الدكتور عبدالله الحاج لـ"التنمية برس" : كليات المجتمع هي البوابة المهنية لسوق العمل والتنمية المستدامة تعزز من كفاءة الكوادر الوطنية بمختلف التخصصات

عدن ■ التنمية برس ■ خاص:

 

● رئيس الجهاز التنفيذي الأعلى لكليات المجتمع يدعو لتكاتف الجهود ويستعرض التحديات والطموحات والخطط القادمة في التعليم التقني

● "رؤية متجددة لكليات المجتمع: دعوة للتكامل وترسيخ ثقافة التعليم التقني في اليمن"

● الدكتور عبدالله صالح الحاج: نحتاج إلى شراكة حقيقية لصناعة سوق العمل وبناء كوادر وطنية وسطية ذات كفاءة


▪︎ دعا الدكتور عبدالله صالح الحاج، رئيس الجهاز التنفيذي للمجلس الأعلى لكليات المجتمع لدى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتعليم الفني والتدريب المهني في العاصمة المؤقتة عدن، إلى تكاتف الجهود وتظافر العمل من أجل النهوض بكليات المجتمع في اليمن وتعزيز دورها الحيوي في رفد سوق العمل بكوادر وسطية مؤهلة ومهنية.


وفي تصريح خاص لـ"التنمية برس"، أوضح الدكتور الحاج أن القانون رقم (5) لسنة 1995م المتعلق بكليات المجتمع، يحدد مهام المجلس الأعلى في رسم السياسات العامة لهذه الكليات الحكومية والخاصة، تحت إشراف مباشر من معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتعليم الفني والتدريب المهني، وعضوية ممثلين عن الوزارات المختصة وثمانية أعضاء من الغرف التجارية.


وأكد أن كليات المجتمع جاءت لتلبي احتياجات سوق العمل من الكوادر المتوسطة، حيث تمتد الدراسة فيها لثلاث سنوات يمنح الطالب بعدها دبلومًا تقنيًا. وبيّن أن مخرجات كليات المجتمع لا تُوجَّه للخدمة المدنية، بل تُعد لسوق العمل كرافد مهني أساسي.
 

وفي هذا السياق، أشار الدكتور الحاج إلى أن فكرة كليات المجتمع مستمدة من النموذج الأمريكي، مع تطبيق نظام "التكسير" الذي يسمح للطالب الخريج من كلية المجتمع بمواصلة دراسته في أي جامعة خاصة من المستوى الثالث، شريطة تحقيقه أهداف الكلية ومتطلبات سوق العمل، ومنها العمل لمدة سنتين قبل التقدم لنيل درجة البكالوريوس.

مسارات أكاديمية مرنة

وأوضح الحاج أن برنامج بكالوريوس التعليم التقني – على سبيل المثال – لأصحاب تخصص السيارات يستمر ثلاث سنوات، يُدرس فيها الطالب ست مواد تخصصية في كل من الفصل الأول والثاني من السنة الرابعة، ما يفتح أمامه المجال لمواصلة الدراسة العليا في الماجستير ضمن نفس التخصص. مشيرًا إلى أن الجهاز يتمتع بالاستقلال المالي والإداري، ما يمنحه مرونة كبيرة في التطوير.

من التوظيف إلى الريادة... صناعة فرص العمل بدلاً من انتظارها

وأكد الدكتور الحاج أنه تم تطوير رؤية كليات المجتمع لتصبح "صناعة سوق العمل"، موضحًا أن "خريج التكييف والتبريد لا يُطلب منه فقط العمل في ورشة، بل إنشاء ورشة خاصة به، والبحث عن تمويل ومصادر دعم لتحقيق الاستقلالية المهنية والريادة" وأضاف: "نعمل على إنشاء نظام تعليمي مرن وقابل للتطوير، وتشجيع الكليات على إنشاء معاهد ومراكز تدريب لتلبية احتياجات المجتمعات المحلية".

 

التحديات الإلكترونية وضعف الإقبال

وفي ما يتعلق بالتحول الرقمي، قال الدكتور عبدالله الحاج إن الجهاز قام بفتح البوابة الإلكترونية الرسمية لكليات المجتمع في عام 2022م، غير أن الإقبال لا يزال ضعيفًا بسبب مشاكل الإنترنت وانخفاض الوعي التقني لدى كثير من الطلاب.


واستشهد بحالة كلية المجتمع في عدن التي استقبلت 600 طالب في أول عام لها، وهو رقم تحقق أساسًا بسبب قرب موقع الكلية من أماكن إقامة الطلاب، بحسب استبيان أجاب عليه 98% من الطلاب، وليس بسبب سمعة الكلية أو جودة تخصصاتها، والسبب يعود إلى الظروف الاقتصادية وصعوبة المواصلات.

