ب‌- توفير السيولة النقدية اللازمة في خزائن البنوك لمجابهة عمليات السحب اليومي من ودائع الغير لديها ، وطمأنة المودعين.

 

الإجراء رقم (2)   تحريك سعر الفائدة الى أعلى بنسب تراعي معدلات التضخم .

 

الآلية للتنفيذ :

‌أ-       تتحدد نسبة رفع سعر الفائدة على الودائع بناء على سعر الفائدة التأشيري على أذون الخزانة .

‌ب-  مراعاة نسبة الفائدة على القروض بما لا يزيد عن 5 نقاط عن سعر الفائدة الفعلي على الودائع .

‌ج-  الأخذ بعين الاعتبار أن يكون سعر الفائدة الحقيقي الذي يساوي سعر الفائدة الاسمي ناقص معدل التضخم موجباً .

‌د-      يمكن في المرحلة الثانية رفع معدل الفائدة على الودائع الدولارية في البنوك.

 

الأهداف المرجوة :

‌أ-   سحب الأموال المكتنزة في البيوت كأوراق نقدية والتي تسببت في تعطيل الدورة النقدية وإعادتها إلى قنواتها المصرفية كي تنتظم الدورة النقدية ، وتتلاشى تدريجياً أزمة شحة السيولة .

‌ب- إن رفع معدلات سعر الفائدة على الودائع ، سيحد من رغبة من يمتلكون دخلاً فائضاً (مدخرات) بالريال في تحويلها من الريال إلى الدولار . الأمر الذي يتسبب في شيوع ظاهرة الدولره ، وتحول الدولار من وسيلة لخزن القيمة إلى وسيلة للدفع .

‌ج-    سيخفف ذلك من ارتفاع الطلب على الدولار في السوق المحلية .

‌د-   إن وجود سعر فائدة حقيقي على الأموال المودعة في البنوك يشجع المدخرين على إيداع أموالهم ويعوضهم عن الخسائر التي تحدث لمدخراتهم نتيجة لتآكل قيمتها الحقيقية نتيجة التضخم .

‌ه-   الأموال المودعة في البنوك تلعب دوراً مهما كموارد مجتمعية متاحة للإقراض من قبل البنوك ، وتمكينها من استعادة نشاطها الائتماني الذي سيسهم في خلق النقود (نقود الودائع) ، وزيادة عرض النقود ، من مصادر غير تضخمية حسب حاجة الاقتصاد ، ودون ضخ بنكنوت مصدر جديد من قبل البنك المركزي .

‌و-     تحول الدولار تدريجياً إلى وسيلة (أداة) للاستثمار بدل أن يظل أداة للمضاربة بالعملة .

تنويه  قد يقول البعض أن رفع معدل الفائدة مكلف على الاقتصاد وسيؤدي  إلى زيادة أعباء الدولة المترتبة على دفع فوائد (عوائد) أذون الخزانة ، نعم هذا صحيح ولكن أهون الشرور المتاحة لحل أزمة السيولة ، وقياساً بالمكاسب والخسائر ، فإن المكاسب التي يمكن أن تتحقق من هذا الإجراء أكثر بكثير من الخسائر المتوقعة منه .

 

الإجراء رقم (3) تعزيز الأصول الخارجية للبنك المركزي كخط دفاع أولي لقيمة العملة .

 

آلية التنفيذ :

‌أ-   تكثيف الجهود الدبلوماسية والتفاوضية مع دول التحالف بُغية الحصول على وديعة أجنبية إضافة إلى الوديعة السعودية توضع في حساب الأصول الخارجية للبنك المركزي بالنقد الأجنبي .

‌ب-  الاقتراض من صندوق النقد الدولي قرضاً بشروط ميسرة ، عادة ما تتحصل عليها البلدان التي تعاني من حروب أو خرجت من حرب وتشهد عملتها تدهوراً في سعر الصرف .

‌ج-    طلب الاقتراض من بنوك مركزية أو مؤسسات مالية دولية .

‌د-      إصدار شهادات استثمار أو سندات حكومية متوسطة أو طويلة الأجل بالدولار الأمريكية .

الأهداف المرجوة :

‌أ-       تقوية مكانة العملة في النشاط النقدي الحقيقي .

‌ب-   رفع درجة التصنيف الائتماني لليمن كدولة وللبنوك .

‌ج-    حفز وتنويع مصادر تدفق النقد الأجنبي إلى داخل البلد .

 

الإجراء رقم (4) استخدام أداة نسبة الاحتياطي القانوني على ودائع الجمهور في البنوك كمحفز للبنوك في مقدرتها الاقراضية بالنقد المحلي والأجنبي ، وكذا رفع مساهمتها في خلق النقود .

 

آلية التنفيذ :

أ‌-       تخفيض النسبة على الودائع بالريال من 7% إلى 5%.

ب‌-   تخفيض النسبة على الودائع بالدولار من 10الى 7% .

الأهداف المرجوة :

أ‌-       التوسع في تنقيد الاقتصاد .

ب‌-   توجيه السيولة نحو قنواتها المصرفية لضمان سلامة الدورة النقدية .

 

الإجراء رقم (5) تقديم القروض المخصومة من قبل البنك المركزي للبنوك التجارية الراغبة بذلك .

 

آلية التنفيذ :

أ‌-       تسهيل عملية اقتراض البنوك قروض مخصومة من البنك المركزي .

ب‌-  تخفيض سعر الخصم الذي يحدده البنك المركزي ، بغية تشجيع البنوك على الاقتراض منه وبكلفه اقتراض متدنية .

الأهداف المرجوة :

أ‌-   مساعدة البنوك التجارية على تنويع مصادر مواردها ، سيٍّما في هذه الفترة التي شهدت تسرباً كبيراً للودائع خارج الجهاز المصرفي .

ب‌-   تحقيق وظيفة البنك المركزي كملجأ أخير للبنوك .

((  انتهى ))

*أستاذ قسم العلوم المالية والمصرفية

                                                                      كلية الاقتصاد - جامعة عدن