صُنِفَت على لسان مسافرين بأنها الأغلى عالميًا: ارتفاع أسعار تذاكر طيران اليمنية.. معاناة في ظل الأزمات وغياب الرقابة

عدن | عن صحيفة التنمية اليوم - العدد (48) إصدار سبتمبر 2022 | كتب - معتز اقبال الميسوري :

 

وكيل قطاع النقل الجوي:

الارتفاع الجنوني لسعر وقود الطائرات في بلدنا وغياب المنافسة بين شركات الطيران وتهاوي العملة الوطنية وعدم ثباتها سبب ارتفاع تذاكر الطيران

الخبير الاقتصادي يوسف سعيد: 

الخطوط اليمنية تستغل احتكارها للسوق في ظل غياب المنافسة الخارجية والمحلية الحقيقية 

 

رئيس مركز اليمن للدراسات وحقوق الإنسان:

المتضررون من هذا الارتفاع هم المرضى والطلاب أما المسئولون وأقرباؤهم فتذاكرهم مجانية 

 

رجل الأعمال خالد نعمان:

شركة النفط اليمنية تحتكر بيع الوقود لطيران اليمنية بأعلى الأسعار عالمياً

 

في ظل تفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية والسياسية وتنامي أنشطة الخدمات لقطاع النقل الجوي في اليمن، بات من المؤكد من خلال شكاوى وتظلمات تحدَّث بها العديد من المسافرين المحليين بمختلف فئاتهم عبر مطارَي عدن وسيئون الدوليين، واللذان يعتبران المنفذان الجويان الوحيدان في السفر الخارجي جواً. ورافقت العديد من الصعوبات والتحديات، خلال السنوات الماضية، الخطوط الجوية اليمنية، والتي أصبحت الناقل الوطني الوحيد في اليمن، وأشارت مصادر عاملة بقطاع النقل الجوي أن الخطوط اليمنية أصبحت هي الأخرى تعاني من ارتفاع كلفة الوقود وزيادة التكاليف التشغيلية في ظل تعويض النقص المعروض على الطلب في السفر لحجوزات المسافرين عبر مكاتبها المنتشرة في المحافظات، وهذا بدوره يؤثر سلباً على مؤشر الأسعار، والتي أصبحت تُدفع بالعملة الصعبة في ظل عدم وجود آلية لمراقبتها والحد من ارتفاعها نظرًا للظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطنون، والذين أصبح معظمهم يسافر إما للعلاج وإما للدراسة أو الاغتراب والسياحة. ولِما سبق ذكره قامت صحيفة "التنمية اليوم" بجمع بعض التفاصيل والمعلومات من أفراد وجهات متعددة والمتعلقة بطرح الآراء لهذه القضية الخدمية والتي باتت محل جدال واسع على منصات التواصل الاجتماعي، فإلى حصيلة هذا الملف:

تهاوي العملة الوطنية

يوضح المهندس طارق عبده علي - وكيل وزارة النقل لشؤون قطاع النقل الجوي – لــ" التنمية اليوم" أن;هناك أسباب عدة وراء ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، ومنها: أن كلفة التأمين على الطائرات العاملة في اليمن مرتفعة جداً (منطقة حرب) وهذه أحد الأسباب أيضا لعزوف شركات الطيران من التشغيل من وإلى مطارات اليمن. ويضيف بأن ;سعر وقود الطائرات في بلدنا مرتفع جداً، تقريباً (2.8$) ويعتبر سعرًا خياليًا مقارنة بسعره في المطارات المجاورة، ويعتبر عاملاً مهمًا في تسعيرة تذاكر الطيران;.وأشار الوكيل طارق إلى عدم وجود عنصر المنافسة بين شركات الطيران في ظل توقف بقية شركات الطيران عن التشغيل إلى اليمن، واختتم في حديثه إلى سبب آخر وهو تهاوي العملة الوطنية وعدم ثبات سعر العملة الأجنبية مثل الدولار الأمريكي والريال السعودي المتعامل بها حاليا لدى الأسواق المحلية في بلادنا.

وقال المواطن أحمد سعيد السقطري - أحد أبناء محافظة أرخبيل سقطرى – بأن الخطوط الجوية اليمنية تقوم ببيع التذاكر لأهالي المحافظة بالدولار الأمريكي، وأشار أن قيمة تذكرة خط (عدن – سيئون – سقطرى) وصلت إلى 175 ألف ريال، وقيمة تذكرة خط (سقطرى – سيئون – عدن) إلى 155 ألف ريال. فيما وصلت خط (المكلا – سقطرى) إلى 120 ألف ريال،وأضاف بأن هذا الارتفاع في قيمة التذاكر محلياً أصبح يثقل كاهلهم، ناهيك أن ذلك الإجراء يتم وفق الحظ أو الذهاب للمطار من أجل الحجز المسبق.