"صناعة سوق العمل"

وأضاف الحاج أن الجهاز طور رؤيته لكليات المجتمع من مجرد مؤسسات تعليمية إلى جهات تصنع فرص عمل حقيقية، حيث يتحول خريج التكييف والتبريد مثلًا من عامل في ورشة إلى مؤسس لها، مع ضرورة البحث عن مصادر تمويل من الجهات المختصة.


وشدد على أن الجهاز يسعى إلى تأسيس نظام تعليمي يتميز بالمرونة ويواكب تطورات السوق المحلي، مع إمكانية إنشاء مراكز تدريب ومعاهد تابعة لكليات المجتمع لتأهيل الشباب بما يتناسب مع المتطلبات الفعلية للمجتمع المحلي وسوق العمل.

 

التوسع الجغرافي رغم التحديات

وأكد الدكتور الحاج أن نقل الجهاز من صنعاء إلى عدن لم يكن سهلًا، إذ واجه تحديات كبرى أبرزها غياب قاعدة البيانات والكادر البشري، وانعدام الموازنة التشغيلية، وهو ما اضطر الجهاز للانطلاق من الصفر عام 2017م.


ورغم الصعوبات، نجح المجلس الأعلى لكليات المجتمع في إصدار قرارات جمهورية بإنشاء كليات جديدة في مديرية المضاربة (لحج)، وعتق (شبوة)، وفي عام 2019م بأبين وتعز ومأرب.

مفارقات تعليمية لافتة

ولفت الحاج إلى أنه لم يتم إنشاء أي كلية مجتمع خاصة في المحافظات المحررة منذ عام 2017م، باستثناء الكلية التطبيقية للعلوم والتكنولوجيا التابعة لجامعة العلوم والتكنولوجيا بعدن، وفرع لها في تعز وآخر في مأرب، ثم الكلية الوطنية.


في المقابل، توجد في صنعاء وحدها 44 كلية مجتمع خاصة، ما يعكس فجوة كبيرة في توزيع هذا النوع من التعليم الحيوي بين الشمال والجنوب.

تخصصات حديثة تلبي احتياجات السوق

وأوضح الدكتور الحاج أن من بين أبرز التخصصات التي تم افتتاحها في كليات المجتمع: الكوافير، والتخدير، والأمن السيبراني، وهندسة المعدات الطبية، والتحكم الصناعي، والطوارئ والإسعافات الأولية.
 

وقال: "الصين تمنحنا 40 منحة دراسية، لكنهم يطالبون بإضافة 40 طالبًا إضافيًا كل عام، الأمر الذي لم يتم استكماله بعد".

ثقافة الجودة والالتزام المؤسسي

ورأى الحاج أن تطبيق الجودة في أي مؤسسة تعليمية يتطلب دعمًا حقيقيًا من الإدارة العليا، مشيرًا إلى أن إعادة الاعتبار للتعليم الفني والتقني تبدأ من اهتمام الحكومة ومؤسسات الدولة، بحيث يصبح من المعتاد أن يقوم رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء بزيارة كلية مجتمع، أو أن يصدر وزير الخدمة المدنية تصريحًا رسميًا يعزز من مكانتها.

 

وتكمن رؤية الجهاز التنفيذي للمجلس الأعلى لكليات المجتمع الريادة في تقديم وتخريج الكوادر التقنية الوسطية ذات الكفاءة العالية والمهارة الملبية لاحتياجات سوق العمل المحلي والإقليمي، وفق معايير الجودة، من خلال كليات المجتمع الحكومية والخاصة.

ويسعى الجهاز التنفيذي عبر رسالته التوسع في إنشاء كليات المجتمع في مختلف المحافظات، وتوفير متطلبات تشغيلها من تجهيزات حديثة، وكوادر أكاديمية وإدارية مؤهلة، واستحداث تخصصات نوعية، وتطوير المناهج لتخريج كوادر تقنية تلبي احتياجات السوق المحلي والإقليمي وتتماشى مع معايير الجودة.

شكر وتقدير ودعوة وطنية

وقبل الختام، وجه الدكتور عبدالله صالح الحاج شكره وتقديره لمؤسسة العون للتنمية لدعمها المستمر لكلية المجتمع (سيئون)، كما أشار إلى تفعيل كلية المجتمع (سقطرى)، مؤكدًا أن خطط الجهاز جميعها موثقة ودقيقة.


وفي ختام حديثه، وجه الدكتور الحاج دعوة وطنية لكافة الطلاب والطالبات للالتحاق بكليات المجتمع، لما لها من أهمية على الصعيد الشخصي والمهني، باعتبارها كليات تطبيقية تمنح فرص عمل حقيقية وتخفف من الضغط على الوظائف الحكومية.
ودعا في كلمته رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس الحكومة إلى إيلاء التعليم التقني العناية القصوى باعتباره ركيزة مهمة للتنمية المستدامة.