مصانع طحن الاسمنت..مشاريع العصر
د/ حسين الملعسي
■ صناعة الإسمنت هي عملية تحويل المواد الخام مثل الحجر الجيري والطين إلى مادة بناء قوية تستخدم في تشي...
لقد اصبح اليوم التقدم في كافة المجالات سريعاً جداً بحيث أن الفرد الذي لا يقوم بتحديث معلوماته أولاً بأول يصبح كالماء الراكد وهذا يذكرني بحال التعليم في الدول العربية الذي ظل كما هو وعلى نفس النمط عشرات السنين واغلب هذه الدول لم تقم بإدخال ما هو جديد في هذا العصر إلى المناهج الدراسية أو حتى تغيير اسلوب وطريقة التعليم وظلت كما هي نفس الطرق ونفس الأساليب يتبعها المدرسون في تعليم الطلاب ليخرج لنا بالنهاية الألوف من المستنسخين والذين لا يستفيدون بما تعلموه شيئاً في حياتهم العملية .
لقد ضاعت أهم سنوات حياتهم في حفظ معلومات قديمة ومعلومات حشرت حشراً فقط حتى يكون هناك كتب دراسية مليئة بالكلمات التي لا معنى لوجدها عدا عن ما تفعله بعقول هولاء الطلاب ، إن مضار هذا الاسلوب لا عد لها ولا حصر .
إن العديد من خريجي الجامعات يشكون من عدم جدوى ما تلقوه من تعليم طوال تلك السنوات حيث يجدون فجوة كبيرة جداً بين النظريات التي تم تلقيها وبين الواقع العملي فيكتشف العديد منهم أنه يحتاج لدخول الكثير من الدورات التأهيلية حتى يستطيع مواكبة التطورات وتحسين الأداة ليستطيع الدخول لسوق العمل الذي صار يشترط الكثير .
آن لنا أن نقف ونعيد النظر ونقوم بخطوات عملية لتغيير هذا الاسلوب التعليمي بكل ما فيه والتفكير باساليب تتوافق ومتطلبات العصر وتواكب التطورات السريعة بالعالم .
لقد كتب الدكتور محمد بدرة في مقدمة كتابه التعلم السريع : منذ سنين وأنا أعمل في مجال التعليم والتدريب ومن بين أهم اهتماماتي كان : كيف نستطيع زيادة فاعلية التعليم في صفوفنا التعليمية؟ وكيف نرفع من استفادة متعلمينا ؟ وخاصة أن نتائج الاستبيانات كانت تأتي بنتائج غير مرضية عن نتائج التدريب.
ولذا نتحدث اليوم عن أهمية التدريب وما يؤثره في سلوك ومهارات الفرد العملية كبديل عن النظام التعليمي برمته.
هناك فرق كبير جداً بين الكلمتين التعليم والتدريب فالتعليم لا يكفي أبدا ً لممارسة العمل في الحياة العملية ويناسب فقط الأشخاص الذين يودون الحصول على وظيفة راكدة تستهلك بقية حياتهم هذا في أحسن الأحوال لأنه في الغالب حتى هذه الوظيفة قد لا يحصلون عليها فما جدوى كل تلك السنوات التي ضاعت على مقاعد الدراسة!!
اما التدريب فيكون معنيا ً بتطوير مهارات لمعارف وعلوم معينة لآداء أنشطة محددة وهذا يؤدي لتغيير سلوك الفرد وقد تحدثت في مقال سابق عن النمذجة السلوكية التي تختصر الكثير من الوقت في تعلم ونقل المهارات من شخص إلى آخر بأسرع وقت ممكن وما يمكن أن تحدثه اتباع هذه الطريقة من ثورة في اسلوب التعليم لو تم تطبيقه بالصورة السليمة فلن نحتاج مع هذه الاساليب التدريبية الحديثة لكل هذه السنوات المهدرة من حياة الأفراد للتعلم وسيكون ما يتم تدريبهم عليه قابل للتطبيق على أرض الواقع فهم هنا لا يدرسون نظريات لن يلمسوا نتائجها في حياتهم.
لذا يعتبر التدريب خياراً استراتيجياً لأي جهة تتطلع الى إعداد كوادر بشرية قادرة على تلبية حاجات العمل ومواكبة التطورات والتغيرات السريعة التي تحدث في مجالات العمل والحياة بشكل عام.