احتكار وفشل

ويصف د. حسين الملعسي - رئيس مؤسسة الرابطة الاقتصادية في عدن رأيه لــ"التنمية اليوم" - حول خدمات النقل الجوي للركاب عبر شركة طيران اليمنية، هي الأسوأ في المنطقة على الإطلاق، وعبَّر عن سخطه حول تلك الخدمات بأنها رديئة وأسعارها عالية جداً مقارنة مع تعرفة تذاكر السفر المعمول بها في المنطقة، وليس ذلك فحسب بل إن الأمان غير متوفر للمسافرين، وذلك بسبب قِدَم الأسطول وعدم الالتزام بعمليات الصيانة الدورية؛ أما حول خدمات الركاب فحدث ولا حرج. إضافة لذلك يعاني الركاب الأمرَّين في سبيل الحصول على التذاكر بسبب سوء خدمة مكاتب الطيران وانتشار المحسوبية، وخاصة معاناة الركاب المرضى، ومن المؤسف سماع قصص يندى لها الجبين. وذكر الملعسي بأن أهم تلك الأسباب هو احتكار خدمات النقل والسفر من قبل الشركة الحكومية وعدم إتاحة الفرصة لإنشاء شركات خاصة منافسة تدفع بها الشركة العامة إلى تحسين الخدمات في ظل عدم وجود منافسين من القطاع الخاص، وأكد أنه بسبب ذلك لا يمكن إصلاح حال الخطوط اليمنية.

تخفيض الأسعار أمر مطلوب

وفي سياق متصل أوضح الأستاذ/ محمد قاسم نعمان – رئيس مركز اليمن للدراسات وحقوق الإنسان بعدن – بأن الارتفاع لتذاكر السفر عبر طيران اليمنية قائم على الاحتكار الذي يغطي حاجة انتقال المسافرين من اليمن وإليها، وقال بأنه; لم يعد مقبولًا استمرار هذا الارتفاع المبالغ وأضاف نعمان في حديثه لــ" التنمية اليوم " بأن ذلك أمر يفترض أن يتم معالجته من قبل القيادة الرئاسية والحكومة، كون المتضررين من هذه الأسعار المرتفعة جداً هم المواطنون، بالمقارنة مع قيمة تذاكر السفر للطيران العالمي في نفس مسافة السفر بل وأكثر منها. وأشار إلى احتكار الخطوط الجوية اليمنية نقل المسافرين في ظل 8 سنوات ماضية، وأكد نعمان بأنه قد حان الوقت لإعادة النظر في تخفيض الأسعار لهذه التذاكر وإعادة فتح المجال لشركات الطيران العربية والعالمية للعمل في اليمن، وأوضح أيضا بأن المتضررين من هذا الارتفاع المبالغ به هم المرضى والطلاب، أما المسؤولون ومن في حكمهم والأقربون فتذاكرهم مجانية، أو على نفقة الحكومة أو الرئاسة أو جهات حكومية وسلطات محلية. وطالب شركة طيران اليمنية بإعادة النظر في تكلفة الأسعار وقيام الحكومة والرئاسة بتقديم الحلول والمعالجات لتفادي تردي الخدمة، والذي لا يجسد حماية واحترام حقوق الإنسان.

 

هموم وأعباء تواجه الشعب

أحد العاملين بالقطاع التجاري بعدن، رياض الحمادي، تحدث بدوره لــ "التنمية اليوم" عن أن طيران اليمنية تمثل أحد روافد الاقتصاد اليمني، والذي يسهم بشكل فعال في رفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة، وأرجح بقوله بأن طيران الخطوط الجوية اليمنية بات يشكل عبئًا على المواطنين والمتمثل برفع أسعار التذاكر مقارنة بالشركات الخارجية الأخرى، ويأتي ذلك بسبب عدم وجود شركات منافسة لها وعدم المبالاة بمعاناة المرضى والمسافرين للعلاج في الخارج. وأكد الحمادي أنه أصبح من الضرورة في الوقت الراهن إتاحة الفرصة للشركات الخارجية العاملة بقطاع الطيران والدخول في المنافسة التجارية لخدمة المسافرين اليمنيين، وزيادة رحلات الطائرات القادمة والمغادرة من وإلى البلاد، والذي من شأنه تفعيل دور الاستقرار والاستثمار والذي يتمناه كل مواطن نزيه يسهم في تنمية اقتصاد اليمن ويعزز من ثقة الناقل الوطني في رفع معاناة الشعب في كل المجالات.

