بعد تعاملها مع الحوثيين لأكثر من 3 سنوات ... منسقة أممية تقدم شهادة استثنائية وتكشف مأساة اليمن

قدمت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية السابقة في اليمن، ليزا غراندي، شهادة استثنائية وصريحة وصفت خلالها الوضع في اليمن، وتجربتها في التعامل مع الحوثيين في صنعاء، قدمتها أمام لجنة فرعية للعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمركي ولجنة مكافحة الإرهاب.

وأفادت غراندي أن ميليشيا الحوثي لم تكتفِ بالسيطرة الكاملة على مؤسسات الدولة شمال اليمن، بل أسست نظاماً ضاراً ومفترساً وسلطة منفصلة واسعة الصلاحية ومؤسسات موازية يعمل بها الحوثيون حصراً دون مساءلة.


 

وكشفت غراندي التي تعاملت مع الحوثيين لمدة 3 سنوات، أن جميع الإيرادات العامة تقريباً، يتم تحويلها بشكل مباشر إلى المؤسسات الخاضعة لسيطرة حركة الحوثي، بما في ذلك البنك المركزي بصنعاء.

وتابعت غراندي في شهادتها: "لقد اغتصب أنصار الله الزكاة، وهي ركن أساسي من أركان الحماية الاجتماعية، وجعلوها ضريبة إلزامية، وفرضوا تعريفات صارمة على الزراعة والتجارة".

وأشارت المسؤولة الأممية التي أقامت في صنعاء وأدارت منها منظمات الأمم المتحدة في اليمن، من مارس 2018 حتى ديسمبر 2020، إلى استخدام الحوثيين الأدوات "لتحويل الإيرادات من السلع والخدمات العامة إلى مقاتليهم، وقيامهم بتخريب شركات القطاع الخاص التي لا تتعاون معهم، والتلاعب بالعملة والسيولة من أجل مصالحهم، وليس مصالح عامة الناس".



وأكدت غراندي فرض جماعة الحوثي مئات القيود على المساعدات الإنسانية، "سعيًا إلى التحكم في نوع وتدفق المواد واستهداف جميع أشكال المساعدة. كما تواصل تهديد العاملين في المجال الإنساني والتنمر والبلطجة عليهم وترهيبهم واحتجازهم".

وقالت المسؤولة الأممية لأعضاء لجنة الخارجية ومكافحة الإرهاب بمجلس الشيوخ، إن ممارسة الحوثيين التعسفية للسلطة واعتمادها على الآليات والأنظمة الإدارية القمعية، تضافرت "لخلق واحدة من أكثر بيئات العمل السامة و غير المسموح بها في العالم للعاملين في المجال الإنساني".

ولفتت إلى فرض الحكومة اليمنية والسلطات الأخرى المتحكمة في بعض المناطق قيودا على المساعدات في بعض الأحيان، مستدركة "ومع ذلك، فإن شدة ونية وتأثير تلك التي فرضها الحوثيون لها حجم مختلف".

وحثّت غراندي التي تتولى حالياً منصب رئيس معهد الولايات المتحدة للسلام، واشنطن على ممارسة المزيد من النفوذ لإنهاء الصراع الدائر في اليمن وتجنيب البلاد الفقير مآسٍ أكثر، مشيرة إلى إمكانية صناعة فارق، خاصة في تخفيف المعاناة الإنسانية التي هي أكثر إلحاحاً من بين العديد من الأشياء التي يجب القيام بها في اليمن.


واستعرضت المسؤولة الأممية السابقة، أربع خطوات ممكنة، الأولى زيادة تبرعات المانحين للوكالة الإنسانية، ورفع الإجراءات التقييدية المفروضة على الاقتصاد اليمني والسماح بدخول البضائع الاساسية وحرية التنقل.

وأشارت في الخطوة الثالثة، إلى حاجة تحالف المانحين والمؤسسات المالية إلى التوصل لاتفاق مع السلطات الحكومية والمتمردين "لضخ الأموال في البنك المركزي في عدن، مما سيحسن السيولة في الجنوب ، ويدفع رواتب الموظفين العموميين في الشمال".

وفي الخطوة الرابعة شددت غراندي على ضرورة تغيير السلوك المفترس والقسري للهياكل البوليسية التي استحدثها الحوثيون، والعمل على تأمين مستقبل سياسي جديد لليمن.



وأكدت أنه لا يمكن أن تكون القرارات المتعلقة بمستقبل اليمن في أيدي النخب التي جلبت الدمار والبؤس إلى البلاد والتي من المرجح أن تعقد صفقات تعكس مصالحها الضيقة، مشيرة إلى تقاسم السلطة الحالية بين سلطات تابعة للحوثيين شمال اليمن، وظهور قوى جديدة تتحدى وحدة اليمن في الجنوب.

وقالت غراندي إن المستفيدين من الحرب، والكثير منهم مرتبطين بالأطراف المتحاربة، أنشأوا شبكات محسوبية قوية لحماية مكاسبهم، مشددة على ضرورة إشراك القوى المجتمعية والشباب والنساء والمجتمع المدني وكل القوى الموجودة، من أجل توافق وطني، لا يمكن أن يكون كالحوار الوطني الذي كان عام 2013-2014م.

نقلا عن موقع 24 بوست