مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
لا يزال الاقتصاد السعودي يمر بالمرحلة الأولى من إعادة الهيكلة الشاملة لقطاعاته. فالخطة المستقبلية تتضمن إطلاق قطاعات جديدة مثل الخدمات اللوجيستية والسياحة والترفيه وصناعات المحتوى المحلي والتعدين، إلا أن هذه القطاعات لا بد أن تنبثق، وأن تدعم كذلك من القطاعات العاملة حاليا. بداية المرحلة الأولى لإعادة الهيكلة كانت في قطاع المقاولات والتشييد والبناء. فصنبور الاعتمادات الحكومية الذي اعتاد عليه هذا القطاع بات أكثر انضباطا، ما أدى إلى إعادة تشكيل نموذج العمل التقليدي لكبريات شركات المقاولات، ثم ما لبثت عملية إعادة التشكيل هذه أن امتدت إلى بقية القطاعات الاقتصادية التقليدية، لإفراز نماذج أعمال وشركات من نوع مختلف، تحت أسلوب جديد للإدارة، يتوافق مع مرحلة ما بعد الهيكلة الشاملة.
هذه الهيكلة عليها الالتفات أيضا إلى المشاريع المتعثرة مثل المدن الاقتصادية التي نالت حظا وافرا من الفشل تحت أسلوب إدارة المبادرة الحالي، الذي لم يتمكن من الوصول بها إلى أهدافها المعلنة على الرغم من توافر الإمكانات. لعلاج هذه التعثرات نحن اليوم بحاجة إلى مزيد من المركزية والدمج بين المشاريع. فالمآل الطبيعي للفشل في الاقتصاد الحر هو الدمج. فعلى سبيل المثال، تتطلع مؤسسة النقد اليوم لاندماج عدد من شركات التأمين، وكذلك نجد بعض شركات الأسمنت تدرس الاندماج فيما بينها، بسبب دخول منتجها في مرحلة سوق هابطة. ونظرا لطبيعة الاقتصاد السعودي، ولعدم وجود عمق حقيقي لقطاعات اقتصاده، فإن دمج المبادرات الكبيرة بشكل مركزي سيعطيها جدوى اقتصادية مضافة.
يعود ذلك إلى وجود خطة عمل شاملة لدى الجهة المركزية، إضافة إلى زيادة اقتصادات الحجم، والتنوع لدى كل المشاريع، ولكن مرحلة التخطيط المركزي يجب أن تكون مراقبة بشكل دقيق لتحقيق الأهداف الموضوعة على المدى القصير، ويجب ألا تستمر فترة طويلة من الزمن. كما أن نجاح إحدى المبادرات للجهة المركزية سينعكس بشكل إيجابي على بقية المبادرات التي تقودها، فتتحول إلى منافسة بين المبادرات لتحقق كل منها أهدافها قصيرة الأجل.
بعد القيام بنهضة شاملة في كل المشاريع، وحتى لا تصاب المبادرات بداء الترهل والبيروقراطية، يبدأ العمل على فصل كل مبادرة للعمل بشكل مستقل. وهي عملية متبعة اليوم في الشركات متعددة الأنشطة، بحيث يصل كل نشاط إلى مرحلة النضج، ومن ثم تقوم الشركة بفصل الأنشطة مع احتفاظ الملاك بحصصهم في الشركة الأم والشركات الجديدة المنفصلة. وبهذه الطريقة يتسنى للأنشطة الناضجة التركيز بشكل أدق على نقاط القوة والضعف الخاصة بها ومعالجتها دون الاعتماد والاتكاء على نجاح مشروع آخر.