 

متغيرات اقتصادية وغياب المنافسة

وبهذا الصدد يفيد بالرأي لــ" التنمية اليوم " د. يوسف سعيد أحمد – أستاذ الاقتصاد المالي والمصرفي ومحاضر أكاديمي بكلية الاقتصاد جامعة عدن – بقوله: إن ارتفاع أسعار تذاكر طيران اليمنية يفسر أن الشركة تستغل احتكارها للسوق في غياب أي منافسة خارجية أو محلية حقيقية، وتعمل على تصعيد الأسعار في وقت كل شركات الطيران الدولية والإقليمية في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية السلبية الناتجة عن أزمة كورونا وما تبعها من أزمات عمدت إلى تخفيض قيمة تذاكر السفر، باستثناء اليمنية التي تعمل باستمرار على رفع أسعار التذاكر مستغلة احتكارها للسوق وغياب الدولة العادلة، وأشار د. يوسف - الخبير الاقتصادي - إلى أن هذه الأسعار المرتفعة التي تفرضها اليمنية على المسافرين يفسر أحد احتمالين: إما أن الشركة تعمل بدون كفاءة اقتصادية، وبالتالي هناك هدر في استخدام مواردها، أو أنها تستغل غياب الدولة وتريد أن تحمِّل المواطنين اليمنيين مستخدمي خطوط اليمنية دفع تكلفة توسع الشركة في شراء الطائرة الجديدة وبشكل غير معقول أو مدروس بدلًا من العمل على تحسين كفاءة التشغيل وخفض تكلفة نشاطها في هذا السياق، ويأمل د. يوسف من حديثه بقيام وزارة النقل بحث شركة طيران اليمنية على تخفيض سعر تذاكر السفر للمواطنين المرضى خاصة وأن الشركة أصبح بإمكانها تحقيق عائد أكبر مع قيامها بالتوسع في فتح خطوط جديدة.

 

سماسرة يتلاعبون بالحجز الآلي

من جانب آخر أوضح أحد العاملين في مكاتب السفريات والسياحة في مدينة عدن لــ " التنمية اليوم " والذي رفض الكشف عن اسمه، أن هناك سماسرة يعملون لصالح الحجز الآلي في ترتيب الحجز للرحلات الخارجية، وأشار إلى أن الخلل يكمن في هذا القسم من الشركة، والذي سهّل للسماسرة العمل من الباطن والذين يعملون بدون تراخيص معتمدة لمزاولة مهنة السياحة والسفر، وأكد أن هناك قرابة 80 مقعدًا يتحكم بها الحجز الآلي، والأمر راجع إلى وساطة خاصة. وأضاف إلى أن كنترول الحجز الآلي يسيطر على بيع المقاعد إلى هؤلاء السماسرة بخلاف السعر المعتمد، والذين يبيعون بزيادة 60 دولارًا تضاف إلى السعر الرسمي للتذكرة، وأشار إلى أن جميع أسعار بيع التذاكر في نقاط مبيعات مكاتب اليمنية تباع بالعملة الصعبة وتدفع نقداً وتحول عبر البنوك لدى حسابات اليمنية في الداخل والخارج.

ظلم وإجحاف للمسافرين

خالد عبد الواحد نعمان، رجل أعمال من عدن، عبَّر بدوره لــ" التنمية اليوم"  عن الظلم والإجحاف الذي يتعرض له المسافرون عبر هذه الخطوط الوطنية من جراء الارتفاع الجنوني لأسعار بيع تذاكر السفر لطيران اليمنية، وقال بأن السبب الرئيسي هو احتكار شركة النفط اليمنية لبيع وقود الطائرات النفاثة لشركة طيران اليمنية بأعلى الأسعار في العالم، من نوع jet-A1 بسعر 2.46$، بينما السعر في كل أنحاء المنطقة والعالم، لا يزيد سعر اللتر عن 0.8$ إلى

0.91$ أي أقل من دولار واحد، بينما تبيعه شركة النفط بزيادة عن السعر العالمي بمقدار 270%، ثم تأتي هيئة الطيران المدني والأرصاد لتفرض جباية قدرها 20$ على كل تذكرة سفر يذهب ريعها للهيئة، دون أي خدمات تذكر، مع أن اليمنية تدفع كل أنواع الخدمات الأرضية للهيئة، وكل ذلك يتحملها المسافر الغلبان مضطرًا، وهذا عبث بحق الشعب اليمني الذي يعيش أسوأ ظروف الحياة في كل المنطقة في ظل الحرب المستمرة منذ 8 سنوات، وأصبحت تعيش كلٌ من طيران اليمنية وشركة النفط اليمنية وهيئة الطيران المدني التي تنخرها كل أشكال عدم الكفاءة وسوء الأداء بسبب الاحتكار بالنسبة للأولى والثانية وبسبب السيطرة على الهيئة من قبل سلطة هيئة الطيران في صنعاء والتي ما زالت تؤول لها إيرادات الأجواء اليمنية وتدفع رواتب موظفي الهيئة بعدن.