ولقد جاء في أحد المقالات المنشورة في جمهورية مصر العربية يتحدث فيه عن أهمية التدريب ما يلي (( تصدرت التنمية البشرية إحدى أولويات خطط التنمية في مصر ، ويأتي على رأسها تنمية القدرات والمهارات المطلوبة في سوق العمل المحلِّي والخارجي على حدّ سواء بهدف مواجهة البطالة. ويمثل التدريب بمختلف أنواعه، أحد أبرز آليات الاستثمار في رأس المال البشري، خاصةً في ظل الوضع الحالي لسوق العمل المصري وما يعانيه من مشكلات، مثل : ارتفاع معدلات البطالة، وعدم التوافق بين مخرجات العملية التعليمية والاحتياجات الفعلية لسوق العمل، تزامنا مع الارتفاع المستَّمر في عدد السكان في سن العمل، وما ينطوي عليه من زيادة عدد الداخلين الجدد لسوق العمل بشكل مطرد. وبالتالي تتزايد أهمية التدريب كأحد العوامل الفاعلة في تنمية قدرات العنصر البشري والمساعدة في إحداث التوافق بين جانبي العرض والطلب داخل سوق العمل، ومن ثم التخفيف من حدة مشكلة البطالة التي يعاني منها سوق العمل المصري.
لم يعد تدريب المواطنين والعاملين في القطاعات الحكومية والأهلية ترفاً إدارياً قليل الجدوي في ظل ثورة المعلومات الهائلة والتقدم التقني المذهل بل أصبح ضرورة لا غنى عنها، وإذا لم يكن هناك تدريب بصفة دائمة لموظفي قطاع ما، ستصبح قدراتهم محدودة للغاية، ومن ثم سوف يشكلون عبئاً كبيراً على الجهات التي يعملون بها ))
اذا كيف يمكن البدء في ادخال التدريب في العملية التعليمية ليصبح هو البديل عن هذا النظام العتيق ؟؟
ربما من أهم النقاط الأولية التي يجب ملاحظتها هو المستوى التعليمي للمدرس والذي يقوم هو بتطبيق العمل التعليمي حيث يضل الكثير من المدرسين عالقين في الزمن بمعنى أنهم يتخرجون من الجامعة وقد تلقوا هم أنفسهم نفس الطريقة السابقة وربما يضلون طوال سنوات لا يتلقون فيها أي دورة تدريبية تطور من مهاراتهم .
إن ما يجب أن تتنبه له وزارات التعليم في الدول العربية هو المعلم وتدريبه كخطوة أولى وأن تقوم الوزارة باصدار قرار بضرورة أن يحصل المدرس على (رخصة تدريس) لا يحصل عليها إلا بعد تجاوزه لبعض الدورات التدريبية المهمة التي تؤهله في عمله وعلى أن تنتهي صلاحية الرخصة بعد 3 سنوات على الأكثر حيث سيكون بعدها مطالب لتجديد الرخصة الدخول في دورات تدريبية آخرى مواكبة للعصر وتضاف للدورات التي أخذها سابقاً .
ما أود قوله أن المدرس عليه أن يقوم بتحديث معلوماته ومعارفه وقدراته باستمرار والكثير من المدرسين قد يضلون عشرين عاماً وهم على نفس الحال فمن المهم أن تقوم الوزارات التعليمية ومن منطلق واجبها ومسؤوليتها عن القطاع التعليمي أن تلزم هي أيضاً المدرسين بنوع من الدورات التي تؤهلهم تأهيلاً لائقاً كدورات في الأساليب الحديثة في العرض والإلقاء ودورات في التدريس التدريبي و دورات في تطبيقات البرمجة اللغوية العصبية في التدريس ومنها النمذجة السلوكية المتقدمة و دورات في مهارات العمل الجماعي ودورة الممارس المعتمد في التعلّم السريع وغيرها من الدورات الهامة.
هذا النوع من الدورات يؤهل المدرس للقيام بالعمل التعليمي على وجه أفضل ولن يحدث ذلك ما لم يتم فرض الحصول على هذه الدورات وغيرها كشرط للحصول على رخصة تدريس من وزارة التعليم .
إن صناعة جيل يعرف كيف يستثمر قدراته وإمكاناته الداخلية بشكل أمثل ويعرف كيف يستثمر الوقت بأقل طاقة لن يتم إلا عبر تدريب المعلم أولاً لينقل هو هذه المهارات والخبرات بدوره إلى طلابه…. هذا وشكراَ