مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
عادت أسعار النفط إلى عتبة 50 دولارا للبرميل، أو أقل بقليل. الارتفاعات القوية الأخيرة كانت مدعومة بأخبار تعافي سوق النفط، على الرغم من كونها هشة، إضافة إلى عودة دول "أوبك" إلى التنسيق فيما بينها لضبط الإنتاج. ولكن ما لبثت الأسعار أن تراجعت إلى منتصف الأربعينيات لكون السوق تعي تماما أنه لا يمكن حصول التزام كامل بين أعضاء "أوبك" على أي قرار، إلا أنها تعرف أيضا أن مثل هذا القرار هو في يد السعودية وحدها، كونها المنتج الأكبر في المنظمة، ولذلك تستمر في التفاؤل. افتراض السوق قيام "أوبك"، أو السعودية بشكل أدق، بتخفيض الإنتاج مبني على الضرر الواقع على الاقتصاد العالمي بسبب الأسعار المنخفضة والنمو الاقتصادي الهزيل.
ولكن يبدو أن الأسواق خففت من ربطها بين النفط وأسعاره وبين توقعات أداء الاقتصاد السعودي. فمؤشر سوق الأسهم السعودية لم يرتفع عندما وصلت أسعار النفط إلى 50 دولارا، ولكنه بدأ موجة صاعدة بعد عودة أسعار النفط إلى منتصف الأربعينيات، ما حرك الأسعار كانت الثقة العالمية بالاقتصاد السعودي التي تم التعبير عنها بتغطية حجم إصدارها الضخم من أدوات الدين العام الدولية. تبع ذلك إدارة فاعلة لوزارة المالية ووزيرها الجديد لملف شركات المقاولات ومستحقاتها لدى الحكومة. فبدأت الوزارة بإدارة الأزمة بشفافية أعلى، موضحة خطتها في صرف المستحقات على دفعات، وحددت كذلك المدى الزمني لخطتها. وما إن بدأت شركات المقاولات بتسلّم الدفعات الأولى، حتى انعكس ذلك مباشرة على القطاع المصرفي، الذي تمكن من استيعاب وضع السيولة سريعا. فظهر عدد من البوادر والإشارات لانخفاض سعر الإقراض ما بين المصارف، المؤشر الرئيس لتكلفة الإقراض. الأمر الذي سيسهم في توفير الائتمان وتخفيض تكلفته على القطاع الخاص، بعدما استأثرت الحكومة بالنمو في إجمالي الائتمان الممنوح من القطاع المصرفي إجمالا.
تفاعل سوق الأسهم أثبت أنها أكثر حساسية تجاه سياسات الحكومة المالية منه لأسعار النفط والأسواق العالمية. فقد كان ارتباطها بسعر النفط مجرد اختزال لمستوى الصرف الحكومي داخل الاقتصاد. ولكن مع بداية الإصلاحات التي استهدفت رفع كفاءة الإنفاق، فإن المصروفات الحكومية ستكون أقل ارتباطا بحجم الإيرادات النفطية، ولذلك تصبح الحاجة ماسة لتوضيح هذه السياسة. إضافة إلى ذلك، فإن توجيه السياسة المالية الحكومية في حاجة إلى مؤشرات تمكنها من اتخاذ القرارات اللازمة لإعادة توجيه وهيكلة الاقتصاد برمته. ولذلك كان إعلان الهيئة العامة للإحصاء عن مؤشرات جديدة من الأهمية بمكان، حيث إنه يوفر المعلومة اللازمة لتحليل أدق للعوامل المؤثرة في الاقتصاد وأدائه. فالمرحلة المقبلة ستعتمد بشكل كبير على خصخصة كثير من الخدمات الحكومية، إضافة إلى إعادة هيكلة الدعم، سواء كان مباشرا ونقديا أو حتى تسهيلات للإجراءات الحكومية، وكذلك إقرار ضريبة القيمة المضافة. ونظرا لما يمر به الاقتصاد من مرحلة تحول، فمن الضروري أخذ القرار الصحيح، فالوقت هذه المرة ليس إلى جانبنا.
نقلا عن الاقتصادية