إمكانيات محدودة والتزامات مالية كبيرة

 

من جانبه أكد محسن علي حيدرة – المدير التجاري في الخطوط الجوية اليمنية - أن الإدارة التجارية تمثل العمود الفقري للشركة، وهناك جهود مضنية تبذل من قبل إدارة الشركة في كيفية تخفيض أسعار التذاكر لرحلات الطيران بأقل تكلفة ممكنة للمسافرين اليمنيين. وأَضاف في تصريحه لــ" التنمية اليوم" بأن هناك نفقات مالية باهظة تواجهها الشركة والمتعلقة بالتأمين والقيود المفروضة للشركة والمتمثل في تأمين الطائرات وارتفاع قيمة الوقود النفاث للطائرات، كون اليمن تعتبر عالمياً بلد حرب. 

وأشار حيدرة إلى أن مثل هذه الظروف والتحديات التي تعاني منها بلادنا والشركة منذ اندلاع حرب 2015م وتدهور العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية أدت إلى مضاعفة تكاليف السفر والذي أنعكس سلبًا على مؤشر حركة أسعار مبيعات تذاكر طيران اليمنية للمواطنين. وأكد حيدرة في هذا الصدد أن مسألة احتكار الشركة في تشغيل الرحلات الدولية لصالحها غير صحيح، وأوضح أن هذا الأمر يخضع لهيئة الطيران المدني ووزارة النقل، مبينًا أن الشركة ليس لديها مصدر دخل آخر غير بيع التذاكر والشحن الجوي. ونوه المدير التجاري للرأي العام بأنه; تم الاتفاق بمنح أصحاب الأمراض الخبيثة (السرطان) تخفيضًا لأسعار التذاكر بنسبة 30% بسقف نحو 400$ دولار وبعدد محدود شهرياً، وأشار أيضا بأن إدارة الشركة تتعاون مع معظم الحالات الإنسانية للعلاج في الخارج وكذا الطلاب الدارسين في الخارج، حيث يتم منح أكثر من 50% تخفيضًا لأسعار التذاكر، بل وصل الأمر بمنح تذاكر مجانية لحالات إنسانية صعبة، ناهيك عن الإشكاليات التي لا يعرفها العملاء والركاب ألا وهي المديونية وتراكمها لدى بعض الجهات الحكومية التي تقوم بصرف التذاكر للمواطنين، والتي أصبحت لا تقوم بالسداد لدى حسابات الشركة في البنوك، مما أدى إلى توقف صرف التذاكر لهذه الجهات، حيث وصلت مديونية شركة مصافي عدن نحو 400 مليون ريال، على سبيل المثال، غير مديونية بقية المرافق الحكومية غير الملتزمين بالسداد أولًا بأول، مما يعيق صرف التذاكر لهؤلاء المسافرين. وأوضح المدير التجاري حيدرة في ختام تصريحه عن أسباب الخسائر لأرباح الشركة في مبيعات الشركة وهي تقوم بالعمل بسعر متوازن، كل طراز طائرة لديها تكلفة بالساعة عند الرحلة الطائرات الكبيرة A330 توصل تكلفة رحلتها الواحدة في الساعة نحو 15 ألف دولار  وتكلفة الطائرة 320A الصغيرة تصل نحو 8040 دولار وهذه الأرقام نتحصلها من الإدارة المالية وهي تأتي بها من خلال النفقات التشغيلية المباشرة وغير المباشرة ويتم احتساب هذه التكاليف وإخراج النسبة التي وصلت فيها التكلفة لساعات التشغيل، 

فتح باب المنافسة لشراء وقود للطائرات

أصدر في بداية الشهر الجاري نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، عبد الرحمن صالح المحرمي، مذكرة رسمية موجهة إلى كلٍ من: رئيس مجلس الوزراء، ووزير النفط والمعادن، ومدير شركة النفط اليمنية، جاء فيها بشأن فتح باب المنافسة حول إجراء مناقصة بشكل عاجل لشراء وقود الطائرات، وذلك لما فيه المصلحة العامة، والتي من خلالها سيؤدي إلى تخفيض أسعار تذاكر الطيران، على أن يتم ذلك بشكل عاجل. وحتى كتابة هذا التقرير لم نرَ أي تجاوب نشر في وسائل الإعلام من الجهات التي ذكرتها هذه المذكرة الصادرة عن النائب.